ضريبة قيمة مضافة وشهادات صحية: كابوس اسمه بريكست

ضريبة قيمة مضافة وشهادات صحية: كابوس اسمه بريكست

لندن – تحول بريكست إلى كابوس بالنسبة للشركات والمستهلكين الذين باتوا يواجهون مفاجآت غير سارة، تبدأ من دفع ضريبة القيمة المضافة ولا تنتهي بإصدار الشهادات الصحية، حيث صار من شبه المستحيل أن يصدر صانع أجبان إنجليزي منتجاته إلى الاتحاد الأوروبي.

ولم يؤد الخروج من السوق الموحدة في الأول من يناير للوهلة الأولى إلى حدوث أي اضطرابات تُذكر بفضل الاتفاق التجاري، الذي تم التوصل إليه عشية عيد الميلاد. لكن بريكست يحمل في طياته عدة عواقب أغلبها مؤسف.

وقال سيمون سبوريل الذي ينتج جبن ستيلتون الشهير وصاحب معمل ألبان هارتينغتون في ديربيشير (وسط إنكلترا)، في تصريحات صحافية “إن المشكلة تكمن في الشهادات الصحية”.

ويتعين دفع 180 جنيها إسترلينيا للحصول على شهادة مطابقة موقعة من طبيب بيطري لإرسال طرد، سواء كان قطعة واحدة أو صندوقا كاملا، إلى الاتحاد الأوروبي.

وهذا أمر مكلف بالنسبة لشركته الصغيرة، لأن 20 في المئة من مبيعاته عبر الإنترنت تذهب إلى الاتحاد الأوروبي. وأضاف “قد نضطر إلى مغادرة السوق”، بينما يتطلع إلى الولايات المتحدة وكندا.

ولا تعد هذه الشهادة الصحية، التي تسري كذلك على اللحوم والأسماك، الأثر الوحيد لبريكست بالنسبة للمستهلكين البريطانيين، الذين يجب عليهم دفع ضريبة القيمة المضافة، البالغة 20 في المئة على المنتجات المستوردة من الاتحاد الأوروبي.

وتتعدد الشهادات في الصحافة البريطانية، ومنها شهادة شابة (26 عاما) تعيش في لندن واضطرت لدفع 82 جنيها إضافيا لشراء معطفها الذي يبلغ سعره 200 جنيه إسترليني من موزع أوروبي.

واعتبارا من الأول من يناير 2021، يتم تحصيل ضريبة القيمة المضافة في المملكة المتحدة عند شراء السلع المرسلة مباشرة إلى المستهلكين في المملكة المتحدة والتي تقل قيمتها عن 135 جنيها إسترلينيا، أي أن الزبون لن يتأثر نظريا. لكن ذلك يجبر الموزعين على التسجيل في المملكة المتحدة، مما دفع البعض إلى توقيف التصدير إلى هذا البلد.

وفي حال زاد السعر عن 135 جنيها، يدفع المستلم الضريبة، أي المستهلك البريطاني، عندما تجتاز السلعة الحدود، مما يؤدي إلى احتمال زيادة الكلفة مقارنة بسعر الشراء المحدد. وقد تطلب شركة التوصيل أحيانا الدفع عند تسليم السلع.

وقال غاري ريكروفت الشريك في مكتب محاماة جوزيف إيه جونز وشركاه، الواقع في لانكستر (شمال غرب إنكلترا) “إنها ليست رسوما جمركية بالتأكيد، لكنها ستجعل البضائع الأوروبية أغلى”. ورأى أنه “إجراء حمائي لأنه يخلق حاجزا تجاريا” لكنه “واقع بريكست”.

ويسري هذا الأمر كذلك على الجانب الآخر، عندما يتم الشراء في فرنسا من موزع في المملكة المتحدة. وتعاني الشركات إضافة إلى ذلك، من إرباك شهادة المنشأ، التي تُخضع للرسوم الجمركية البضائع المصنعة في الخارج، ولكن يتم تصديرها من المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي.

قال مايك شيري رئيس الاتحاد البريطاني للشركات الصغيرة “يعاني عدد متزايد من صغار المصدرين من ارتفاع تكاليف الشحن والتصاريح الجمركية وشهادة المنشأ والرسوم وضريبة القيمة المضافة”.

وعلقت حوالي 20 في المئة من الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة المتحدة الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي، وفق ما قدرت شركة المحاسبة البريطانية

“يو.إتش.واي هاكر يونغ” الأسبوع الماضي.

وأشارت ميشيل ديل مديرة إحدى الشركات في مانشستر (شمال إنكلترا) لوكالة فرانس برس “عندما تعتاد الشركات على التصاريح الجمركية، ستتحسن الأمور”.

وأعرب قادة أبرز منظمات أصحاب العمل البريطانية عن قلقهم الخميس خلال اجتماع مع السلطات، من وجود “صعوبات كبيرة” في الموانئ البريطانية. ودفع ذلك بعض الشركات إلى التفكير بالاستقرار في أوروبا، غير آبهة بالمشروع الذي دافع عنه رئيس الوزراء بوريس جونسون لتعزيز جاذبية المملكة المتحدة.

والهدف من ذلك هو شحن البضائع بالجملة إلى مركز توزيع في أوروبا قبل بيعها، دون التعرض لقيود التصدير مباشرة إلى الزبون. وهذا ما يعتزم صانع الأجبان سبوريل القيام به، ربما في فرنسا “في الوقت الحالي، الإمكانية الوحيدة المتوفرة لجميع المنتجين هو أن يكون لديهم فرع في الاتحاد الأوروبي”.

العرب