بعدما اتهمها وزير الخارجية الأميركي.. ترامب يبرّئ روسيا ويقلل من خطورة الهجوم السيبراني

بعدما اتهمها وزير الخارجية الأميركي.. ترامب يبرّئ روسيا ويقلل من خطورة الهجوم السيبراني

قلل الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت من خطورة الاختراق السيبراني الذي تعرضت له مؤسسات فدرالية حساسة بالولايات المتحدة، مشككا في اتهام روسيا بالمسؤولية عنه، وذلك بعد ساعات من اتهام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو موسكو بالوقوف وراء الاختراق.

وغرّد ترامب قائلا “الاختراق الإلكتروني تم تضخيمه كثيرا في الإعلام الكاذب، وقد تم إعلامي وكل شيء تحت السيطرة”، وشكك الرئيس الأميركي في اتهام مسؤولين أميركيين لموسكو بالتورط في تنفيذ هذا الهجوم، وقال إن “وسائل الإعلام تتهم روسيا كلما حدث شيء لأسباب مالية غالبا”.

وجاء أول تعليق من ترامب على الهجوم الإلكتروني بعد ساعات قليلة من توجيه وزير الخارجية الأميركي بومبيو الاتهام لروسيا بالمسؤولية عن الاختراق السيبراني الذي وصفه بالواسع والمعقد.

وأضاف بومبيو -في برنامج “ذا مارك ليفين شو” (The Mark Levin Show)- إن الهجمات الإلكترونية الواسعة “كانت كبيرة للغاية، وأعتقد أنه يمكننا الآن أن نقول بشكل واضح جدا إن الروس انخرطوا في هذا النشاط”.

ترامب والصين
في المقابل، تحدّث الرئيس ترامب عن احتمال وقوف الصين وراء الهجوم الإلكتروني الواسع، وقال في تغريدة “الإعلام يعاند في مناقشة احتمال أن تكون الصين وراء الاختراق الإلكتروني، وقد تكون كذلك”.

وتعاكس تصريحات ترامب المقللة من خطورة الهجوم السيبراني تصريحات مسؤولين حكوميين وخبراء أميركيين، قالوا إن القرصنة التي تعرضت لها وزارات الخارجية والطاقة والأمن الداخلي والخزانة، ربما تكون من أكبر الهجمات السيبرانية في التاريخ الأميركي.

وردا على تصريحات ترامب، قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف إن تغريدة ترامب “خيانة فاضحة للأمن القومي الأميركي”، مضيفا أن ما قاله “كأنه كتب في مقر الكرملين”.

وفي سياق متصل، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” (Wall Street Journal) الأميركية عن مسؤول أميركي استخباري كبير قوله إن التوصل إلى معرفة أبعاد عملية القرصنة الإلكترونية الأخيرة، وتجاوُز تداعياتها يحتاج إلى أشهر، إن لم يكن سنوات.

وأضاف المسؤول أن أبعاد العملية مذهلة وكبيرة بالنظر إلى طبيعتها الحذرة والمتخفية، وقال إن أكثر ما يزعج فيها عدم القدرة حتى الآن على تحديد أنظمة الحاسوب المتضررة بالقرصنة، مشيرا إلى أن التقييم الأولي يظهر عدم وجود أدلة على تأثر الأنظمة السرية بها.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول استخباري سابق لديه عقود من الخبرة في مجال الأمن الإلكتروني، قوله إن استمرار تعرض البلاد للهجمات الإلكترونية دون قدرة على ردعها أمر محير، وإن جميع ما فعلته أي إدارة أميركية لم يسفر عن أي ردع، مضيفا أن البلاد ضعيفة أمام هذا النوع من الهجمات.

حلف الناتو
من ناحية أخرى، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) السبت أن الحلف فحص أنظمته بعد الهجوم الإلكتروني الواسع النطاق على وكالات حكومية أميركية وشركات من القطاع الخاص.

وأضاف أنه لم يتم العثور حتى الساعة على أي دليل على خطر ضد أي من شبكات الناتو، مشددا على مواصلة تقييم الوضع من أجل تحديد وتقليص أي مخاطر محتملة على هذه الشبكات.

وأوردت وكالة رويترز أن تفاصيل جديدة تكشفت تفيد بأن متسللين يُشتبه في أنهم من روسيا، اخترقوا أنظمة مؤسسات في بريطانيا وشركة أميركية لتقديم خدمات الإنترنت وحكومة محلية في ولاية أريزونا.

