عقبات جديدة تؤجّل تشكيل الحكومة اللبنانية

عقبات جديدة تؤجّل تشكيل الحكومة اللبنانية

بيروت – تحدّثت مصادر سياسية لبنانية عن عقبات جديدة تعترض تشكيل حكومة تضمّ وزراء اختصاصيين برئاسة سعد الحريري.

فبعد زيارة ثانية في غضون يومين إلى قصر بعبدا لعقد مفاوضات بشأن تشكيل حكومته مع رئيس الجمهورية ميشال عون، اعترف الحريري بوجود هذه العقبات.

وفسّرت المصادر السياسية ذلك برغبة إيران، عن طريق حزب الله، حليف رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل، في تأخير تشكيل حكومة الحريري.

وذكرت المصادر السياسية أن مطالبة رئيس الجمهورية بأن تكون وزارتا الداخلية والعدل من حصّته أثارت تساؤلات لدى الحريري عمّا إذا كان ميشال عون جدّيا في تشكيل الحكومة أم أن هدفه إضاعة الوقت استنادا إلى رغبات حزب الله.

ورجّحت هذه المصادر أن يكون حزب الله وراء الموقف المتصلب لرئيس الجمهورية الذي تخلّى عن أن يكون لديه الثلث المعطّل في الحكومة وانتقل إلى الإصرار على وزارتي الداخلية والعدل بهدف واضح. وأوضحت أن هذا الهدف هو السيطرة على القطاعات الأمنية في البلد من جهة والتحكّم بالقضاء من جهة أخرى.

وأشارت في هذا المجال إلى ولادة قناعة لدى عدد لا بأس به من السياسيين اللبنانيين بأنّ إيران، التي يعتبر حزب الله أداتها اللبنانية، تفضل الانتظار إلى ما بعد العشرين من يناير المقبل للسماح بتشكيل حكومة لبنانية وذلك كي تُظهر لإدارة الرئيس جو بايدن، مباشرة بعد دخوله البيت الأبيض، أنّها تضع ورقة لبنان في جيبها وتتحكّم بأدقّ التفاصيل في هذا البلد.

وذكرت مصادر مقربة من بيت الوسط (مقر إقامة الحريري) أن المعلومات التي سربت من قصر بعبدا أشاعت مناخا سلبيا عن نتائج الاجتماع قبل حصوله. ولاحظت أن الأجواء الإيجابية التي عكسها الحريري كانت بطلب مباشر من الرئيس عون الذي تمنى عليه التصريح بوجود إيجابيات يتم العمل على استكمالها، غير أن مقربين من القصر الجمهوري تحركوا لتعكير الجو والإعداد لجولة جديدة من التعقيدات المستمرة منذ تكليف الحريري.

وأكد الحريري، الأربعاء، على ضرورة تشكيل الحكومة بعد رأس السنة (نهاية الشهر الجاري)، وأشار إلى وجود “تعقيدات” تكتنف الأمر. جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده عقب لقائه الرئيس عون.

وقال الحريري “أتمنى أن تكون هناك حكومة، ولكن لا تزال هناك تعقيدات واضحة”، مشيرا إلى “وجود مشاكل سياسية” دون التطرق إلى تفاصيلها.

وأكد على قدرة الحكومة في حال تشكيلها على وقف الانهيار (في إشارة إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية في لبنان)، مضيفا “نحن بحاجة إلى حكومة اختصاصيين كي نوقف هذا الانهيار”.

ولفت الحريري إلى أن “الإسراع في تشكيل حكومة هو الأساس، ونحتاج إلى أشخاص نستفيد منهم لمصلحة البلد”.

ودعا المسؤولين اللبنانيين إلى “التواضع والتفكير بالمواطنين والمتضررين من انفجار مرفأ بيروت وبمصلحة لبنان”، مشددا على ضرورة “تشكيل الحكومة بعد رأس السنة”.

ويأتي تصريح الحريري، الأربعاء، على عكس تصريحه المتفائل الثلاثاء، الذي قال فيه إن الأجواء كانت إيجابيّة خلال لقائه مع عون، وأن هناك انفتاحا كبيرا، وأن لقاء الأربعاء سيفضي إلى “صيغة تشكيل حكومي قبل عيد الميلاد”.

ولا يزال تشكيل الحكومة اللبنانية “متعثرا”، إذ قال الحريري مطلع الشهر الجاري إنه قدم لعون “تشكيلة حكومية من 18 وزيرا من أصحاب الاختصاص، بعيدا عن الانتماء الحزبي”.

إلا أن عون أعلن مؤخرا اعتراضه على “تفرد” الحريري بـ”تسمية الوزراء، خصوصا المسيحيين، دون الاتفاق مع رئاسة الجمهورية”.

ويعجز لبنان عن تشكيل حكومة إنقاذ، منذ انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الماضي والذي دفع حكومة تصريف الأعمال الراهنة برئاسة حسان دياب إلى الاستقالة.

وكلّف عون الحريري بتشكيل حكومة، عقب اعتذار سلفه مصطفى أديب، لتعثر مهمته في تشكيلها.

ولم تفض الضغوط الفرنسية إلى نتيجة في دفع الفرقاء اللبنانيين إلى تشكيل حكومة اختصاصيين من أجل تسهيل حصول بيروت على الدعم الخارجي.

ومنح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المسؤولين اللبنانيين أكثر من مهلة للوصول إلى توافق حول الحقائب، لكن الشروط الحزبية، خاصة من حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر برئاسة وزير الخارجية السابق جبران باسيل، كانت تعيد المفاوضات إلى نقطة الصفر.

ولم يتضح بعد مصير مؤتمر الدعم الدولي للبنان الذي تعهد ماكرون بتنظيمه، في ظل مراوحة الأزمة الحكومية لمكانها.

العرب