مبادرة إسرائيلية غامضة بشأن ترتيبات أمنية مع دول الخليج

مبادرة إسرائيلية غامضة بشأن ترتيبات أمنية مع دول الخليج

كرم أبوسالم (إسرائيل) – قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، الثلاثاء، إنه ينوي إقامة “ترتيب أمني خاص” مع دول الخليج العربية التي لها علاقات مع إسرائيل وتشاركها المخاوف بشأن إيران. لكن الغموض يحيط بالمبادرة الإسرائيلية وسط تساؤلات تتعلق بمحتواها، هل ستفضي إلى ترتيبات أمنية فعلية تقود إلى استعمال إسرائيل قواعد خليجية في توجيه ضربات لمواقع إيرانية أم هي واجهة فضفاضة لسياسة الردع الإسرائيلية التي تقوم على توجيه ضربات محدودة مثلما هو الأمر في سوريا؟

وأقامت دولة الإمارات والبحرين علاقات رسمية مع إسرائيل العام الماضي. واقترحت إسرائيل والإمارات إقامة تعاون دفاعي وعسكري في إطار التقارب المدعوم من الولايات المتحدة.

وقلل غانتس، خلال زيارة لمعبر حدودي بين إسرائيل وغزة، من شأن تقرير ذكر أن إسرائيل تدرس مسألة إبرام اتفاق دفاعي مع دول عربية خليجية، لكنه قال إنه يجري السعي لتطوير علاقات أمنية.

وقال غانتس لوكالة رويترز “لا أعتقد أنه سيكون اتفاق دفاع لكننا سنقيم علاقات دفاعية مع كل دولة لدينا علاقات معها”.

وأضاف “نسعى لإقامة ترتيب أمني خاص، ويمكننا مواصلة وتطوير علاقاتنا في إطار هذا الترتيب”.

وامتنع غانتس عن الخوض في تفاصيل بشأن ما سينطوي عليه مثل هذا الترتيب.

ويعتقد خبراء أن دول الخليج لا تحتاج إلى “ترتيبات أمنية” دون فاعلية يكون الهدف منها الاستثمار السياسي الإسرائيلي في سياق دعاية استعراضية للتطبيع مع بلدان الخليج، لافتين إلى أن دول المنطقة لا تحتاج إلى وجود عسكري إضافي إذا كان الهدف منه إطلاق التحذيرات أو التلويح بردع إيران، فهذه الدول تمتلك قوات جوية خاصة بها قادرة على لعب نفس الدور، فضلا عن وجود قوات أميركية في قواعد مختلفة بالخليج دأبت بدورها على المراقبة والترقب دون توجيه ضربات لإيران.

ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن تمركز القوات الأجنبية في الخليج لم يعد يصلح ورقة ضغط على إيران التي باتت تستثمر هذا الوجود كحافز لها على تطوير سلاحها واستعراض الصواريخ الباليستية والمُسيّرات، وأن أي شيء أقل من التسهيلات العسكرية المباشرة التي تتيح استخدام القواعد سيعد عبئا على دول المنطقة.

وقال مسؤول إسرائيلي مطلع، الإثنين، إن “إسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين ناقشت مسألة توسيع التعاون لمواجهة أعداء مشتركين”.

وذكر المصدر أن الأمر قيد “مناقشة غير رسمية”، مضيفا أن الإمارات والبحرين حليفتان للولايات المتحدة، ويعتقد الحلفاء الثلاثة جميعا أن إيران النووية ستكون تهديدا كبيرا، وكانوا يتطلعون إلى خطة إدارة الرئيس جو بايدن التي تقضي بإعادة الاتفاق النووي مع طهران لعام 2015 بقلق.

وتعيد هذه التصريحات إلى النقاش فكرة بناء تحالف عسكري عربي إسرائيلي في مواجهة إيران خاصة بعد تخلي الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة عن دورها في وقف التمدد الإيراني.

ويمكن أن يشهد هذا التحالف دفعة قوية في ظل الضغوط الأميركية على السعودية ومحاولة منعها من لعب دورها كقوة إقليمية في وقف التهديدات الإيرانية، وذلك بعد قرار وقف بيع أسلحة هجومية من واشنطن للرياض التي قد تضطر إلى التخلي عن تحفظها بشأن إقامة علاقات مباشرة مع إسرائيل.

وسبق أن دعا رون لودر، رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، في مقال بصحيفة “أراب نيوز” السعودية إلى تسريع بناء “الناتو في الشرق الأوسط”.

وقال لودر إن الدول العربية التي أُجْريت اتصالات معها تعتبر إسرائيل الحليف الوحيد الموثوق به ضد إيران، والعكس صحيح.

وكتب لودر “في مواجهة التهديد المتسارع لإيران الخبيثة (…) يجب على الإسرائيليين والعرب اغتنام الفرصة للعمل معا لإنقاذ الشرق الأوسط من كارثة التطرف والتسلح النووي التي تلوح في الأفق”.

لكن مراقبين يحذرون من المبالغة في الاستنتاجات، معتبرين أن إسرائيل قد لا يكون هدفها مواجهة فعلية مع إيران، وأنها ربما تتخذها بمثابة فزاعة للحصول على اعتراف إقليمي وكسر الحواجز النفسية أمام التطبيع الشامل. ولفتوا إلى أن البلدين، رغم العداء الظاهر، يحافظان على حدود واضحة للمواجهة تقوم على استهداف محدود لمواقع بشكل يحول دون الانزلاق إلى المواجهة.

وأشار المراقبون إلى مثال استهداف السفينة الإسرائيلية في خليج عمان، حيث اكتفت إسرائيل على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتوجيه الاتهامات لإيران دون ردة فعل انتقامية مباشرة على العملية، تماما مثلما دأبت إيران على مقابلة الهجمات الإسرائيلية بمجرد التلويح بالانتقام دون أي ردة فعل، سواء منها الهجمات التي يتم تنفيذها في سوريا ضد مواقع إيرانية أو تلك التي تستهدف علماء في البرنامج النووي على الأراضي الإيرانية.

وعندما سُئل نتنياهو عما إذا كانت إسرائيل سترد قال “أنتم تعرفون سياستي. إيران هي أكبر عدو لإسرائيل. وأنا مصمم على التصدي لها. نوجه لها ضربات في كل أرجاء المنطقة”.

وجاء الهجوم على السفينة، وفقا للمراقبين، امتدادا للرسائل التي يتم تبادلها بين البلدين: تضربون في العراق وسوريا، نضرب في الخليج.

العرب