الباحثة شذى خليل*
ارتفعت أسعار عملة بيتكوين لأعلى مستوى في ثلاثة أعوام لأكثر من 19200 دولارا، لتحقق بذلك زيادة نسبتها 37 في المئة منذ بداية نوفمبر- 2020
وحسب المحللون ان هذا الارتفاع يعود إلى ثلاثة عوامل أساسية تتعلق بكبار المستثمرين أو المالكين لهذه العملة، وانخفاض المعروض في الأسواق، وعمليات تصحيح ربما تطرأ على حجم احتياطات هذه العملة بحسب “كوين تيلغراف”.
ماهي العملة الرقمية وكيف بدأت:
البيتكوين هي واحدة من بين العملات الرقمية الأقوى في العالم، والتي نالت شهرة واسعة، إلى عام 2008 حين ابتكرها شخص أطلق على نفسه “ساتوشي ناكاموتو”، ووصفها بأنها نظام نقدي إلكتروني يعتمد في التعاملات المالية على مبدأ الند للند، وهو اصطلاح تقني يعني التعامل المباشر بين مستخدم وآخر دون وجود وسيط، وتعتبر ألمانيا من أوائل الدول التي اعترفت رسميا به.
العملة الإلكترونية (أو الرقمية) تشير إلى المال أو العملة التي تتبادل فقط إلكترونيا، عمليا يتضمن ذلك شبكات حواسيب، الإنترنت وبرامج تخزين معلومات إلكترونية تشمل العملة الإلكترونية حوالات الأموال الالكترونية والدفع المباشركذلك فهي تعبير جامع للتعمية الاقتصادية والتقنية التابعة لها.
من الناحية الاقتصادية، شهدت انطلاقة “البيتكوين” بسعر لا يتعدى عن 1155 دولار للبيتكوين الواحد سنة 2013، وذلك بسبب الطلب المتزايد عليها، وبعد ارتداد السعر الى 653 دولار شهدت العملة بدءًا من سنة 2016 ارتفاعات كبيرة إلى ان وصل حاليا سعر الوحدة الواحدة 2400 دولار.
مع أن العملة الإلكترونية كانت موضوعا مثيرا للجدل ، وبدأ التداول بها فهل لكنها غير واضحة او غير متعارف عليها عن البعص ومعروفة جدا عند اخرين .
كيف يعمل البتكوين : بمجرد أن قمت بتثبيت محفظة بت كوين على جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الجوال الخاص بك، ستقوم بإنشاء أول عنوان بت كوين خاص بك ، يمكنك الكشف عن عناوينك لأصدقائك حتى يمكنهم أن يدفعوا لك أو العكس في الواقع، إن هذا مشابه جداً لكيفية عمل البريد الإلكتروني، الفارق الوحيد أن عناوين البت كوين يجب استخدامها مرة واحدة فقط.
سلسلة البلوكات أو كما تسمى بالإنجليزية “block chain” هي جسر مٌشارك مع العامة تعتمد عليه شبكة البت كوين كلها، جميع المعاملات المؤكدة مضمنة داخل سلسلة البلوكات وبهذه الطريقة، محافظ البت كوين يمكنها حساب رصيدها الممكن التحكم به والتي يٌسمح لحامليها بالتصرف بها وإنفاقها وكذلك المعاملات الجديدة يمكن تأكيدها بنفس الطريقة سلامة سلسلة البلوكات والترتيب الزمني الصحيح لها خاضع لـ التشفير حرفياً.
الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع سعر البتكوين في الفترة الأخيرة :
تمثل البتكوين تحولا تكنولوجيا في التداول المالي و أساليبه في أنحاء العالم، متجاوزة كل النظم المالية والنقدية التقليدية في العالم، فلا مصرف مركزيًّا و لا طباعة نقد و لا حكومة تُخضِعها بأسعار الفائدة، لتتغلب هذه العملة الرقمية على كل العملات الصعبة و بأشواط وتجاوزت الذهب و بأشواط أيضا.
إذا ما حاولنا البحث عن أسباب الارتفاع والحقائق بخصوص نجاحها المذهل، فإننا نجد :
• العرض من العملة محدود: حيث أن هناك 21 مليون بيتكوين، وهناك حاليًا أكثر من 16.7 مليون بيتكوين في السوق، وقد يستغرق الوصول إلى حدود 21 مليون أكثر من 120 عام.
• التطور التكنولوجي: فقد تؤدي التحسينات الأمنية وإمكانية إخفاء الهوية، وإمكانية استخدام هذه العملات، وتجربة المستخدمين بالإضافة إلى الميزات الجديدة لزيادة استخدام البيتكوين والتأثير بشكل إيجابي على سعرها.
• اعتمادها الرسمي في سنة 2017 من قبل اليابان كعملة قانونية للشراء والبيع، وأيضا اعتمادها من قبل بعض شركات الطيران لشراء التذاكر بشكل رسمي، وهو ما أدى إلى زيادة الإقبال عليها بشكل لافت.
• مع بداية نوفمبر-2020 ظهرت مجموعات من كبار المالكين لهذه العملة وهم من يطلق عليهم “الحيتان”، ويعتبرهم البعض بأنهم أصحاب أكبر 100 محفظة يملكون بيتكوين، وبمجرد ظهور أسمائهم المستعارة في التداولات، فإنها كافية لدفع الأسعار للصعود.
