المسيّرات حاضرة بقوة في الاتفاق التجاري التركي – البريطاني

المسيّرات حاضرة بقوة في الاتفاق التجاري التركي – البريطاني

أنقرة – تعيد بريطانيا تقييم علاقتها مع تركيا وتعمل على منحها بعدا عسكريا إضافيا، بعد أن صار من الواضح أن العلاقة التجارية ستسير نحو ازدهار يبحث عنه الزعيمان المأزومان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ووقعت أنقرة ولندن، الثلاثاء، اتفاقية للتجارة الحرة. وقالت الحكومة البريطانية في بيان لها، إن هذه الاتفاقية ستعود بالربح على صناعة السيارات والفولاذ والإنتاج عموما في البلاد.

ويرى خبراء أن لندن تريد الاستفادة من هذا التعاون العسكري بعد نجاح الطائرات المسيرة التركية في الحرب الأذرية – الأرمينية الأخيرة، وهو ما يغري البريطانيين بالاشتراك في تطوير هذه المسيّرات.

وأبلت المسيّرات التركية في معركة ناغورني قره باغ بطريقة استثنائية إذ دمرت 224 دبابة وعربة مدرعة أرمينية مقابل 30 من الدبابات والمدرعات الأذرية، مما أخل بميزان القوى بشكل كبير على الأرض، وقد دفع الجنود الأرمن ثمنا غاليا بسبب هجمات المسيّرات التي يعتقد على نحو مؤكد أنها كانت تُسيّر من قبل طيارين أتراك.

كما كانت النتيجة أيضا فعّالة في ليبيا حيث هزمت الطائرات التركية المسيّرة الجيش الليبي برئاسة المشير خليفة حفتر على أبواب طرابلس، وكان لها دور بارز في المعارك ضد الأكراد في شمال العراق، وفي مواجهة أكراد سوريا.

وقال وزير الدفاع البريطاني بن واليس إن النتائج التي حققتها مسيرات بريقدار التركية تفتح الطريق لإعادة النظر في طريقة إدارة المعارك بطريقة مختلفة.

ويهتم البريطانيون بالانتشار الواسع لهذه التقنية العسكرية الفعالة والرخيصة والسهلة مما يجعل من الضروري -من وجهة نظرهم- أن تكون لديهم يد في توجيه مصنّعيها العالميين الذين تتقدمهم دول مثل الصين وتركيا.

وهذا يفتح الباب للتساؤل عن الاتفاق التجاري بين لندن وأنقرة ومدى تجاوبه مع تفاهمات عسكرية وصناعية خاصة بين البلدين، وعما إذا كان يتيح اختصار الطريق للشركات التركية، خصوصا شركة “بيكار ماكينة” التي تصنع المسيّرات، للحصول على تقنيات “من على الرف” يمكن أن تصبح حاسمة في معارك على شاكلة حرب أذربيجان – أرمينيا.

وبلغ عدد المسيّرات الأذرية، من نوع بيرقدار تي بي 2، 24 طائرة مسيّرة، لكنها كانت فعّالة جدا، ورغم ما أسقطته الدفاعات الجوية الأرمينية من هذه المسيّرات تم تعويض ذلك بسرعة. كما أن أفضلها تجهيزا من حيث المعدات لا يتجاوز سعرها مليوني دولار مقابل عشرين مليون دولار للطائرة المسيّرة بروتوكتور التي تمتلك منها القوات البريطانية 16 طائرة.

وليست المسيّرات التركية رخيصة فقط، وإنما هي تعمل أيضا بتقنيات متوفرة نسبيا، إلى درجة أنها تستخدم جهاز ملاحة من فئة “غارمن” الذي يثبّت في السيارات العادية.

وتحد هذه التقنيات البسيطة من مدى الطائرات وقدرتها على التحليق لفترات طويلة. لكن المعادلة الحالية، وهي مدى 150 كم وتحليق لـ24 ساعة، تبدو مناسبة جدا لفئة العمليات التكتيكية، كما أثبت ذلك الصراع في ناغورني قره باغ.

وتم تجميع الكثير من قطع المسيّرات من شركات عالمية، وهي قطع غير معقدة، لكن الاستخدام المزدوج لها الآن يضعها تحت طائلة الرقابة خصوصا بعد أن ثبت أن بعض المعدات استخدمت في مسيّرات الهجوم في ناغورني قره باغ، أي تحت طائلة حظر السلاح المفروض منذ 1992.

ويمكن أن يوفر الاستثمار البريطاني في تطوير الصناعة الخاصة بمكونات المسيرات عنصرا داعما لاتفاق سابق مع تركيا تم توقيعه سنة 2017، حيث عقد البلدان صفقة دفاع بقيمة 120 مليون دولار، للمساهمة في برنامج تطوير طائرات حربية تركية، وتم عقد الاتفاق بين شركتي “بي أيه إي سيستمز” و”توركيش آيروسبيس إندوستريس”.

وتعول بريطانيا على هذه الصفقة من أجل الترويج لصناعتها الدفاعية، خاصة بعد اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي سيجبرها على البحث عن أسواق بديلة لمنتجاتها، كما يتيح لتركيا تطوير قدرة سلاحها الجوي.

وبرز تقارب بريطاني تركي من خلال ارتفاع وتيرة التنسيق السياسي والتعاون التجاري بين البلدين، وهو ما أثار حفيظة الدول الأوروبية التي لا تنظر بعين الرضا إلى هذا التقارب نظرا لسجل أنقرة الممتلئ بالتجاوزات التي زادت وتيرتها مؤخرا حيال العديد من الملفات على الساحة الدولية.

العرب