التجديد لأبوالغيط اختبار للتقارب الحذر بين مصر وقطر

التجديد لأبوالغيط اختبار للتقارب الحذر بين مصر وقطر

القاهرة – رغم عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لا تزال مصر تنظر بحذر إلى تقاربها مع قطر. وسيكون موقف الدوحة من إعادة ترشيح أحمد أبوالغيط لمنصب أمين عام الجامعة العربية بمثابة اختبار جدي لهذا التقارب، خاصة بعد تغريدات لرئيس وزراء قطر السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني طالب فيها بـ”إخراج الجامعة العربية من وضعها البائس وضخ دماء جديدة فيها”، في إشارة اعتبرتها مصر معارضة للتمديد لممثلها.

وقال الشيخ حمد بن جاسم عبر حسابه على تويتر إنه إذا “تحقق الأمل في أن يكون هناك في الأيام والأسابيع القادمة توجه جاد لإعادة بناء مجلس التعاون الخليجي بشكل ينهي الانقسام ويؤطر العلاقة بين دوله وتكون هناك انطلاقة خليجية حقيقية، فإن ذلك سوف يساهم من دون شك في إخراج الجامعة العربية من الوضع الحزين والبائس الذي هي فيه منذ عقود طويلة”.

وطالب بضخ “دماء وروح وسياسات جديدة في الجامعة العربية تكون مبنية على فلسفة مستقلة عن تفاصيل السياسات الفردية للدول الأعضاء في الجامعة، وتضع المصلحة العربية العامة في المقام الأول، وألا تكون الجامعة لتكريم المتقاعدين مع احترامي وتقديري لبعضهم”.

ولفت مراقبون إلى أن مثل هذه التغريدات تصاغ عادة بعناية ويمكن التعاطي معها على أنها مؤشر على توجه رسمي حتى وإن كان صاحبها بعيدا عن أي مهمة في الظاهر. وأوحى كلام رئيس الوزراء السابق بأن التغريدة تدخل في سياق موقف خليجي وعربي يطالب بإصلاح الجامعة، وليس فقط مطلبا قطريا.

ولم يمنع هذا التعميم من استنتاج أن الشيخ حمد بن جاسم قصد عدم الموافقة على التجديد للمرشح المصري أبوالغيط، وهو يتضمن رسالة تفيد بعدم تغير الموقف القطري تجاه مصر بالرغم من عودة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين.

واعترضت قطر عام 2016 على ترشيح الأمين العام الحالي، وحاولت حشد بعض الدول العربية المؤيدة لها لمنع حصوله على النصاب القانوني للفوز بالمنصب، وحدث شد وجذب داخل أروقة الجامعة آنذاك بين قطر ومصر، وجرى حسم الموقف بعد تدخل السعودية وقيامها بالضغط على الدوحة لتليين موقفها.

ولم تكن بوادر المقاطعة الحادة بين مصر وقطر قد ظهرت بعْدُ في ذلك الوقت، وتتحسب دوائر مصرية من احتمال أن تعيد الدوحة موقفها السابق عند طرح أبوالغيط للمرة الثانية، خاصة أن المصالحة التي تمت بين البلدين مؤخرا لم تصطحب معها ما يبدد هواجس عدم الثقة التي تلازمها، وغير مستبعد أن تعيد قطر مناوشاتها السابقة.

ولا تزال القاهرة غير مطمئنة لثبات ركائز المصالحة مع الدوحة، وتتوقّع قيامها بمراوغات لتشتيت الانتباه، وقد توظف ملف الجامعة العربية بذريعة الإصلاح لخفض سقف توقعات مصر من هذه المصالحة في ملف الإخوان.

وأكدت مصادر سياسية لـ”العرب”، أن القاهرة قررت إعادة ترشيح السفير أحمد أبوالغيط لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية لدورة ثانية مدتها خمس سنوات، حيث تنتهي مدته الأولى في يونيو المقبل، باعتباره الأوفر حظا وليس هناك مجال في هذه الظروف لطرح أسماء مصرية جديدة.

وأضافت المصادر ذاتها أن مصر تعتزم مخاطبة الدول العربية بهذا الشأن، وستبعث رسائل رئاسية رسمية الأيام المقبلة لدعم التجديد لأبوالغيط، أملا في الحصول على ردود فعل إيجابية واضحة قبل انعقاد القمة العربية بالجزائر في مارس المقبل، وقطع الطريق على أيّ محاولات للتشويش على مسألة التجديد، كما حدث في الدورة السابقة.

ولا يزال الموقف غامضا منذ انعقاد قمة الجزائر، التي تأجلت العام الماضي ثم ألغيت بسبب وباء كورونا، وسوف يتم تحاشي تكرار هذا الموقف العام الجاري ربما بانعقادها أونلاين، إذا تعذر الاجتماع مباشرة، والتصويت على ترشيح أبوالغيط.

وفي حالة عدم التمكن من تمرير الترشيح على مستوى القمة لأي سبب سوف يفوض القادة العرب وزراء الخارجية بعقد اجتماع على هذا المستوى ومناقشة الأمر قبل انتهاء مدة الولاية الأولى للأمين العام الحالي بنهاية يونيو المقبل.

وشدد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسن هريدي، على أن حسم ترشيح الأمين العام يخضع لتوافقات سياسية بين قادة الدول العربية، ولا يخضع لتدخلات دبلوماسية أقل من المستوى الرئاسي، وقد يكون هناك مرشحون من دول أخرى، لكن في النهاية يذهب المنصب إلى المرشح الأكثر توافقا بين القادة العرب.

وأضاف هريدي في تصريح لـ”العرب”، أن “التلويح القطري من أي مسؤول حالي أو سابق بشأن رفض المرشح المصري أو ترشيح شخصية قطرية أمر ليس بالجديد، وسبق للقاهرة أن سحبت أحد مرشحيها (مصطفى الفقي ورشحت نبيل العربي) بحثا عن التوافق العربي”.

العرب