مليارات إضافية لمليارديرات وفقر أكثر للفقراء

مليارات إضافية لمليارديرات وفقر أكثر للفقراء

لندن – طالبت منظمات وقوى سياسية دولية وخبراء اقتصاديون بفرض ضريبة جديدة على الجشع، مع ازدياد الأغنياء غنى والفقراء فقرا تحت وطأة انتشار وباء كورونا في دول العالم الغنية والفقيرة على حد سواء.

وتزامنت مطالب فرض ضريبة على الجشع مع نشر منظمة أوكسفام الخيرية تقرير “فايروس عدم المساواة” خلال مؤتمر دافوس الاقتصادي العالمي الذي اختتم أعماله الأسبوع الماضي.

وذكر تقرير أوكسفام أن المليارديرات -بمن فيهم جيف بيزوس من أمازون ومؤسس شركة تسلا، إيلون ماسك- رأوا ثرواتهم ترتفع خلال جائحة كوفيد – 19 بينما سيواجه فقراء العالم سنوات من المشقة.

وطالبت المنظمة الخيرية باتخاذ خطوات لمعالجة عدم المساواة، في وقت أصبحت فيه لدى الدول “نافذة متقلصة من الفرص” لتحقيق انتعاش اقتصادي عادل.

وذكرت أنه لو فُرضت ضريبة مؤقتة على الأرباح الزائدة التي سجّلتها 32 شركة عالمية حققت أكبر أرباح خلال الوباء لتمّ جمع 104 مليارات دولار في 2020.

وتستمر رواتب كبار الموظفين ومدراء الشركات الكبرى في الارتفاع، بينما تسير حقوق الموظفين في مسار تنازلي، خاصة الذين يعملون في الخطوط الأمامية خلال أزمة انتشار الوباء.

وبالنسبة إلى العديد من الموظفين العاديين، فإن الفجوة الهائلة في الرواتب ومكاسب الرؤساء التنفيذيين الضخمة بمثابة شراب مرّ الطعم لا مفر من تجرعه، الأمر الذي يدفع إلى المطالبة بفرض ضريبة على الجشع بعد زيادة ثروات النخبة الغنية.

وقالت منظمة أوكسفام إن “الأمر قد يستغرق أكثر من عقد لتقليل عدد الأشخاص الذين يعيشون في حالة فقر إلى مستويات ما قبل الأزمة”، مطالبة بفرض ضرائب أعلى على الثروة وحماية أقوى للعمال.

وقالت غابرييلا بوشر، المديرة التنفيذية لأوكسفام، إن “العالم يشهد أكبر ارتفاع في عدم المساواة، والاقتصادات المتلاعب بها تنقل الثروة إلى النخبة الغنية التي تركب على الوباء برفاهية، بينما يكافح أولئك الذين يقفون على خط المواجهة من أجل دفع الفواتير”.

وأصاب تراجع الأعمال إثر انتشار فايروس كورونا الفقراء والمستضعفين بشدة، وفقدت النساء والعمال المهمشون الوظائف، في وقت حذر فيه البنك الدولي من أن أكثر من مئة مليون شخص قد يتعرضون إلى خطر الفقر المدقع.

وأكد تقرير أوكسفام ارتفاع الثروة الجماعية لأصحاب المليارات في العالم بمقدار 3.9 تريليون دولار بين مارس وديسمبر 2020، لتصل إلى 11.95 تريليون دولار.

وقالت أوكسفام إن “أغنى 10 رجال (وهي قائمة بقيادة بيزوس وماسك، وتشمل برنارد أرنو، الرئيس التنفيذي لمجموعة لويس فيتون، وبيل غيتس من مايكروسوفت، والرئيس التنفيذي لفيسبوك مارك زوكربيرغ) شهدوا زيادة في صافي ثرواتهم بمقدار 540 مليار دولار في الفترة نفسها”.

ويكفي مجموع ثروة النخبة الغنية لمنع أي شخص من الوقوع في براثن الفقر نتيجة الوباء ودفع ثمن لقاح كل شخص على وجه الأرض.

وأوضح تقرير أوكسفام أن الوباء يمثل نقطة “محورية” كشفت عن الفوارق الاقتصادية ودعمت السياسات “التحويلية”، ودعت المنظمة إلى فرض ضرائب أعلى على الثروة والشركات إلى جانب تدابير حماية أقوى للعمال.

وسبق أن اقترح مشروع قانون “الرأسمالية القابلة للمساءلة”، الذي صاغته السيناتورة إليزابيث وارن في الولايات المتحدة، مددا زمنية محددة لبيع أسهم الشركات، في محاولة لتحويل التركيز من عائدات المساهمين قصيرة الأجل إلى الأهداف طويلة الأجل لجميع أصحاب المصلحة.

وهناك أيضا مبادرات ناشئة مثل تلك التي وقعت في سان فرانسيسكو وبورتلاند، حيث تخضع الشركات للضريبة إذا كانت نسبة أجورها مرتفعة للغاية، ما يخلق حافزا اقتصاديا على تحقيق المزيد من المساواة.

وفي الوقت الذي كان فيه الوباء ينتشر في أنحاء العالم عام 2020، ضحى رؤساء تنفيذيون في بعض الشركات الكبرى مثل بوينغ، وماريوت إنترناشيونال، وبرايس ووتر هاوس كوبرز، بجزء من مكاسبهم طواعية لإنقاذ وظائف الموظفين، وإن انتقد كثيرون ذلك معتبرين أنه خطوة رمزية لا أكثر.

وقالت أستاذة الاقتصاد في جامعة ماساتشوستس جياتي غوش إن “التعاون الدولي سيكون مفتاحا لتنفيذ العديد من التغييرات”.

وعبرت غوش، التي شاركت في تقرير أوكسفام، عن أملها في أن تقوم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالتشجيع على “المزيد من الاستعداد” لاتخاذ إجراءات مشتركة بشأن قضايا من بينها حملة على الملاذات الضريبية وإنقاذ الدول النامية، وذكرت أن “هناك بعض العقبات الكبيرة، لكن هناك طرقا كثيرة يمكن اتباعها بسرعة كبيرة”.

وقالت غابرييلا بوشر، في كلمة أمام اجتماع افتراضي لقادة العالم نظمه المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الاثنين، إن “الوباء سلط الضوء على تأثير عدم المساواة العرقية المستمرة التي فشلت الحكومات في معالجتها”، وأن “ما يقرب من 22 ألف شخص من السود واللاتينيين في الولايات المتحدة كانوا سيظلون على قيد الحياة لو كانت معدلات وفياتهم بسبب الوباء مماثلة لتلك المسجّلة بين البيض”.

ولئن كانت الموازنة بين العرض والطلب معادلة معروفة، فقد زادها وباء كوفيد – 19 تعقيدا. وفي حين لا يحصل مليارا شخص على كفايتهم من الطعام أو يعانون من سوء التغذية، سيتعين على الكوكب إطعام ملياري شخص إضافيين في عام 2050 مع توقع أن يصل عدد سكان الأرض إلى 9.7 مليار حينها، كل ذلك مع التوقف في الوقت نفسه عن تدمير مواردها ومساحاتها الطبيعية.

وقال ديفيد بولتشوفر، خبير إدارة الأجور ومؤلف كتاب “شيك الراتب: هل أصحاب أعلى الأجور يستحقونها فعلاً؟”، “ربما يكون الاقتصاد منتعشا، أو قطاع الشركات الكبرى مزدهرا، لكن لا علاقة لذلك بكبار الرؤساء التنفيذيين الذي يمنحون رواتب ضخمة بينما مساهمة العمال ذوي الرواتب الضئيلة هي الأساس”.

وأضاف “تأثير الرئيس التنفيذي على أداء الشركة غير قابل للتحديد، وهذا هو لب الموضوع. وهم يبررون ذلك بـ ‘أيديولوجيا الموهبة’. لكن هل فعلاً قدراتهم نادرة جداً؟ أعتقد أنها خدعة”.

ويرى بولتشوفر أن الأزمة المالية العالمية في عام 2008 هي مثال واضح على أن الأداء والأجور ليسا دائماً متوافقين.

وقال “لطالما دافع القطاع المالي عن رواتب كبار موظفيه المرتفعة على أساس قدراتهم النادرة ومواهبهم، لكن الكثير من البنوك أفلست خلال الأزمة، وبدأ الناس يطرحون أسئلة: لماذا دفعت لهم كل هذه المبالغ؟ ولماذا استمر حصولهم على هذه الأموال حتى بعد الأزمة؟”.

العرب