استهداف السفارات في العراق: فصائل شيعية تنأى بنفسها ومطالبات سنّية بنزع سلاح الميليشيات

استهداف السفارات في العراق: فصائل شيعية تنأى بنفسها ومطالبات سنّية بنزع سلاح الميليشيات

تسبب الهجوم الصاروخي الذي استهدف المنطقة الخضراء «شديدة التحسين» وسط بغداد، مساء أول أمس، بإصابة منتسب في القوات الأمنية وإلحاق أضرار مادية بمجمعٍ سكني قرب السفارة الأمريكية، وفيما أدانت القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية الهجوم، نأت «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق» بنفسها عنه، في وقتٍ طالب سياسيون سنّة بـ«فرض هيبة الدولة» وسحب السلاح «المُنفلت» من الميليشيات.
وأدان رئيس تحالف «الفتح» الأمين العام لمنظمة «بدر» هادي العامري، استهداف البعثات الدبلوماسية و «إرعاب» المدنيين في بغداد، داعياً القوات الأمنية إلى حفظ الأمن وفرض القانون.
وقال العامري، الذي يترأس ائتلافاً سياسياً يضم أغلب قادة «فصائل المقاومة الإسلامية» الشيعية، في بيان صحافي أمس: «ندين بشدة استهداف البعثات الدبلوماسية وما رافقه من إطلاق نيران عشوائي وإرعاب للمدنيين في بغداد» في إشارة إلى تصدّي منظومة الدفاع الجوي في السفارة الأمريكية للصواريخ.

«غير مبررة»

وأضاف أن «عمليات القصف هذه غير مبررة تحت أي ذريعة كانت، وعلى الأجهزة الأمنية القيام بواجباتها تجاه حفظ الأمن وفرض القانون».
كما حذر رئيس تحالف «عراقيون» عمار الحكيم، من تداعيات استهداف البعثات الدبلوماسية.
وقال في «تغريدة» على «تويتر»: «لقد أكدنا مرارا أن استهداف البعثات الدبلوماسية سيعرض سمعة العراق وهيبة الدولة للتساؤل والتشكيك أمام الرأي العام العالمي، كما أنه يعرض أرواح ساكني ومواطني المناطق المحيطة بها للخطر».

تصرفات فردية

وبين أن «هكذا تصرفات فردية مستنكرة لا يمكن السماح لها أن تعصف بخطوات البلاد نحو تحقيق الأمان والاستقرار».
في حين، دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الحكومة إلى إعلان حالة الطوارئ في بغداد، والاستعانة بالجيش. ويمتلك التيار الصدري جناحاً عسكرياً يحمل اسم «سرايا السلام» جزء منه ضمن «الحشد الشعبي» تحت اسم «لواء اليوم الموعود».
وقال الصدر في «تغريدة» له، إن «تعريض المدنيين للخطر هو ديدن الميليشيات كما خبرناهم سابقاً وبحجة مقاومة الاحتلال».
وأضاف: «ليس من حق أحد استعمال السلاح خارج إطار الدولة. وعلى الحكومة إعلان حالة الطوارئ في بغداد، والاستعانة بالجيش حصراً لحماية المدنيين والبعثات الدبلوماسية، وأنا على أتم الاستعداد للتعاون الأمن في هذا الشأن».

التفاوض

وحثّ الصدر البرلمان على «التفاوض مع السفارة الأمريكية لأجل وضع حد لاحتلالها وتحكمها وتدخلها بالشأن العراقي، بما يحفظ للعراق أمنه».
وتابع: «أنا من جهتي أعتبر كل من يستعمل السلاح خارج نطاق الدولة والقرار العقلاني الإجماعي، اما إرهابي، أو خارج عن الشارع والقانون، وأنصح السفارة الأمريكية بعدم الرد العسكري، والأمني، وترك زمام الأمور للدولة العراقية فهي صاحبة السيادة لا أنتم».