وقالت مايكروسوفت (Microsoft) -وهي واحدة من آلاف الشركات التي وصلت إليها البرمجيات الخبيثة التي زرعها القراصنة- إنها أخطرت ما يربو على 40 من عملائها، بأن متسللين اخترقوا شبكاتها.

وذكرت أن قرابة 30 من هؤلاء العملاء في الولايات المتحدة، أما البقية ففي كندا والمكسيك وبلجيكا وإسبانيا وبريطانيا وإسرائيل والإمارات، ويعمل معظمهم مع شركات تكنولوجيا المعلومات وبعض مراكز الأبحاث والمنظمات الحكومية.

تجربة تمهيدية
وكان موقع “ياهو نيوز” (Yahoo News) نقل عن مصادر وصفها بالمطلعة، قولها إن القراصنة الذين اخترقوا شبكات فدرالية أميركية، أجروا تجربة تمهيدية على الاختراق عام 2019، مما يدل على أنهم يعملون بشكل منظم.

وأضاف الموقع أن المخترقين زرعوا ملفات ضارة في الأبواب الخلفية لخوادم تحديث برامج شركة “سولار ويندز” (SolarWinds) الأميركية في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وهي الطريقة ذاتها التي استخدموها في ربيع هذا العام، مما سمح لهم بالوصول إلى الأجهزة المصابة، والتعرف على بنية الشبكات، أو تغيير تكوين أنظمتها.

وكان براين مورغنستيران نائب المتحدث باسم البيت الأبيض، صرّح بأن مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين يُجري لقاءات متواصلة مع الجهات الأمنية المعنية، للحد من تبعات الهجوم السيبراني، وقال إنه تم تشكيل فِرقٍ للتعامل مع الهجوم تضم مكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي” (FBI) ووزارة الأمن الداخلي ووكالة الأمن القومي.

وفي سياق متصل، قال مراسل الجزيرة في ديلاوير مراد هاشم إن الرئيس المنتخب جو بايدن كلف فريقا ضمن طاقمه بمتابعة أعمال القرصنة، كما يتلقى بايدن إحاطات من الجهات المكلفة بالتحقيق في هذه الهجمات الواسعة.

وتوعّد الرئيس الأميركي المنتخب الروس بالردّ على الهجمات الإلكترونية الواسعة التي استهدفت مؤسسات أميركية حساسة، من بينها إدارة الأمن النووي.

ففي مقابلة مع قناة “سي بي إس” (CBS) الجمعة، قال بايدن إن إدارته ستحاسب الروس أفرادا وكيانات على الهجمات السيبرانية التي طالت وزارات عدة، بينها الدفاع والأمن الداخلي والخارجية والخزانة وإدارة الأمن النووي، ومؤسسات في القطاعين العام والخاص.

وردا على الاتهامات الأميركية، قال مدير مكتب الجزيرة في موسكو زاور شاوج إن السلطات الروسية تقول إنها لن ترد على تقارير إعلامية أميركية تتهمها بالمسؤولية عن الاختراق السيبراني.

وأضاف أن لهجة موسكو ربما تتغير عقب توجيه اتهام رسمي من واشنطن على لسان وزير الخارجية الأميركي، وذكر مدير مكتب الجزيرة في موسكو أن روسيا ستطلب -كما جرت العادة- من الجانب الأميركي تقديم إثباتات وأدلة على تورطها في هذه العملية.

تعليق بريطاني
من ناحية أخرى، صدر أول تعليق رسمي من بريطانيا على الهجوم السيبراني الكبير في الولايات المتحدة، إذ قال مدير العمليات في المركز الوطني البريطاني للأمن السيبراني بول تشيشستر إن لندن تعمل مع شركائها الدوليين لفهم حجم هذه العمليات وتأثيرها على بريطانيا، واصفا حادث اختراق البرمجيات الأمنية لشركة “سولار ويندز” بالمعقد والعالمي.

وذكر تشيشستر أن استخدام هذه المنظومة من البرمجيات الأمنية لا يعني توفّر حصانة تلقائيا، وأوضح أن المركز الوطني للأمن السيبراني سيعمل على تخفيف أي مخاطر محتملة، داعيا الجميع إلى تتبع الإرشادات التي نشرها المركز على موقعه الإلكتروني. وحثّ تشيشستر المنظمات على اتخاذ خطوات فورية لحماية شبكاتها، مؤكّدا أن المركز سيدلي بالمزيد من المعلومات حال توفرها.

المصدر : الجزيرة + وكالات + الصحافة الأميركية + مواقع التواصل الاجتماعي