دعا مسؤولون ونواب عراقيون، إلى التخلص مما سموه الاحتكار الأميركي لملف تسليح للجيش العراقي، والذي عدّوه تقييداً، له نتائج سلبية على قدرات المؤسسة العسكرية العراقية. وبينما حمّلوا الحكومة العراقية مسؤولية هذا الملف، دعوها إلى البحث عن مصادر جديدة للتسليح، مع دول لا تثير حساسية واشنطن.
ويتزامن الحديث عن تنويع تسليح الجيش، مع عودة الحديث عن تعثر برنامج سرب مقاتلات “إف 16” الأميركية، وتأخر وصول ذخيرتها وفرق صيانتها، عدا عن قطع غيار وذخيرة لأسلحة مختلفة أميركية الصنع أبرزها دبابات “أبرامز”، ومنظومة الدفاع الجوي التي يطالب بها العراق منذ عام 2018، من دون تمكنه من إبرام أي صفقة بخصوصها لغاية الآن، وهو ما تعتبره قوى سياسية عراقية تعمّدا أميركيا ضمن سياسة الضغط التي تمارسها الولايات المتحدة منذ مدة على العراق.
وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، محمد رضا، لـ”العربي الجديد”، اليوم الثلاثاء، إنّ “الدفاع الجوي العراقي بصورة عامة يحتاج إلى تطوير في قدراته، واضطررنا إلى الضغط للتعاقد لأجل الحصول على منظومة “إس 300” الروسية، لأن أي أسلحة للدفاع الجوي بعيدة المدى لم تصل إلى العراق من الولايات المتحدة الأميركية، ما تسبّب بخلل كبير في هذا الملف”، مبيناً أن “العراق بحاجة الى حماية سمائه ومدنه من الاختراقات، وخصوصاً أنه لدينا أماكن مهمة سيادية في البلاد تحتاج إلى حماية”.
وأضاف “ليس لدينا سوى منظومة الدفاع الروسية، والتي لا يتجاوز مداها 20 كيلومتراً فقط، لذلك تم التوجه إلى بحث هذا الملف، وضرورة استيراد منظومة دفاعية متطورة”، مبيناً أنه “لا توجد حتى الآن بوادر للحصول على هذه المنظومة، وقد يكون ذلك بسبب معارضة الولايات المتحدة”.
يتزامن الحديث عن تنويع تسليح الجيش، مع عودة الحديث عن تعثر برنامج سرب مقاتلات “إف 16” الأميركية
وأشار إلى أن “واشنطن مؤثرة جداً في ملف التسليح العراقي، لأسباب عدّة، بعضها مالي، وبسبب الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بين البلدين، والتي تفرض على العراق شروطاً وقيوداً بخصوص التسليح، إذ إنه في حال مضي العراق للتعاقد مع روسيا مثلاً، ستكون هناك مشكلة للعراق مع واشنطن، وأن الأسلحة الأميركية لدى الجيش العراقي ستتوقف، وهذه مشكلة كبيرة”.
وحمّل “الحكومة العراقية مسؤولية ذلك، من خلال إعادة النظر بالاتفاقيات والمعاهدات مع واشنطن، فإما أن تفسح واشنطن المجال لتطوير قدرات الجيش العراقي وتسليحه، أو تفسح المجال لتنويع التسليح للجيش”.
وانتقد “التخصيصات المالية الضعيفة في موازنة العام الحالي لوزارة الدفاع، وأنها ليست بمستوى الطموح، سيما وأن العراق بحاجة الى إعادة صيانة طائراته المروحية والحربية، وبحاجة إلى استيراد الدروع وغيرها من الأسلحة والمعدات المهمة”.
وأكد النائب حسين العقابي، أنّ ملف التسليح يحتاج إلى خطوات جادة وحقيقية من قبل الحكومة، وقال لـ”العربي الجديد”، إن “بناء قدراتنا العسكرية والتسليحية أمر استراتيجي مهم، ويجب أن نخطو خطوات جادة بهذا الملف، لكن للأسف الشديد، أن الفاعل السياسي العراقي منذ العام 2004 ضعيف ومتردد، ولا يستطيع أن يكون صاحب موقف، خصوصاً بهذا الملف”، قائلاً لـ”العربي الجديد”: “نحتاج إلى تطوير قدرات الجيش التسليحية، وأن نكون أكثر حزماً وصلابة بهذا الاتجاه”.