«تصرف غير منضبط»

وفور وقوع الهجوم، تبرأت كل من «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق» منه. وذكرت الكتائب في بيان، إن «قصف سفارة الشر في هذا التوقيت يعد تصرفا غير منضبط، وعلى الجهات المختصة متابعة الفاعلين والقبض عليهم».
وأضافت: «ندين الرمي العشوائي للثكنة العسكرية في السفارة لما تسببه من تهديد حقيقي على حياة المدنيين» مطالبة بـ«إخلاء مظاهر النشاط العسكري الأمريكي في المناطق السكنية الآمنة في بغداد».
الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، قال إن «قرار الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية عدم استهداف السفارة الأمريكية ابتداءً».
وأضاف، في بيان، «أما استهداف قواعد الاحتلال الأمريكي فهو حق مكفول بشرائع السماء وقوانين الأرض، ولن نتنازل عنه تحريراً لبلدنا وانتقاماً لشهدائنا، لكن وقت الرد لم يحن بعد، ولكنه ليس بعيداً».
سنّياً، أدان تحالف «القوى العراقية» بزعامة رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، الهجوم، واصفا إياه بأنه «استهانة بالأجهزة الأمنية».

بعد قصف المنطقة الخضراء وسفارة واشنطن… وبومبيو يتهم وكلاء إيران

وقال التحالف بيان صحافي، إنه «يدين القصف الصاروخي الإرهابي الذي طال المجمعات السكنية في المنطقة الخضراء وتسبب بإصابات بشرية ومادية للممتلكات الخاصة وترويع للمواطنين الآمنين».
وأكد أن «هذه الأعمال الإرهابية إهانة للحكومة وتشويه لهيبة الدولة واستهانة بأجهزتها الأمنية والاستخبارية» مطالبا الحكومة بـ«قرارات جريئة وإجراءات شجاعة لضرب الجماعات المسلحة المنفلتة، ونزع سلاحها وتقديم مرتكبيها وداعميها للقضاء، وفرض هيبة الدولة واحترام تعهدات الدولة لضيوف العراق وبعثاته الدبلوماسية».
كذلك، اعتبر حزب «الحل» بزعامة جمال الكربولي، الهجوم، «إهانة» للحكومة والدولة العراقية، مطالباً بالقبض على من يقف وراء هذه العمليات.
وقال الحزب في بيان، إن «هذا القصف الصاروخي المجرم الذي استهدف المجمعات السكنية في المنطقة الخضراء، تسبب بأضرار بشرية ومادية لممتلكات المواطنين الآمنين».
وأضاف: «استمرار استهداف المنشآت المدنية والحكومية والبعثات الدبلوماسية، يعد إهانة للحكومة والدولة العراقية وقصوراً ملموساً في أداء أجهزتها الأمنية والاستخبارية».
وطالب حزب «الحل» القائد العام للقوات المسلحة بـ«الضرب بيداً من حديد على يد المجاميع والميليشيات المسلحة المنفلتة وتقديمهم للقضاء وإعادة هيبة الدولة وضمان سلامة مواطني وضيوف العراق على حد سواء، وتعويض المتضررين وفقاً للقوانين النافذة».
بالإضافة إلى ذلك، علق المكلف السابق بتشكيل الحكومة والسياسي محمد توفيق علاوي، على القصف الذي شهدته العاصمة بغداد.
وقال علاوي في «تدوينة» إنه «يجب على الحكومة العراقية مواجهة هذه الزمر الإجرامية التي تستهدف أمن البلد بضربها للصواريخ الموجهة نحو المناطق الآهلة بالسكان والبعثات الدبلوماسية».

مفترق طرق

وأضاف: «نطالب الحكومة العراقية ببذل كافة الجهود لكشف الزمر الإجرامية التي تستهين بأرواح المواطنين العراقيين وبأمن البلد وتعتدي على البعثات الدبلوماسية، ونطالبها بضربهم بيد من حديد واعتقالهم ومحاكمتهم وتنفيذ أشد العقوبات بحقهم، فالبلد على مفترق طرق، إما الأمان وإما الدمار والانهيار».

