محمد بن سلمان… قائد ريادي يدرك الواقع ويستشرف المستقبل

محمد بن سلمان… قائد ريادي يدرك الواقع ويستشرف المستقبل

يتمتع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، رئيس مجلس الوزراء، باحترام وتقدير شخصي كبير لم يعد منحصرًا في الداخل السعودي بل يمتد للشعوب العربية والإقليمية والإسلامية، وتم تفضيل نهجه الإصلاحي الكبير في كافة المجالات ورؤيته الطموحة في تمكين الشباب والمرأة ونظرته السياسية الفاحصة تجاه أمن واستقرار المنطقة والعالم. واستطاع الأمير محمد بن سلمان خلال خمس سنوات فقط أن يدخل تغييرات جذرية وإصلاحات هيكلية ساهمت في إعادة اكتشاف المملكة والتعريف بها واستعراض مكامن قوتها بما تمتلكه من مقومات اقتصادية وطبيعية واجتماعية وتاريخية وثقافية.

المملكة العربية السعودية اليوم بقيادة حكيمة تضع نفسها في موقع ريادي مرموق كأنموذج قادر على تجاوز كل التحديات مهما بلغت ضراوتها ومستوى شدتها في وقت تعيش فيه العديد من الدول وسط أجواء من عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي.

ففي عام 2015 اختارته مجلة السياسة الخارجية الأميركية، «فورين بوليسي»، في قائمة القادة الأكثر تأثيراً في العالم، ضمن قائمتها السنوية لأهم 100 مفكِّر في العالم. وفي عام 2018، اختار الشباب العربي، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، نائب رئيس مجلس الوزراء، الشخصية الأكثر تأثيراً في استطلاع رأي شمل آراء الشباب والشابات في 16 دولة بمنطقة الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا. كما حصل على لقب الشخصية العربية الأبرز للعام 2021، وفق استطلاع رأي أجراه موقع RT الروسي، وفي العام ذاته منحته الجامعة العربية شهادة «درع العمل التنموي». وفي 4 أبريل 2022، أعلن الموقع الإلكتروني لمركز الأبحاث الأسترالي طبقاً لنتائج الاستطلاع، أن شعبية الأمير محمد بن سلمان في إندونيسيا تتفوق على شعبية رئيس الولايات المتحدة جو بايدن، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جين بينغ.

يعد مشروع «رؤية المملكة 2030» الذي طرحه في 25 أبريل عام 2016، من المشروعات الرائدة في المملكة، ويهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، وتنفيذ إصلاحات هيكلية لإخراج المملكة من اقتصادها المعتمد على النفط، وفتح مجالات لمصادر متنوعة من الدخل، وأنواع متعددة من الاستثمارات في المملكة. وبدأت إنجازات ولي العهد السعودي تتوالى منذ إعلان رؤية 2030، والتي كان من شأنها أن تضع السعودية على طريق القوة لرؤية الإمكانات الفريدة التي تتمتع بها المملكة لإحياء الماضي وتطوير الحاضر ودعم المستقبل، وقامت أهم تلك الإنجازات على 3 محاور أساسية ضمن مستهدفات رؤية 2030 وهي: «وطن طموح، واقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي».

وفي لقاء مطول مع مجلة ذا اتلانتك الأمريكية تحدث الأمير محمد بن سلمان عن عدة قضايا داخلية وخارجية، فعلى المستوى الخارجي قال الأمير محمد في هذا اللقاء فيما يتعلق بإسرائيل ” لا ننظر إلى إسرائيل كعدو، بل حليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى إلى تحقيقها معا، لكن يجب أن تحل المشكلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك”. تحدث الأمير محمد بن سلمان عن العلاقات السعودية الإيرانية قائلا :” إنهم جيراننا ليس بإمكاننا التخلص منهم، وليس بإمكانهم التخلص منا، لذا فإنه من الأفضل أن نحل الأمور ونبحث عن سبل للتمكن أو لنتمكن من التعايش”. وحينما سأل الأمير محمد عن العلاقات السعودية القطرية ، أجاب : ” لدينا علاقات رائعة ومذهلة مع قطر والشيخ تميم شخص رائع وقائد رائع”.

وعندما سئل الأمير محمد بن سلمان ماهي المصالح الأمريكية في المملكة العربية السعودية؟ أجاب قائلا:”أنا لستُ أمريكيًّا، لذا لا أعرف إذا كان لدي الحق في الحديث عن المصالح الأمريكية أم لا، ولكنني أعتقد أن أي دولة في العالم لديها مصالح أساسية: اقتصادية، وسياسية، وأمنية، وهذا هو الأساس الرئيس الذي تقوم عليه السياسة الخارجية لأي دولة، كيف يمكنني دفع عجلة اقتصاد دولتي؟ وكيف يمكنني تعزيز أمنها؟ وكيف يمكنني تعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية، للتأكد من أن دولتي آمنة، وللتأكد من أن دولتي تنمو، ولديها المزيد من فرص الاستثمار والتجارة، لذا أعتقد أن هذه هي مصالح أمريكا، التي تتطلب فِعل ما ذكرته سابقًا.

