الحشد الشعبي يدشّن عملية تصفيات داخلية بعد استشراء الخلافات بين فصائله

الحشد الشعبي يدشّن عملية تصفيات داخلية بعد استشراء الخلافات بين فصائله

تفكيك ميليشيا الخراساني وملاحقة كبار قادتها، وإن وضعا تحت عنوان تطبيق القانون وفرض الانضباط، إلا أنهما لا يحجبان استشراء الخلافات واشتداد الصراعات بين الفصائل المشكّلة للحشد الشعبي على المكاسب المالية وغيرها، حتّى أن تعايش بعض تلك الفصائل داخل الهيئة الجامعة لها لم يعد متاحا، فتم اللجوء إلى أسلوب الشطب والإلغاء على قاعدة البقاء للأقوى سلاحا والأكثر نفوذا سياسيا.

بغداد – أعلنت هيئة الحشد الشعبي في العراق، الأربعاء، عن إغلاق ستة من المقرات التابعة لها في العاصمة بغداد بسبب “مخالفات للضوابط والتعليمات”، بينما تحدّثت مصادر عراقية مطلّعة عن عملية تصفية وتفكيك لسرايا الخراساني إحدى أشرس الميليشيات الشيعية وأسوئها سمعة، بعد أن أصبحت في حالة تمرّد تام على هيئة الحشد التي تنتمي إليها صوريا، وبعد انخراط قادة هذا الفصيل في عمليات قتل وخطف واستيلاء على الأموال الخاصّة والعامّة باستخدام السلاح.

كما تحدّثت المصادر عن دخول كلّ من الأمين العام الحالي للسرايا علي الياسري والآمر السابق للفصيل حامد الجزائري، في تنافس مع قادة ميليشيات أخرى على جمع الإتاوات من محالّ تجارية بينها مراقص ليلية وخمّارات في بغداد، ما عجّل بعملية الإطاحة بالياسري والجزائري.

وشهدت مناطق متفرّقة من بغداد، مطلع هذا الأسبوع انفجار عبوات ناسفة أمام متاجر لبيع الخمور، لم تستبعد المصادر ارتباطها بالتنافس بين الميليشيات المتربّحة من هذا القطاع الذي يحتاج العاملون فيه دائما إلى حماية تلك الفصائل.

وقالت هيئة الحشد الشعبي في بيان صحافي، إنّ “مديرية أمن الحشد قامت خلال الأيام الماضية بإغلاق ستة مقرات إدارية وعسكرية مخالفة للضوابط والتعليمات في منطقتي الكرادة والجادرية” وسط بغداد. وأشارت إلى أنه تم اعتقال عدد من المخالفين للأنظمة والقوانين من قوات الحشد.

ولا يعرف عن الفصائل المشكّلة للحشد الشعبي انضباطها لقوانين الدولة العراقية ونظمها، على الرغم من إدخالها بشكل صوري تحت إمرة القائد العام للقوات المسلّحة الذي هو رئيس الوزراء. ومع ذلك كثيرا ما تستخدم تهمة مخالفة الأنظمة والقوانين ذريعة لتصفية الحسابات بين الفصائل، وخصوصا ضرب الفصائل الصغيرة المتمرّدة من قبل الفصائل الأكثر قوّة ونفوذا.

ولم يذكر البيان أي تفاصيل حول هذه المخالفات، لكنه قال إنّ “الإجراء يعد روتينيا ويأتي ضمن توجيهات قيادة الحشد التي تدعو إلى محاسبة كل من يخالف النظام”.

ونفت الهيئة أن يكون إغلاق المقرات واعتقال المخالفين جاء لأسباب سياسية أو جنائية، مشددة على أن الأمر يتعلّق بـ”عمليات انضباطية”. وتداول إعلام محلي، الأحد والاثنين، قيام قوات أمن الحشد الشعبي بعمليات مداهمة لمقرات فصيل سرايا الخراساني التابع للحشد وسط بغداد واعتقال 30 من عناصر الفصيل.

ووفق الأنباء فإن من بين المعتقلين الأمين العام لسرايا الخراساني علي الياسري المتهم من هيئة الحشد بـ”فساد مالي”، والآمر السابق للفصيل حامد الجزائري.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، كانت هناك مطالبات شعبية وسياسية بإبعاد مقرات الحشد عن المناطق المأهولة داخل المدن والبلدات، وذلك بعد تسجيل حوادث انفجار ذخائر في مخازن أسلحة داخل هذه المقرات.

وتتبع قوات الحشد الشعبي، التي تشكلت في العام 2014 لمحاربة تنظيم داعش عقب اجتياحه لمناطق واسعة من شمال وغرب العراق، للقوات المسلحة العراقية بشكل صوري وإجرائي، لكنّ تبعيتها الحقيقية هي لقادتها المقربين من إيران، بدليل انخراطها في عمليات ضدّ السفارة الأميركية في بغداد وضدّ قوات التحالف الدولي المشارك في حرب داعش بقيادة الولايات المتحدة، بشكل يتناغم مع الأجندة الإيرانية ويتضارب بالكامل مع المصلحة العراقية.

ويشار إلى أن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، أصدر في سبتمبر الماضي أمرا بإعفاء حامد هادي الجزائري من مهام آمر اللواء الثامن عشر وتعيين أحمد محسن مهدي الياسري في مكانه.

وكانت سرايا الخراساني قد نفت مؤخرا علاقتها بالجزائري، مؤكدة عدم منحه صفة الأمين العام للسرايا “لا سابقا ولا لاحقا”.

وسرايا الخراساني محسوبة ضمن الحشد الولائي التابع لإيران وهي مرتبطة بشكل وثيق بالحرس الثوري الإيراني الذي سبق له أن استخدمها في القتال بسوريا إلى جانب قوات النظام السوري، وخلال مشاركتها في عمليات استعادة مناطق شمال وغرب العراق من تنظيم داعش عرفت بسوء سمعة مقاتليها وقادتها حيث انخرطت في عمليات نهب لأموال وممتلكات السكان وارتكبت عمليات خطف وقتل للمدنيين على خلفيات طائفية.

كما سبق لسرايا الخراساني أن اصطدمت مع القوات العراقية في العديد من المناسبات أشهرها هجومها سنة 2016 على تجمّعات الشرطة الاتّحادية في مدينة بلد بمحافظة صلاح الدين بهدف إطلاق سراح معتقلين تابعين لها. وقد أوقعت المواجهة قتلى ومصابين من الجانبين.

ويذكر الخبير العسكري العراقي أحمد الشريفي أنّ لسرايا الخراساني خصوصية واستقلالية عن الحشد الشعبي بوصفها فصيلا قاتل تحت مظلته ولكنها ربما لا تكون ملتحقة به على المستوى الإداري، وغير مستبعد ارتباط عمليات التوقيف الأخيرة بـ”أبعاد سياسية لمعالجة رؤى وتوجهات هذا الفصيل”.

العرب