القيادات الإرهابية بين المواجهة والاندثار

القيادات الإرهابية بين المواجهة والاندثار

تأتي العمليات الأمنية الاستباقية التي نفذتها وتابعتها الأجهزة الأمنية العراقية، بالتعاون مع جهاز مكافحة الإرهاب ووكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية، والتنسيق مع قيادة التحالف الدولي ضد التنظيمات الارهابية التابعة لداعش، واستهداف قياداتها وأماكن تواجدها، في سياق الحد من التعرضات والعمليات التي استهدفت المواطنين الأبرياء والمقار العسكرية والأمنية في العديد من مراكز المدن والأقضية والنواحي في العراق، وتحديدا في محافظات (ديالى وصلاح الدين والأنبار) ومركز مدينة بغداد.
شكلت هذه العمليات الأمنية التي جاءت عبر معلومات دقيقة كانت ثمرة لجهد أمني واستخباري تمثل بالمتابعة الميدانية وجمع المعلومات ورصد حركة وتنقلات العناصر الإرهابية باستخدام المراقبة الجوية والأجهزة الفنية المتطورة والكاميرات الحرارية وبتنسيق مع غرفة قيادة العمليات المشتركة وإشراف ميداني مباشر من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي يمتلك خبرة واسعة في مجال العمل الاستخباري ومتابعته للتنظيمات الإرهابية ومعرفته بقياداتهم وتوجهاتهم وحركة عناصرهم خلال فترة عمله رئيسا لجهاز المخابرات العراقي لعدة سنوات، اطلع خلالها على العديد من الملفات المهمة والمعلومات الميدانية الخاصة بحركة هذه القيادات وامتداداتها وعلاقتها الداخلية والخارجية .
إن استمرار نشاط هذه العناصر ومكافحتها والحد من إعادة تأهيل قاعدتها والعمل من جديد باتجاهات وأطر أخرى، تشكل هاجسا أمنيا يتعلق بالجهات الأمنية والاستخبارية، وعاملا رئيسا في توحيد الجهد الدولي تجاه عملية الإعداد، واختيار الخطط الميدانية الاستراتيجية الكفيلة بحماية العراق من تجذر وبقاء خلايا هذا التنظيم، تعمل بكل نشاط وفعالية، وتفعيل العمل الأمني الجاد في سبيل الغاية التي يسعى لها الجميع بتحقيق الأمن والسلم الاجتماعي .
وأثمرت هذه الإجراءات والجهد الميداني عن تنفيذ الآتي :
أولا: بتاريخ 27 كانون الثاني 2021 تمكنت القيادات الأمنية وبمشاركة قيادة التحالف الدولي وبعملية (ثأر الشهداء) من استهداف وقتل الإرهابي (جبار سلمان علي فرحان العيساوي) والمكنى ابو ياسر العيساوي، وهو المسؤول الثاني في تنظيم داعش، من مواليد 1982 من أهالي محافظة الانبار قضاء الفلوجة، وعدد من العناصر العاملة معه والبالغ عددهم (9) إرهابين في المضافة العائدة له بالقرب من محافظة كركوك، وتم قتلهم جميعا بإصابة مباشرة ودقيقة ومن خلال أسلحة نوعية ومراقبة جوية ميدانية وجهد استخباري استمر عدة أشهر .
ثانيا: بتاريخ 2 شباط 2021 وتواصلا مع الجهد الميداني بين جميع الأجهزة الأمنية العراقية تم قتل الارهابي (جبار علي فياض) المكنى أبو حسن الغريباوي، الذي يشغل منصب ومسؤولية العسكري العام لقاطع جنوب العراق، والذي أشرف على تنفيذ العملية الارهابية التي جرت بتاريخ 21 كانون الثاني 2021 في ساحة الطيران بمركز العاصمة بغداد وذهب ضحيتها (32 ) شهيدا وجرح (112) آخرين من المواطنين الأبرياء، كما قتل في هذه الضربة الجوية التي نفذها طيران التحالف الدولي في منطقة ابو غريب الارهابي (غانم صباح جواد) المسؤول عن نقل الارهابيين اللذين فجرا نفسيهما في حادث ساحة الطيران .
جاءت هاتان العمليتان في سياق المتابعات الأمنية ولاستعادة الثقة بالأجهزة الاستخبارية، وزرع حالة الاطمئنان في نفوس أبناء الشعب العراقي، وإعادة روح السكينة والأمن في نفوسهم بعد العديد من العمليات والتعرضات الإرهابية التي تم تنفيذها والتي ذهب ضحيتها الكثير من الأبرياء، ولتؤكد حقيقة المتابعة الميدانية ودقة المعلومات التي تمتلكها الأجهزة الأمنية، وتعكس طبيعة التعاون الميداني مع كافة المؤسسات الاستخبارية والتنسيق المباشر مع قيادة التحالف الدولي في مواجهة الإرهاب .
وبرؤية ميدانية أمنية نستطيع أن نقول الآتي :
1. مثلت هذه العمليات التوجه الحقيقي لمواجهة العناصر الإرهابية والاقتصاص منها وإيقاع أكبر الخسائر بها وتحديدا في قياداتها الميدانية وعناصرها المهمة .

