اعتداء أربيل …الدوافع والنتائج “الجزء الأول”

اعتداء أربيل …الدوافع والنتائج “الجزء الأول”

تستمر العمليات الإرهابية التعرضية التي تستهدف الأهالي والمواطنين في معظم مدن ومحافظات العراق لإشاعة الفوضى والإضطراب داخل المجتمع العراقي تنفيذا لسياسات اقليمية ودولية تعمل على عدم استقرار الأمن والطمأنينة في البلاد ، وتقوم أدوات ووكلاء بتنفيذها تحت مسميات مختلفة وبأسماء وهمية لمليشيات معروفة غايتها تصعيد حالة التوتر والبلبلة وانعدام الأمن الداخلي ضمن مشروع سياسي وأمني لإستمرار خلق  الأزمات والمشاكل والمعوقات التي تخدم السياسات الخارجية .

تابع (مركز الروابط للدراسات الاستراتيجية والسياسية) الأحداث والوقائع التي جرت في الأونة الأخيرة في العراق وأخرها العملية التعرضية التي حدثت مساء يوم الاثنين الموافق الخامس عشر من شباط 2021 مستهدفة مدينة أربيل ومحيطها والمطار الدولي فيها والقاعدة الأمريكية القريبة منها ب(14) صاروخ نتج عنها اصابة عدد من المباني السكنية منها مبنى عسكري أسفر عن مقتل معاقد مدني واصابة (15) من الأمريكان من بينهم جندي أمريكي ، وتأتي هذه العملية بعد أخر عملية قامت بها عناصر مليشياوية بناريخ 30 أيلول 2020 بأطلاق عدة صواريخ كاتيوشا على مواقع في مدينة أربيل انطلقت حينها من منطقة الكوير التابعة لمحافظة نينوى .

اتسمت هذه العملية بعدة بخصائص وميزات وأهداف لم تختلف في جوهرها عن العمليات السابقة ولكنها ومن خلال دراسة عسكرية وأمنية ومتابعة حثيثة لمركز الروابط يمكن أن نحدد أبرز هذه الخصائص وهي :

1.أن العملية كانت قريبة من محيط مدينة أربيل وبنظرة فاحصة ودقيقة لموقع انطلاق الصواريخ ممكن مشاهدة الشواخص العالية والبنايات المعروفة والأماكن المهمة الواقعة في المدينة وهذا يؤكد طبيعة العمل الذي يستهدف الوضع الأمني الداخلي .

2.تمت عملية التنفيذ عبر منصتين لإطلاق الصواريخ وبمعلومات أمنية دقيقة توصل مركز الروابط الى تحديدها وهي منطقتي (رشكين وقريتاغ هركي ) التابعة لناحية خابات بمحافظة أربيل والتي تبعد عن مطار أربيل بمسافة 5-6 كيلو متر وهذه خاصية جديدة تختلف عن باقي مواقع العمليات السابقة التي استهدفت المدينة وتؤشر أمكانية هذه العناصر في الوصول الى مناطق قريبة من محيط محافظة أربيل .

3.أرادت الأيادي التي نفذت العملية أن ترسل رسائل دقيقة وبأهداف واضحة الى قدرتها على التواجد الميداني والتنقل الحر واستهداف أي مكان أو موقع يخدم أهدافها وسياستها .

4.أوقعت العملية عدة أصابات في الأهداف المعلنة وباعداد اكبر من العمليات الأخرة وجرحت أحد جنود الأمريكان وهذا تصعيد في المواجهة التي تخدم سياسات اقليمية وبمشروع ميداني على حساب أمن وسلامة المواطنين واستهداف الأمن الوطني والقومي العراقي .

5.نفذت العملية بنفس الأساليب والأدوات والصواريخ التي أستخدمت في العمليات المماثلة والتي أستهدفت مدينة أربيل مما يؤكد أن القائمين على التنفيذ هم نفس الجهات التي قامت وساهمت بالعمليات السابقة وللأهداف نفسها .

6.تعتبر العملية تصعيدا أمنيا كبيرا وخرقا واضحا لجميع الأجراءات والخطط الأمنية المتبعة في المنطقة واستباقا استخباريا ميدانيا للمشرفين على تنفيذ العملية وحرية في التنقل والحركة للعناصر المنفذة .