«ملاحقة العصابات»

وسبق لرئاسة الجمهورية أن أدانت الهجوم ودعت، القوات الأمنية إلى ضرورة ملاحقة العصابات الإجرامية.
وقالت الرئاسة في بيان صحافي: «ندين العمل الإرهابي الذي استهداف المنطقة الخضراء» معتبرة أن «استمرار هذه الأعمال الإجرامية تؤدي إلى تعريض أمن وحياة المواطنين الأبرياء وممتلكاتهم إلى الخطر».
وأضافت أن «تلك الأعمال تمثل استهدافاً لسيادة البلد والجهود الوطنية من أجل حفظ هيبة الدولة، كما أنه ينال من سمعة العراق الدولية ومن علاقاته الخارجية، عبر استهداف البعثات الدبلوماسية التي تقع مسؤولية حماية أمنها وسلامة منشآتها وأفرادها على الجانب العراقي ضمن التزاماته الدولية المعمول بها».
وتابع «نشد على يد القوات الأمنية في ضرورة ملاحقة العصابات الاجرامية الخارجة عن القانون، وتقديمهم إلى العدالة، وعدم السماح بتكرار هذه الحوادث من أجل حماية المصلحة العليا للبلد وضمان أمن واستقرار المواطنين».

«مصالح العراق»

وتضامنت رئاسة إقليم كردستان العراق مع المواقف السياسية المُنددة بالهجوم.
وجاء في بيان لرئاسة الإقليم لها: «ندين الهجمة الإرهابية التي استهدفت السفارة الأمريكية في بغداد» معتبرة إن «تكرار واستمرار هذا النوع من الهجمات على البعثات الدبلوماسية وممثليات الدول، يتعارض مع مصالح العراق وسيادة البلد، كما ينافي القوانين الدولية ويؤدي إلى آثار سيئة، ويعرض علاقات العراق مع الدول الأخرى إلى خطر حقيقي».
وشددت على أن «من واجب الحكومة العراقية أن تحفظ أمن وسلامة البعثات الدبلوماسية للدول، وتحافظ على أرواح وممتلكات المواطنين، وتتخذ كل الإجراءات اللازمة لمنع تكرار تلك الهجمات، والعثور على منفذيها وتقديمهم للمحاكم وإنزال العقاب بهم».
ووفقاً لخلية الإعلام الأمني (حكومية) فقد تم إطلاق عدد من الصواريخ باتجاه المنطقة الخضراء في بغداد، وسقطت داخل المجمع السكني على عدد من عمارات القادسية السكنية، حيث بلغ عدد هذه الصواريخ 8.
وأضاف بيان للخلية، أن «صاروخا سقط في الشقة رقم 6 في الطابق الأول في عمارة رقم 1، كما سقط الثاني في عمارة رقم 3 الطابق الأول بالشقة رقم 1، فيما سقط الثالث في العمارة ذاتها في الطابق السابع، أما الرابع سقط أمام العمارة 26، وكان سقوط الصاروخ الخامس أمام العمارة 18، إلى ذلك سقط الصاروخ السادس أمام العمارة رقم 14 قرب السوق الداخلي، هذا وسقط الصاروخ السابع في إحدى البحيرات، أما الثامن فقد سقط قرب إحدى السيطرات».
وأكدت الخلية أن «الصاروخ نتج عن إصابة جندي عراقي وحدوث أضرار مادية في هذه البنايات بعد أن دخلت هذه الصواريخ إلى بعض الشقق السكنية التي يقطنها المواطنون، فضلا عن حدوث أضرار بـ14 عجلة مدنية ومولدة كهربائي وكرفان».
وتعهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بـ«عدم السماح بالمساس بأمن البعثات الدبلوماسية في بغداد» موكداً أن القوات الأمنية ستعمل على ملاحقة الخارجين عن القانون.
جاء ذلك على لسان الناطق اسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، في بيان صحافي، جاء فيه: «عصابات الجريمة جددت استهدافها الصاروخي لمنشآت ومنازل مدنية في المنطقة الخضراء في بغداد، مما أدى إلى حدوث اضرار في عدد من البنايات السكنية والسيارات وترويع للسكان».