إن السعودية عضو في مجموعة العشرين، بإمكانك رؤية ترتيبنا قبل 5 سنوات، كنَّا قريبين من المرتبة 20، أما اليوم فنحن على وشك الوصول إلى المرتبة 17 بين دول مجموعة العشرين، ونطمح للوصول إلى مرتبة أعلى من المرتبة 15 بحلول 2030 ونحن في عام 2021، فعلى سبيل المثال، كان هدفنا هو نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.9%، ونعتقد أننا حققنا نسبة 5.6% في عام 2021، وهذا بالتأكيد يضعنا من بين أسرع الدول نموًّا في العالم، وفي العام المقبل، سينمو الاقتصاد بأكمله بنسبة تقارب 7%.

والسعودية ليست دولة صغيرة، فهي من ضمن دول مجموعة العشرين، وأسرع البلدان نموًّا في العالم، مما يدفعنا إلى التساؤل، أين تكمن الإمكانيات العالمية؟ إنها في المملكة العربية السعودية، وإذا أردت تفويتها، فهناك أشخاص آخرون في الشرق سيكونون سعداء للغاية، وفي الوقت نفسه تحاول صدهم، أنا لا أستطيع فهم ذلك”.

وعندما سئل الأمير محمد عن العلاقات السعودية الصينية، أجاب قائلا:” إن السعودية واحدة من أسرع البلدان نموًّا في العالم، وستُصبح قريبًا جدًّا البلد الأسرع نموًّا في العالم. لدينا اثنان من أكبر عشرة صناديق في العالم، والمملكة تمتلك واحدة من أكبر الاحتياطيات بالعملة الأجنبية في العالم، والسعودية لديها القدرة على تلبية 12% من الطلب على البترول في العالم، والسعودية تقع بين ثلاثة مضائق بحرية: مضيق السويس ومضيق باب المندب ومضيق هرمز، وتطل على البحر الأحمر والخليج العربي، ويمر من خلالها 27% تقريبًا من التجارة العالمية، وإجمالي الاستثمارات السعودية في أمريكا هو 800 مليار دولار، وفي الصين، حتى هذا الوقت، استثمرنا أقل من 100 مليار دولار، ولكن يبدو أنها تنمو هناك بسرعة كبيرة، كما أن لدى الشركات الأمريكية تركيز كبير على المملكة العربية السعودية إذ لدينا أكثر من 300 ألف أمريكي في السعودية، وبعضهم يحملون كِلا الجنسيتين، ويقيمون فيها، والعدد يزداد كل يوم، لذا فالمصالح واضحة، والأمر يعود لكم سواء كنتَ تريد الفوز بالسعودية أو الخسارة.

وحينما سأل الأمير  محمد بن سلمان عن الملكية الدستورية، أجاب ” هذا لن ينجح فقد تم تأسيس المملكة على الملكية المطلقة، الآلاف من الأنظمة تحتها من شيوخ قبائل ورؤساء مراكز وهجر، وكذلك الأسرة المالكة السعودية التي أمثلها، والشعب السعودي الذي أمثله، فهذه الآلاف من الأنظمة يعد ملك المملكة العربية السعودية هو قائدها وهو من يحمي مصالحها، وهؤلاء يشكلون 13 إلى 14 مليون سعودي من بين 20 مليون سعودي تقريبًا، لذا لا يمكنني شن انقلاب على 14 مليون مواطن سعودي”.

وحينما سأل الأمير محمد بن سلمان عن التطرف، أجاب :” تلعب جماعة الإخوان المسلمين دورا كبيرا وضخما في خلق كل هذا التطرف، وبعضهم يُعد كجسر يؤدي بك إلى التطرف، وعندما تتحدث إليهم لا يبدون وكأنهم متطرفون، ولكنهم يأخذونك إلى التطرف، فعلى سبيل المثال: أسامة بن لادن والظواهري كانا من الإخوان المسلمين، وقائد تنظيم داعش كان من الإخوان المسلمين، ولذلك تعد جماعة الإخوان المسلمين وسيلة وعنصرا قويا في صنع التطرف على مدى العقود الماضية، ولكنَّ الأمر لا يقتصر على جماعة الإخوان المسلمين فحسب، بل خليط من الأمور والأحداث، ليس فقط من العالم الإسلامي، بل حتى من أمريكا التي بخوضها حربًا في العراق أعطت للمتطرفين فرصة سانحة، كما أن هناك بعض المتطرفين في السعودية ليسوا من جماعة الإخوان المسلمين وقد لعبوا دورًا في ذلك، خاصة بعد قيام الثورة في إيران عام 1979م، ومحاولة الاستيلاء على المسجد الحرام بمكة المكرمة.

