القاهرة – قطعت مصر السبت، الطريق على التلميحات التي حوتها تغريدات للشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر السابق، وألمح فيها إلى ضرورة فتح ملف إصلاح الجامعة العربية، وضخ دماء جديدة في عروقها، في إشارة إلى التحفظ على إعادة ترشيح أمينها العام الحالي وزير الخارجية المصري الأسبق أحمد أبوالغيط.
ووجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، رسائل إلى أشقائه القادة العرب للإعراب عن اعتزام مصر إعادة ترشيح أبوالغيط، أمينا عاما للجامعة العربية لفترة ثانية مدتها خمس سنوات، والتطلع لدعم القادة له وفقا لما تقضيه أحكام ميثاق الجامعة.
ونشرت “العرب” نقلا عن مصادر سياسية مصرية في 27 يناير، “أن القاهرة قررت إعادة ترشيح السفير أحمد أبوالغيط لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية لدورة ثانية مدتها خمس سنوات، حيث تنتهي مدته الأولى في يونيو المقبل، باعتباره الأوفر حظا، وليس هناك مجال في هذه الظروف لطرح أسماء مصرية جديدة”.
وصارت مسألة الجامعة العربية عمليا مرتبطة حصريا بمصر ومكانتها الإقليمية، وتعتبرها جزءا أساسيا من ثوابتها العربية، وتغلبت على محاولة قطر سابقا رفض ترشيح أبوالغيط في المرة الأولى، وتريد عدم تكرار الموقف في الجولة الثانية.
وتحرص مصر على أن يكون منصب الأمين العام من نصيبها منذ تأسيس الجامعة العربية واتخاذ القاهرة مقرا لها، باستثناء فترة نقل المقر إلى تونس، عقب مقاطعة عربية بسبب توقيعها اتفاق سلام مع إسرائيل، وشغل التونسي الشاذلي القليبي منصب الأمين العام مؤقتا، حتى انتهت المقاطعة وتولى وزير الخارجية المصري الأسبق عصمت عبدالمجيد المنصب، ولا يزال المنصب في حوزة مصر.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي السبت، أن “إعادة ترشيح أبوالغيط لفترة ثانية يأتي في إطار الاهتمام الكبير الذي توليه مصر تجاه عمل الجامعة العربية، والحرص على توفير كل الدعم الممكن للمنظمة، التي يجتمع تحت سقفها العرب وتجسد طموحاتهم في عمل عربي جماعي منسق يهدف إلى خدمة الشعوب والمصالح العربية”.
وثمنت الرئاسة المصرية دور الأمين العام خلال فترة ولايته الأولى، ووصفتها بأنها “إدارة واعية وحكيمة لدفة منظومة العمل العربي المشترك، خلال مرحلة مليئة بالتحديات شهدتها المنطقة العربية”.
ومن المفترض أن يطرح ملف الأمين العام على القمة العربية المقبلة في الجزائر في مارس المقبل، وإذا تم التأجيل لأسباب كورونا كما حدث العام الماضي، سيفوض القادة العرب وزراء الخارجية لبحث الموضوع.
وتريد القاهرة الحصول على توافق وإجماع عربي كبيرين حول أبوالغيط، وعدم السماح بإحداث لغط أو انقسام حوله، وبدأ الرئيس السيسي مخاطبة القادة العرب للحصول على مباركتهم مسبقا كي يتم تمرير الترشيح بسلاسة.
وفهمت دوائر سياسية من تغريدات بثها الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني مؤخرا، والتي ركزت على ترهل أداء الجامعة العربية وضرورة الدفع بالشباب، على أنها رسالة تتضمن رفضا مبطنا للمرشح المصري.
وطالب الشيخ حمد في تغريداته بضخ “دماء وروح وسياسات جديدة في الجامعة العربية، تكون مبنية على فلسفة مستقلة عن تفاصيل السياسات الفردية للدول الأعضاء في الجامعة، وتضع المصلحة العربية العامة في المقام الأول، وألا تكون الجامعة لتكريم المتقاعدين مع احترامي وتقديري لبعضهم”.
وأعادت مصر علاقتها الدبلوماسية مع قطر، عقب قمة العُلا الخليجية التي عقدت في الخامس من يناير الجاري، وأقرت مصالحة بين الدوحة ودول المقاطعة العربية، مصر والسعودية والإمارات والبحرين.
وتتشكك أوساط مصرية عدة في قدرة قطر على الوفاء بمتطلبات المصالحة العربية، خاصة في ما يتعلق بملف دعم الإخوان والجماعات المتطرفة، والدور السياسي الذي تلعبه قناة الجزيرة في التحريض على مصر، والذي لم يتوقف حتى الآن، وهو ما استفز وسائل إعلام مصرية في اليومين الماضيين لمبادلتها الانتقادات.
وقد تكون إعادة ترشيح أبوالغيط أول اختبار سياسي عام للعلاقة بين البلدين، ويكشف طبيعة نوايا قطر تجاه التصورات المصرية العربية، ومصير المصالحة معها التي أصبحت على المحك، في ظل عدم توافر المكونات الصلبة التي تجعلها صامدة.
العرب