مصطفى الكاظمي وبرهم صالح (فيسبوك)
تقارير عربية
العراق: رئيسا الجمهورية والحكومة يبحثان قرار تأجيل الانتخابات
وشدد على أنه “إذا كانت الحكومة عاجزة عن الدخول بين واشنطن وروسيا في هذا الشأن، ولا تستطيع الحصول على منظومة دفاع روسية، فعليها أن تسعى باتجاه خيارات أخرى، تكون أكثر قبولاً، كأن تتجه إلى فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، وغيرها من الدول التي لا توجد تشنجات بينها وبين واشنطن”.
وحذر من “مغبة استمرار الفيتو الأميركي على التسليح العراقي، إذ إن واشنطن ترهن مصير الدول ومنها العراق بسياستها، وتسعى لخنق أي حالة تطور وتقدم بهذا الاتجاه، ما يحتم علينا أن نتحرك لفك تلك القيود التي خنقت العراق وأضعفت قدراته العسكرية”.
ودعا “لأن يكون هذا الملف تحت رقابة البرلمان، وأن يكون العراق صاحب إرادة في هذا الملف الاستراتيجي”، مؤكداً أن “هناك عملية تعتيم على الملف، وهناك ملفات قديمة يجب أن تفتح بشأن الفساد في ملفات التعاقدات السابقة”، مشدداً على أنه “يجب ضغط النفقات، والتوجه نحو زيادة التخصيص المالي لبناء منظومة عسكرية عراقية متطورة”.
أمّا النائب عن تحالف “سائرون” بدر الزيادي، فدعا لأن يكون هناك تنسيق بين الحكومة والبرلمان، ومراجعة الاتفاقيات التي تخصّ ملف التسليح. وقال لـ”العربي الجديد”” “نحتاج إلى مراجعة ودراسة مستفيضة لبنود الاتفاقية الاستراتيجية مع واشنطن، والبحث في النتائج التي حققتها الاتفاقية، من عدمها”، مؤكداً أن “الاتفاقية فيها شروط على الدولتين، ويجب إعادة مراجعتها وتقييمها، وتحديد مدى التزام الجانبين بالشروط المترتبة فيها، ومدى أهميتها”.
ودعا لأن “يكون هناك تنسيق بين الحكومة والبرلمان في هذا الصدد”، مشدداً على أن “البرلمان سبق أن صوّت على إخراج القوات الأميركية من العراق، لكن على الحكومة أن تقدّر ما تحتاجه من دعم لوجستي ودعم للتدريب، ضمن هذه الاتفاقية”.
من جهته، قال الخبير بالشأن العسكري العراقي الجنرال المتقاعد سعد الحديثي، إن الاحتكار الأميركي للتسليح في العراق يكاد يتحول إلى مشكلة ضاغطة وكبيرة. وأوضح أن واشنطن في عهد دونالد ترامب ربطت الأمن العراقي بالسياسة تماماً، لأنها تدرك أن تأخر وصول الذخيرة للجيش العراقي أو قطع الغيار والصيانة، سيكون عامل ضغط كبير يمكنها من خلاله الحصول على ما تريد من السياسة، وخصوصاً في ملف العلاقة مع إيران، لذا استخدمته بشكل سيئ للغاية.
واعتبر أن كون نحو 70% من سلاح الجيش العراقي أميركياً، “يجب أن يكون عامل قوة وتأثير، غير أنه تحوّل إلى إعاقة اليوم بسبب إدارة ترامب”.
ورأى أن العراق “فشل في عزل الملف المتعلق بالتسليح عن الجانب السياسي ومنذ سنوات وليس الآن”.
ووفقاً لحديثي، فإنه يبدو أن “الحصول على منظومة دفاع جوي حديثة للعراق عليه فيتو، ليس أميركياً، بل أيضاً من الاحتلال الإسرائيلي، ولهذا، فإن العراق مطالب الآن بالتوجه إلى الصين أو روسيا”، وفقاً لقوله.
العربي الجديد