رسالة سلبية للعالم

وأضاف أن «مثل هذه الأعمال الإجرامية تستهدف المواطن وأمنه وتسعى إلى الانتقاص من هيبة الدولة وزعزعة الاستقرار» مشيرا إلى أن «هذا الاستهداف رسالة سلبية للعالم». وتابع: «لن نسمح بالمساس بأمن البعثات الدبلوماسية في العاصمة بغداد وتهديدها وإننا ملتزمون بحمايتها» موضحا أن «قواتنا الأمنية ستعمل وكما عهدها الشعب العراقي على ملاحقة الخارجين عن القانون وتقديمهم للعدالة، ولن تسمح بلغة فرض الإرادات على حساب اسم العراق وسيادته».
وحثّت واشنطن، الحكومة العراقية على «محاسبة المسؤولين» عن قصف مجمع السفارة الأمريكية في بغداد.
وكتب وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، على صفحته في «تويتر» معلّقاً على الهجوم الصاروخي، قائلاً: «الميليشيات المدعومة من إيران هاجمت مرة أخرى بشكل صارخ وتهور في بغداد، مما أدى إلى إصابة مدنيين عراقيين. يستحق شعب العراق محاكمة هؤلاء المهاجمين، ويجب على هؤلاء المجرمين العنيفين والفاسدين الكف عن أعمالهم المزعزعة للاستقرار». يأتي ذلك بعد دعوة السفارة الأمريكية جميع القادة السياسيين والحكوميين العراقيين، إلى اتخاذ خطوات لمنع مثل هذه الهجمات ومحاسبة المسؤولين عنها.
وقالت السفارة في بيان إن «الصواريخ التي استهدفت المنطقة الدولية أدت إلى رد الأنظمة الدفاعية للسفارة، ولحقت أضرار طفيفة في مجمع السفارة ولكن لم تقع إصابات أو خسائر بشرية».
وأضافت: «لقد تلقينا تقارير عن إلحاق أضرار في مناطق سكنية بالقرب من السفارة الأمريكية واحتمالية بعض الإصابات في صفوف المدنيين العراقيين الأبرياء».

انتهاك القانون الدولي

وتابعت أن «هذه الأنواع من الهجمات على المنشآت الدبلوماسية هي انتهاك للقانون الدولي، واعتداء مباشر على سيادة حكومة العراق» داعية «جميع القادة السياسيين والحكوميين العراقيين إلى اتخاذ خطوات لمنع مثل هذه الهجمات ومحاسبة المسؤولين عنها».
كما اعتبر السفير البريطاني، لدى بغداد، ستيفن هيكي، أن القصف الصاروخي الذي شهدته العاصمة بغداد، يهدد الاستثمار. وقال، في بيان إن «الهجمات الصاروخية ضد البعثات الدبلوماسية لا تؤدي إلا إلى ترويع سكان بغداد، وتخويف الاستثمار الذي يحتاجه الاقتصاد بصورة مُلحة، وتزيد مخاطر الصراع على نطاق أوسع».
وزاد: «طالما استمرت الجماعات المسلحة في هذه الأعمال مع الإفلات من العقاب طبقا للقانون، فلن يصبح العراق دولة مستقرة ومزدهرة».
في المقابل، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، الهجوم أنه «أمر مريب».
وقال زاده في مؤتمر صحافي بثه التلفزيون الإيراني، إن «الهجوم على المباني الدبلوماسية والسكنية غير مقبول، لكن طبيعة الهجوم وتوقيته، والبيان الصادر عن وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، يظهران أن التوقيت مشبوه ومريب للغاية وأنهم أعدوا بالفعل بيانا لإصداره».
وحذّر ما قال إنه «النظام الأمريكي» من «البحث عن إثارة التوتر في هذه الأيام».

القدس العربي