7.تعتبر العملية اختباريا ميدانيا دقيقا للإدارة الأمريكية الجديدة ولأمكانية الرئيس جوبايدن في مواجهة التصعيد الأمني والإستهداف الميداني لأهداف ومواقع تابعة للجيش الأمريكي وقيادة التحالف الدولي .

8.هناك فرضيات ميدانية أمنية استخبارية من الممكن الأخذ بها بدقة وهي امكانية نقل الصواريخ التي اطلقت عبر الطرق النيسمية من مناطق الدبس وسركلان التابعة لناحة الدبس بمحافظة كركوك وهي مناطق تكون بعيدة عن المراقبة الأمنية والسيطرات الميدانية المنتشرة على  الطرق الرئيسية ، وهي فرضية ايصال هذه الصواريخ الى مناطق وقرى يتم فيها تصنيع منصات الإطلاق قريبة من مدينة أربيل ويتحقق فيها عاملي الاختفاء والحفاظ على سلامة التنفيذ .

9.جاء الرد الايراني مباشرة على تنفيذ العملية نافيا علاقته وعلمه بها وهي من المرات القلائل التي يصدر عن الجهات الرسمية الايرانية تصريحا وبيانا حول تنفيذ مثل هذه العمليات وهو اجراء وقائي لابعاد الشبهة عن علاقة النظام بالمليشيات المسلحة في العراق .

من الواضح أن هذه العملية ألقت بظلالها الكبير على طبيعة الردود الفعلية للتحالف الدولي والقيادة العسكرية للحلف الأطلسي ولجميع الجهات الرسمية والحكومية في العراق وأخذت أبعادا واضحة ومواقف متباينة تمثلت بالأتي :

أولا: استمرت الاتصالات بين وزيري الدفاع والخارجية الأمريكية منذ ساعة وقوع الحادث وعبر معلومات خاصة بمركز الروابط للدراسات فان هذه الاتصالات لا زالت مستمرة بين القيادة العراقية في بغداد والقيادة الكردية في أقليم كردستان للتداول المرحلي في طبيعة مواجهة هذا التعرض والأحداث المماثلة ومنع وقوعها مستقبلا .

ثانيا: أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلس ( ينس ستولتنبرغ) انه يتوقع أن يوافق وزراء الدفاع على مهمة موسعة بالتنسيق مع الأجهزة والمؤسسات العسكرية والأمنية العراقية وأن المهمة ستتسع حسي الوضع الميداني وتطور الأحداث .

ثالثا : تدرس قيادة التحالف الدولي امكانية زيادة عدد قواتها الى 4000-5000 في العراق استجابة لتطور الأوضاع الميدانية ولزيادة عمليات التواجد والتدريب المشترك وتقديم الخبرة للقوات الأمنية العراقية .

رابعا : وصفت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في بيان لها حول الحادث وعبر المتحدث الرسمي للحزب ( محمود محمد ) أن مجموعة مختلة خارجة عن القانون متسترة بالحشد الشعبي وامكانياته وامتيازاته وعباءته قامت بتفيذ العملية التعرضية على مدينة أربيل والمناطق المحيطة بها في عمل يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار والهدوء في اقليم كردستان .

ان القوى والأدوات العاملة على اشاعة الفوضى والاضطراب في العراق عليها أن تدرك أن جميع المحاولات والعمليات والسيطرة الميدانية على العديد من مدن ومحافظات العراق من قبل تنظيم داعش الأرهابي قد فشلت وتم اسقاط هذا المشروع التخريبي الذي استهدف أمن وسلامة ابناء الشعب العراقي وعلى جميع المليشيات والعصابات المسلحة أن تعي حقيقة أن جميع محاولاتها وعملياتها واستهدافاتها في مدن ومحافظات البلاد سيكون مألها الفشل وأن حساباتهم وتخطيطهم الميداني سيؤدي الى فضح علاقاتهم وارتباطاتهم والجهات الداعمة لهم.

وحدة الدراسات العراقية