أخذت المجموعة الأوربية على عاتقها عملية ايجاد الحلول الميدانية للبدأ بمحاولة اعادة الحوار مع الولايات المتحدة الامريكية والنظام الايراني والاتفاق على صيغ جديدة تساعد على تجاوز الخلافات الثنائية بين طهران وواشنطن والعمل باتجاه اعادة المفاوضات حول الاتفاق النووي وبرنامج الصواريخ الباليستية والدور والنفوذ الايراني في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي ، هذا التوجه الأوربي يساعد على اعادة دور الشراكة بين الدول الراعية للاتفاق مع ايران (5+1) والولايات المتحدة بعد انسحاب واشنطن من الاتقاق في مايس 2018 وتوجيه عشرات العقوبات الاقتصادية والتجارية والسياسية للنظام الايراني .
من هنا برزت العديد من المشاكل الجانبية بعد تسلم الرئيس الامريكي جو بايدن مهام الادارة الامريكية وبدأت حملات التصعيد في الخطاب السياسي الايراني الذي لم يراعي الاشارات التي قدمتها واشنطن واستعدادها للتفاوض مع شركاء الاتفاق النووي والاستفادة من الأجواء التي هيئتها المجموعة الأوربية والعمل على خروج ايران من عزلتها الدولية واستعادة علاقتها مع دول العالم والبدأ بمشاورات حثيثة للعودة من جديد للتفاعل مع الأحداث العالمية والتقليل من حدة العقوبات الاقتصادية وتفادي أثارها الجانبية التي شكلت عبئا كبيرا على المنظومة الاقتصادية في ايران وألقت بتأثيراتها على أبناء الشعوب الايرانية التي بدأت بالتظاهرات والرفض الشعبي لسياسات النظام الخارجية بإصراره على التمسك بمشروعه السياسي القاضي بالتمدد والنفوذ وعدم الارتكان والانتباه للمعاناة الحقيقية التي يعيشها المواطنين الايرانين وتدني المستوى المعاشي وتصاعد نسبة البطالة وتعاطي المخدرات داخل المجتمع الايراني مع التوقف شبه الكامل لعمليات تصدير النفط الذي يشكل عصبا مهما في الحياة الاقتصادية لإيران .
جاءت المواقف الايرانية الاخيرة لتؤكد حقيقة السلوك السياسي القائم على المطالبات الكبيرة والسقوف العالية التي تحاكي الجبهة الداخلية كون النظام الايراني يعلم حقيقة مايدور من أزمات ومشاكل داخلية يرغب في الخروج منها عبر طريق المفاوضات مع الولايات المتحدة الامريكية ليتمكن من استعادة انفاسه ومعالجة أزماته السياسية والاقتصادية ولكنه سلك طريقا أخر عبر خطابات وتهديدات تمثلت برفض المراقبة المفاجئة للبرنامج النووي من قبل وكالة الطاقة الذرية والذي شكل اخفاقا واضحا في المحاولات التي تسعى اليها الدول الأوربية الراعية للاتفاق وتصريحات علي خامنئي بسعي النظام الايراني الى تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% والطلب من واشنطن العودة للمفاوضات دون شرط والغاء جميع العقوبات .
تابع مركز الروابط للدراسات الأستراتيجية والسياسية التطورات الحالية في الموقف الايراني والرسائل الأمريكية المرسلة عبر المجموعة الأوربية أو التصريحات الخاصة بالمسؤولين في الادارة الامريكية وتوصل الى رؤية وقراءة ميدانية وفق الأتي :
1.تقتضي المصلحة الايرانية أن تعمل المنظومة السياسية في طهران على التعامل الجدي مع الاشارات الامريكية لتساعدها على تفادي أثار العقوبات بكل أنواعها وتهدئة الوضع الداخلي الايراني .
2. تمتلك المجموعة الأوربية علاقات اقتصادية واسعة مع النظام الايراني ولديها الرغبة الكاملة في استعادة ايران لدورها الاقليمي والدولي لتستمر عمليات التبادلات التجارية والاستثمارات الأوربية في ايران وتحقيق المكاسب المالية بالعودة لهذه الاتفاقيات بعد الشروع بالمفاوضات حول البرنامج النووي الايراني وبرنامج الصواريخ بعيدة المدى .
3.البدأ بمراحل أولية للمفاوضات يحقق للنظام الايراني تدفق الأموال ومعالجة الأزمات الاقتصادية الداخلية ورفع مستوى الحياة المعيشية لأبناء الشعوب الايرانية واستعادة الاقتصاد الايراني بعضا من نشاطه وعافيته .
4.العناد الايراني واستمرار سياسة التهديد في الخطاب السياسي الايراني سيعود بالضرر عليه ويفقد الدعم الأوربي له خاصة وأن هناك العديد من الرؤى السياسية الأوربية _الأمريكية قد تشابكت في اتفاق مرحلي على أعادة صياغة حوار مشترك بين جميع الأطراف وعلى ايران الاسنفادة من هذا التوافق بين الشركاء والحلفاء .
5.الرسائل الأمريكية بايقاف العقوبات الأممية ضد النظام الايراني وإبلاغ مجليس الأمن الدولي بها هي خطوات امريكية مدروسة واعلان للنوايا والبدأ بمرحلة االسلوك لتغييرات الجذرية في مرحلة المواجهة مع ايران والاستعداد للتباحث الدبلوماسي مع النظام بهدف احياء الاتفاق النووي .
6.لا يزال النظام الايراني يستخدم أسلوب المراوغة والتهديد بتقليص التزاماته أمام عمليات التفتيش التي تجريها وكالة الطاقة الذرية وتصعيد المواجهة في جبهات خارجية تتمثل بدعم واسناد المليشيات المسلحة التي تستهدف الأماكن والمواقع والقواعد العسكرية للتحالف الدولي وللولايات المتحدة الأمريكية في العراق .
7.استمرار النظام الايراني في توجهاته الداخلية بمخاطبة الشعوب الايرانية والترويج الى أن واشنطن في تراجع كبير وخيبة أمل وضعف في مواجهة النظام الايراني وأنه نجح في عملية التصدي والصمود أمام العقوبات الاقتصادية التي أفصح عن تأثيراتها محمد ظريف وزير خارجية ايران عندما أشار في حديثه الى قناة برس تي في الايرانية بتاريخ 21 شباط 2021 ( أن خسائر ايران بسبب العقوبات الاقتصادية بلغت تريليون دولار ) وهذه اشارة واضحة لعدم الوضوح في الخطاب الايراني الموجه .
8.عدم التعويل على نتائج الانتخابات الايرانية القادمة في حزيران 2021 وأي من الجانبين (المعتدلين والمحافظين) سيكون الفائز واي من التيارين الليبرالي أو المتشدد سيقود السلطة في طهران فالقول والرأي الأخير في المنظومة السياسية الايرانية هي للمرشد الأعلى علي خامنئي وعلى جميع الأطراف الساعية لإعادة الروح للإتفاق النووي أن تدرك هذه الحقيقة .
تريد واشنطن أن تظهر للعالم أنها ليست أداة للحروب وانها ملتزمة بتحالفاتها وشراكاتها مع الأوربين وتضع الطرق والأساليب الدبلوماسية في أولوياتها ، في حين لا زال الموقف الايراني يبتعد عن المرونة المطلوبة والتعامل السياسي الواضح المدرك لخطورة الأحداث القادمة.
وحدة الدراسات الإيرانية