أما في ما يخص الشيخ محمد بن عبدالوهاب، فهو كسائر الدعاة وليس رسولًا، بل كان داعية فقط، ومن ضمن العديد ممن عملوا من السياسيين والعسكريين في الدولة السعودية الأولى، وكانت المشكلة في الجزيرة العربية آنذاك أن الناس الذين كانوا قادرين على القراءة أو الكتابة هم فقط طلاب محمد بن عبدالوهاب، وتمت كتابة التاريخ بمنظورهم، وإساءة استخدام ذلك من متطرفين عديدين، ولكنني واثق لو أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، والشيخ عبدالعزيز بن باز، ومشايخ آخرين موجودون الآن، فسيكونون من أول الناس المحاربين لهذه الجماعات المتطرفة الإرهابية، والحقيقة في الأمر هي أن تنظيم داعش لا يستخدم شخصية دينية سعودية كمثال يتبعه، ولكن عندما تموت هذه الشخصية، يبدأ عناصر داعش بعد ذلك باقتطاع كلماتهم من سياقها، دون النظر لظروف الزمان والمكان التي صدرت بها.

الشيخ محمد بن عبدالوهاب ليس السعودية، فالسعودية لديها المذهب السنّي والشيعي، وفي المذهب السنّي توجد أربعة مذاهب، ولدى الشيعة مذاهب مختلفة كذلك، ويتم تمثيلها في عدد من الهيئات الشرعية، ولا يمكن لشخص الترويج لأحد هذه المذاهب ليجعلها الطريقة الوحيدة لرؤية الدين في السعودية، وربما حدث ذلك أحيانًا سابقًا؛ بسبب أحداث قلتها لكم من قبل، خاصة في عقدَي الثمانينات والتسعينات، ومن ثم في أوائل القرن الحادي والعشرين، لكن اليوم نحن نضعها على المسار الصحيح كما قلت من قبل، فنحن نرجع إلى الأساس، إلى الإسلام النقي، للتأكد من أن روح السعودية القائمة على مستوى الإسلام، والثقافة، والقبيلة، والبلدة أو المنطقة، هي تخدم الدولة، وتخدم الشعب، وتخدم المنطقة، وتخدم العالم أجمع، وتقودنا إلى النمو الاقتصادي، وهذا ما حصل في السنوات الخمس الأخيرة، ولذلك في يومنا هذا، أنا لا أقول إننا قد نفعل ذلك (العودة للإسلام النقي). وربما لو عملنا هذا اللقاء في 2016م، قد تقولون: إن ولي عهد السعودية يضع افتراضات، ولكننا فعلنا ذلك، وترونه الآن بأعينكم في السعودية، تعالوا فقط وتفقدوا الوضع، وانظروا إلى فيديوهات للسعودية قبل ستة أو سبعة أعوام، فقد فعلنا الكثير، ولاتزال هنالك أمور باقية لنفعلها، وسنعمل على فعلها.

وحينما سأل الأمير محمد بن سلمان عن مشروع 2030م ، أجاب قائلا:” هناك العديد من الناس الذين يريدون أن يتأكدوا من أن مشروعي، مشروع السعودية اليوم رؤية 2030 يفشل، ولكنهم لن يستطيعوا المساس به، ولن يفشل أبدًا، ولا يوجد شخص على هذا الكوكب يمتلك القوة لإفشاله، يمكنك إبطاؤه بنسبة 5%، هذا أكثر ما تستطيع فعله، ولكن أكثر من ذلك لا يستطيع أحد فعل شيء، ولا أريد أن أوجه اتهامات لأحد، فهناك مجموعات قليلة يستطيع أي شخص يمتلك معرفة جيدة أن يحدد الصلة بين تلك المجموعات في الغرب، والمجموعات في الشرق الأوسط، الذين لديهم مصالح في أن يرونا نفشل”

مما لاشك فيه أن هذه المقابلة كانت حافلة بالمضامين والرسائل التي تم طرحها بكل قناعة وواقعية..قائد طموح يدرك أهمية الإرث التاريخي لبلاده وعلاقاتها الخارجية وركائز استقراراها ضمن نظرة مستقبلية تواكب العصر وتنطلق بالمملكة نحو مزيد من التنمية والتطور”. فقد انطوى حديث الأمير محمد بن سلمان على تشخيص صريح وشامل للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وكيفية البناء على مكامن القوة ومعالجة التحديات بحكمة ودراية بآليات التغيير الإيجابي..الأمير محمد بن سلمان يخاطب العقل بمنطق الواثق بأن الأوطان تُبنى بالعمل والإنجاز واستشراف المستقبل.

 خلاصة القول يعد الأمير محمد بن سلمان شخصية استثنائية، ليس على مستوى المنطقة فحسب؛ بل على مستوى العالم، ويمثل برؤيته العميقة ونهجه الإصلاحي ونظرته الاستراتيجية للسياسة الخارجية وأزمات المنطقة محورًا في حاضر ومستقبل صناعة القرار السياسي والاقتصادي إقليميًا ودوليًا.

وحدة الدراسات الخليجية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية