عاد موضوع الحقول النفطية المشتركة للعراق مع إيران إلى الواجهة من جديد، بعد تصريحات لمسؤول إيراني كشف فيها قرب بدء إنتاج بلاده النفط من حقل مشترك بين البلدين، من دون اتفاق مع بغداد يضمن الاستثمار المشترك لهذه الحقول التي تمتد علـى مسافة غير قصيرة ضمن الحدود المشتركة.
وأظهر وزير النفط الإيراني بيجن زنكنة، أن الطاقة الإنتاجية في حقول النفط في غرب كارون المشتركة مع العراق ضمن حدودها مع البصرة العراقية ارتفعت من 70 ألفاً إلى 400 ألف برميل يومياً خلال الأعوام السبعة الأخيرة، وفق خطة تهدف إلى رفع تلك الطاقة خلال السنوات القليلة المقبلة إلى مليون برميل يومياً.
3 مليارات برميل
كما أن المدير التنفيذي لشركة “أويك” المطوّرة لحقل “آذر” غربي إيران، غلام رضا منوجهري، أعلن بشكل مفاجئ قرب بدء استخراج 65 ألف برميل من النفط الخام يومياً من الحقل المشترك مع العراق، والذي يسمى داخل العراق “حقل بدرة”، وتبلغ احتياطاته المؤكدة نحو 3 مليارات برميل، وإنتاجه اليومي نحو 45 ألف برميل منذ العام 2015، ويُدار من قبل ائتلاف شركات روسية وكورية وماليزية وتركية، تهدف لزيادة إنتاجه إلى 170 ألف برميل يومياً.
خمسة حقول مشتركة
ويتشارك كل من العراق وإيران في حقول “مجنون” و”أبو غرب” و”بزركان” و”الفكة” و”نفط خانة”، التي يصل مخزونها مجتمعة من النفط الخام الخفيف إلى أكثر من 95 مليار برميل، بحسب بيانات رسمية عراقية، كما تشير ترجيحات إلى وجود 10 حقول غير مكتشفة تمتد على حدود البلدين.
ويبدو من متابعة التطورات بخصوص هذا الملف الاقتصادي المهم بالنسبة إلى العراق، أن إيران عازمة على المضي بسرعة في تطوير هذه الحقول على حساب العراق، ومن دون اتفاق أو تفاهم في شأنها، على الرغم من كثرة تصريحات مسؤولي البلدين حول التعاون لإيجاد صيغة مرضية للطرفين تضمن حقوقهما.
لا مشكلات مع الكويت
وكان وزير النفط العراقي إحسان عبدالجبار تحدث في تصريحات سابقة أدلى بها في سبتمبر (أيلول) الماضي، عن توجه الوزارة نحو تطوير قدرات شركاتها النفطية العاملة في محافظتي البصرة وميسان، بهدف التعجيل بعمليات الاستثمار في الحقول النفطية المشتركة مع كل من الكويت وإيران.
وقال الوزير لصحيفة “الصباح” الحكومية، إن “شركة استشارية تعمل على وضع خطط وعوامل التشغيل المشترك للحقول النفطية المشتركة مع الكويت”، مبيناً أن “هناك حوارات مع الجانب الإيراني للاتفاق على صيغ نهائية وثابتة لتشغيل الحقول المشتركة بين البلدين”.
واتفق العراق والكويت في 3 أغسطس (آب) 2019 علـى اختيار شركة الاستشارات البريطانية “أي.آر.سي” لتحديد أفضل السبل لاستثمار الحقول المشتركة بين البلدين، وتنظيم عملية استخراج النفط والمساعدة في تنظيم استغلال هذه الحقول بما يضمن حق كل دولة فيها.
البرلمان يدرس الملف
ويعمل مجلس النواب العراقي على استضافة المسؤولين في وزارة النفط العراقية للحصول على معلومات في شأن هذا الملف وكيفية التعامل معه. وكشف عضو لجنة النفط والطاقة النيابية، بهاء الدين النوري، عن قرب استضافة مسؤولين في وزارة النفط العراقية لبحث موضوع كيفية استثمار الحقول المشتركة مع الكويت وإيران.
وأضاف النوري أن “هناك اتفاقاً بين الجانبين الكويتي والإيراني للتنسيق بخصوص استثمار الحقول المشتركة”، مشيراً إلى أن “استثمار الحقول من جانب واحد سيسبب مشكلة حقيقية للعراق”.
ودعا النوري الحكومة العراقية إلى تفعيل اللجان المشتركة لوضع آلية الاستثمار المشترك لهذه الحقول، لافتاً إلى أن للعراق سقفاً محدداً من الإنتاج لا يمكن تجاوزه وفق اتفاق منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
ويدعو متخصصون ومتابعون لعمل القطاع النفطي العراقي إلى تأسيس شركات مشتركة لإدارة هذه الحقول، والتحرك دولياً لضمان حقوق العراق فيها.
ورأى نائب رئيس لجنة النفط والطاقة الأسبق في البرلمان العراقي عبدالهادي الحساني ضرورة تأسيس شركة نفطية مشتركة تتولى عملية استثمار النفط وتقاسمه، مؤكداً حق العراق في اللجوء إلى المحاكم الدولية للمطالبة بحصته من الحقل المشترك المُستثمر.
وأضاف حساني أن “الحقول المشتركة تستفيد منها دول جوار العراق، لأنه لا يستثمرها بسبب الظروف التي يمر بها”، مشيراً إلى “عدم وجود استراتيجية لإدارة حقول النفط”. وشدد حساني على “ضرورة استثمار عامل الوقت، وأن تتم الاستفادة من تلك الحقول ويأخذ العراق استحقاقه بالطرق الدبلوماسية وعقد الاجتماعات المشتركة”.
هيمنة إيرانية على القرار العراقي
ويرى خبراء في القطاع النفطي أن الخطوة الإيرانية تشكل رسالة واضحة عن هيمنة طهران على القرار السياسي في العراق. ويقول الخبير النفطي كوفند شيرواني، “إن عدم استثمار الحقول النفطية المشتركة مع إيران هو قرار سياسي انعكس على الجانب الاقتصادي”، مشدداً على ضرورة اتباع الطرق الدبلوماسية والعلمية في استثمار الحقول المشتركة”. واعتبر شيرواني أن “الموقف الإيراني يعكس هيمنته على القرار السياسي العراقي، وبالتالي انعكاسه على الجانب الاقتصادي”، مقترحاً “سلسلة حلول تتمثل في استثمار الحقل المشترك من خلال شركة نفطية مشتركة، وتقاسم الإنتاج بحسب مساحة كل حقل، أو تحديد كمية الإنتاج لكل دولة بحسب مساحة الحقل النفطي الواقع في أراضيها”.
وأوضح شيرواني أن “أكبر الحقول المشتركة للعراق هو حقل الرميلة الجنوبية بين العراق والكويت، وحقل مجنون النفطي بين العراق وإيران”.
يُذكر أن الحقول المشتركة بين العراق والكويت تقع على جانبي الحدود، أهمها “الروضتين” و”بحرة” و”الصابرية” في الكويت، أما في جنوب العراق فتقع حقول “الزبير” و”القرنة” و”جزيرة مجنون”، كما يمتد حقل “الرميلة” كما يُسمى عراقياً، و”الرتقة” كما يُسمى كويتياً، عبر أراضي البلدين ويقع إلى الغرب من منفذ “صفوان – العبدلي”.
مؤيد الطرفي
اندبندت عربي