في الثاني من كانون الأول/ديسمبر، أقرّ “مجلس الشورى” الإيراني تشريعاً جديداً بعنوان “خطة العمل الإستراتيجية لرفع العقوبات وحماية مصالح الأمة الإيرانية”، يدعو إلى اتخاذ خطوات جديدة جوهرية على الصعيد النووي. وعلى وجه التحديد، إذا لم يتمّ رفع العقوبات خلال الشهرين المقبلين، سيتعين على الحكومة بموجب هذا القانون التقليل من امتثالها للقيود المنصوص عليها في «خطة العمل الشاملة المشتركة» لعام 2015 والتوقف عن التطبيق الطوعي لـ”البروتوكول الإضافي” الصادر عن “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، من بين إجراءات أخرى.
ورداً على التشريع، جاءت رسائل المسؤولين الحكوميين الموجهة إلى الجمهورين الأجنبي والمحلي متباينة للغاية. ففي خطاب عبر الفيديو أدلى به خلال مؤتمر “حوارات البحر الأبيض المتوسط” في روما، صرح وزير الخارجية محمد جواد ظريف أنه إذا اجتازت خطة العمل “جميع المراحل القانونية”، ستضطر الحكومة إلى الامتثال لها. وأشار أيضاً إلى أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول الموقعة على «خطة العمل الشاملة المشتركة» يمكنها منع هذه النتيجة إذا “وفت بالتزاماتها”.
لكن في إيران، توجّه الرئيس حسن روحاني إلى “مجلس الشورى” قائلاً: “لا تتسرعوا! دعونا نقوم بعملنا!”. كما طلب “المشورة” من جميع فروع النظام الأخرى، لكنه قال لهم بالمثل: “دعونا نقوم بعملنا بحذر”.
ولا تُعتبر نبرة روحاني المتغطرسة، بل الهجومية إزاء المجلس جديدة، وهي توفّر تفاصيل إضافية حول الثقل السياسي المحلي للبرلمان – أو غيابه. وقد أوضح الرئيس أنه من وجهة نظره، لا يضطلع “مجلس الشورى” بدور مهم في صنع القرارات أو في رسم معالم مقاربة البلاد فيما يتعلق بالبرنامج النووي أو قضايا السياسة الخارجية الرئيسية الأخرى. حتى أنه كان أكثر صراحةً من ظريف في قوله إن إيران ستتجاهل القانون الجديد إذا أظهرت الولايات المتحدة وأوروبا التزامهما بـ «خطة العمل الشاملة المشتركة». وقد يكون هذا الرفض مُبرّراً إذا كان التاريخ الحديث يمثل أي مؤشر. ففي عام 2015 على سبيل المثال، هدّد بعض أعضاء المجلس بعدم الموافقة على «خطة العمل الشاملة المشتركة» الجديدة التي تفاوضت حولها حكومة روحاني آنذاك. لكن عندما وجّه المرشد الأعلى علي خامنئي رسالة مفادها أنه عليهم الموافقة عليها بسرعة، امتثل البرلمان له في أقل من 20 دقيقة، مع تصويت بعض الأعضاء عليها دون قراءتها.
ومن غير المرجح أن يكون روحاني قد قلّل من شأن القانون الجديد من دون أن يكون مطّلعاً إلى حدّ ما أو لديه توقعات بشأن موقف المرشد الأعلى بهذا الخصوص. وواقع أنه تم ّتمرير القانون لا يعني بالضرورة أن خامنئي عازم على تطبيق أحكامه. فكثيراً ما يسمح المرشد الأعلى للسلطتين التشريعية والتنفيذية بالتصادم علناً بهذه الطريقة في سبيل إضعافهما وتقويض سلطتهما واستقلاليتهما. علاوةً على ذلك، عندما يتعلق الأمر بمسائل السياسة الأساسية مثل البرنامج النووي، غالباً ما يدلي بتصريحات علنية تختلف عن غاياته المنشودة، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى تجنب تحمل المسؤولية العامة إذا كانت هذه السياسات غير مواتية.
ومع ذلك، عند النظر في الضبابية التي تخيّم على السياسات الداخلية للنظام، يبدو أن أحد الاستنتاجات حول القانون الجديد واضحاً: خامنئي متردد في اتخاذ أي خطوات لا يمكن الرجوع عنها، والتي يمكن أن تحفّز المزيد من الضغط الاقتصادي على إيران أو تطيح بعرض مستقبلي قد تقدّمه إدارة بايدن لإجراء مفاوضات. ويفسر هذا الحساب على الأرجح رد الفعل الخامد للنظام على اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده مؤخراً، والذي طالب العديد من المتشددين بالانتقام له. وحتى الآن تجاهل خامنئي هذه المطالب، مما يشير إلى موقفه الحذر من الإدارة الأمريكية المقبلة واستماتته من أجل تخفيف العقوبات.
مهدي خلجي
معهد واشنطن