• عندما تشتري هذه “الحيتان” البيتكوين عند مستويات أسعار معينة، فإنها تشكل أشبه بنقطة دعم، حيث يزداد الطلب منهم على الشراء، ولكنهم لا يريدون البيع على المدى القريب أو المتوسط، وما ميز الأشهر الماضية أنها شكلت أكثر من نقطة دعم لأسعار البيتكوين والتي تتراوح بين مستويات 15 إلى 16 ألف دولار.
• الإدراك العام: ففي حال رأى عدد أكبر من الناس البيتكوين على أنها شكل جذاب من أشكال المال أو الأصول ووثقوا بها، فإن ذلك سيزيد الطلب عليها وبالتالي سيزداد سعرها.
• اما لماذا ينخفض سعر البتكوين : يكون كرد فعل على المشاكل التكنولوجية أو فشل النظام أو التنظيمات غير المرغوب فيها أو حتى القيود على استخدامها أو تركيز وسائل الإعلام على الجانب السلبي منها، أو لأسباب أخرى تجعل الناس يفقدون الثقة في العملة.
• تذكر أيضا أنه مثل أي عملة أخرى يتم تداول البيتكوين أمام عملات أخرى، فقد يكون اتجاه السعر مقابل الدولار مختلف على سبيل المثال عن التداول مقابل الإيثر.
وفسر تقرير “كوين تيلغراف” إلى أن الطلب والارتفاع في الأسعار لا يتناسب مع ما يتم عرضه في منصات الأسواق، وما يعزز من الارتفاع تصحيح السوق لنفسه بطريقة معقولة، ورغم ارتفاع الفائدة على العقود الآجلة لهذه العملة، إلا أن عمليات البيع والشراء الفورية في السوق هي من قادت ارتفاع الأسعار، وهو ما يعزز من مستويات الدعم التي حققتها هذه العملة خلال الأشهر الماضية.
العالم فعليا بصدد تحول اقتصادي كبير بالنسبة للسوق حيث الموجة الراكبة الآن هي موجة العملات الرقمية، ربما يشهد النظام المالي العالمي تحولاً جوهرياً في الوقت الحالي، وذلك مع اكتساب العملات الرقمية مزيدا من القوة والجاذبية بين الحكومات والبنوك المركزية في جميع أنحاء العالم، وفقا لما جاء في تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
حيث التقرير يقول على الرغم من أن البنوك المركزية تصدر بالفعل أحد أشكال النقود الرقمية للبنوك التجارية، فإن فكرة “رقمنة” العملات الوطنية تغيّر قواعد اللعبة بشكل تام، إذ تدرس البنوك المركزية في دول مثل السويد وكندا وسويسرا وشرق الكاريبي، وفي مقدمتهم الصين، إمكانية دمج العملات الرقمية في أنظمتها المالية.
وهذا لايزال غير واضح الية التطبيق، إلا أن الآثار المترتبة عليها قد تكون ضخمة لتشمل التجارة وأسعار الفائدة والخدمات المصرفية والخصوصية الفردية.
إن نمو العملات الرقمية الوطنية، يزيد من صعوبة الوضع الحالي للدولار، لا نها تعدّ أسرع وأرخص من النقود التقليدية، يهدد بتقويض وضع الدولار باعتباره العملة المعتمدة في احتياطي البنوك المركزية.
وقالت أيضا إنه على الرغم من أن هيمنة الدولار على التجارة العالمية كانت لها ما يبررها عندما كانت الولايات المتحدة تسهم بما يزيد على ربع التجارة العالمية، فإن الوضع الراهن قد اختلف مع تراجع حصة الولايات المتحدة من صادرات العالم إلى 8.8% فقط، ولا نتحدث هنا فقط عن بيتكوين وإنما عن اكثر من 60 عملة رقمية أخرى منها ستة عملات الأكثر انتشارا.
هذه العملة بدأت تشق طريقها إلى دول عربية عدة، واصبح بعض المراكز التجارية بتعتمدها بشكل رسمي. وأهم ما يُفسِّر اهتمام الاسواق الكبير بهذه العملة الرقمية غير الملموسة هو التغيرات والتقلبات الكثير بالسوق، بحيث أصبحت ملاذا آمنا للكثير من الناس للتحوط من تقلبات الأسواق، لكن من ناحية أخرى بالرغم من المكاسب الكبيرة التي تحرزها هذه العملة مع تنامي الاقتصاد الرقمي، فإنها شهدت ارتدادًا بأسعارها أكثر من مرة خلال السنوات السابقة! وذلك بسبب وجود سقف سعري لهذه العملة.
ختاما هذه العملة بدأت تأخذ مكانا في التجارة الدولية والمعاملات المالية فهل هي داعمة للاقتصاد ام لفئة من الحيتان الذين يتعاملون بقنوات مظلمة في الاقتصاد وتحقيق الارباح ، هل الدول العربية مستعدة فعلا ، وما تأثيره على المواطن البسيط الذي لا يملك لا كهرباء ولا حاسبة ولا معرفة، ينتظرنا الكثيرة من خبايا التحول المالي الرقمي .
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الراوبط للبحوث والدراسات الاستراتيجية