2. مواجهة أساليب التنظيم الإرهابي والذي يعمل على إعادة هيكلية عمله وترتيب أوضاعه واستعادة مكانته لدى عناصره المتواجدين في الداخل وزرع حالة الثقة فيهم مرة أخرى .
3. أكدت هذه العمليات صواب وصحة التعاون المشترك بين القيادات العسكرية والأمنية العراقية وقيادة التحالف الدولي في الاستمرار بتبادل المعلومات وتنفيذ الخطط والحفاظ على الأمن والاستقرار في العراق، وتوسيع دائرة التعاون في مكافحة الإرهاب وأدواته .
4. إيقاف استمرارية التنظيم الإرهابي عن تنفيذ عمليات وهجمات مستقبلية تستهدف المواقع الميدانية للقيادات العسكرية والأمنية وأماكن تجمع المواطنين وإفشال توجهاتهم في محاولتهم زرع حالة الخوف والفزع في نفوس المواطنين .
5. حققت العمليتان ضربة موجعة وقوية قاصمة لجهود وتوجهات (داعش) ومحاولته إعادة تنظيم صفوفه عبر الخلايا النائمة واستعادة الثقة بمقاتليه ومؤيديه في الداخل، وأكدت وضوح دقة المعلومات التي بحوزة الأجهزة الاستخبارية ومتابعتها الحثيثة لتواجد عناصر داعش وأماكنهم، والتي أسفرت عن استهدافهم عبر العديد من الضربات الجوية التي أوقعت الخسائر بهم .
6. جاءت الوقائع والأحداث لتوضح مدى حاجة العراق إلى الاستمرار بالتعاون الأمني والاستخباري وتبادل المعلومات مع قيادة التحالف الدولي، وتنفيذ الضربات الجوية بعد التمادي الواضح لعناصر داعش في تنفيذ العمليات الإرهابية .
7. لا زالت عناصر داعش تتحرك بمرونة واضحة في المناطق الصحراوية واستخدام الطرق النائية في التنقلات الخاصة بمقاتليهم وقياداتهم وبحرية تامة عبر الخلايا النائمة والعناصر المتعاونة معهم .
تبقى محاربة داعش وتطهير العراق منهم واجبا وطنيا ولا تتوانى الحكومة العراقية والأجهزة الأمنية من إظهار خطورة هذا التنظيم وتوجهاته الإرهابية وطبيعة العمليات التعرضية التي تستهدفه من قبل القوات العسكرية والأمنية والخسائر التي تقع في صفوف قياداته وعناصره وتبقى حاجة العراق الى تعاون مستمر ودعم وإسناد ميداني من قبل قيادة التحالف الدولي لمحاربة داعش، والحصول على المعلومات الدقيقة المتعلقة بتحركات وعلاقات التنظيم عبر أصول المراقبة والدعم الجوي، وتمكين القوات العراقية من القيام بواجباتها بدقة أفضل وتوسيع مدارات التنسيق وإقامة الدورات التخصصية والاستفادة من الخبرات التي يمتلكها التحالف الدولي في تعزيز المنظومة الامنية العراقية.

وحدة الدراسات العراقية