منع السراج التنسيق مع حكومة الدبيبة يعرقل انتقال السلطة

منع السراج التنسيق مع حكومة الدبيبة يعرقل انتقال السلطة

تونس – لا تبعث الأنباء الواردة من ليبيا على التفاؤل بإمكانية إتمام عملية انتقال السلطة التنفيذية من الحكومة الحالية برئاسة فايز السراج بسلاسة إلى الحكومة الجديدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، المعنية بإدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية التي تسبق تنظيم الانتخابات العامة في 24 ديسمبر القادم.

وبدأت تتبلور عقبة جديدة تشابكت خيوطها مع جملة العقبات التي تناثرت في طريق تولي الدبيبة المهام التي من أجلها تم انتخابه لرئاسة الحكومة الجديدة، في الخامس من فبراير الماضي. وظهرت بوادرها من خلال قرار لافت في مضمونه ومثير في توقيته أعلنه السراج.

وأمر فايز السراج أعضاء فريقه الحكومي بعدم التعامل والتواصل مع السلطة التنفيذية الجديدة، رغم إدراكه أن حكومته تحولت منذ انتخاب الدبيبة إلى حكومة تصريف أعمال.

وطالب السراج في ذلك القرار، الذي حمل الرقم 2 وصدر بتاريخ الثاني من الشهر الجاري وتم الكشف عنه الثلاثاء، وزراء حكومته ورؤساء الهيئات والمؤسسات العامة في البلاد بعدم التواصل مع القيادات المنبثقة عن الحوار الوطني قبل اكتسابها شرعية العمل السيادي.

وشدد في قراره على عدم عقد رؤساء الهيئات والمؤسسات أي اجتماعات أو لقاءات دون إذن مسبق من قيادات الحوار الوطني، وذلك في إشارة إلى أعضاء المجلس الرئاسي المُنتخب برئاسة محمد المنفي، والحكومة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، مؤكدا في الوقت نفسه على “ضرورة الالتزام بضوابط العمل داخل المؤسسات العامة”.

وأرجع هذا القرار إلى ما وصفه بـ”الرغبة في النأي بالمؤسسات والجهات العامة عن التأثر بالعملية السياسية القائمة قبل موعد الاستحقاقات المقررة”، لافتا في المقابل إلى أهمية “احترام مخرجات العملية السياسية القائمة لانتقال السلطة وتوحيدها”.

وربط مراقبون هذا القرار بالتحركات التي قام بها خلال الأيام القليلة الماضية أعضاء السلطة التنفيذية الجديدة الذين أجروا أثناءها لقاءات مع عدد من كبار المسؤولين الحاليين في حكومة الوفاق وقيادات عسكرية تابعة لها، منها لقاء رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة مع وزير المالية فرج بومطاري الذي خُصص لبحث توحيد الميزانية.

كما التقى الدبيبة برئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء وئام العبدلي، وبحث معه مسألة الانقطاعات المتكررة للكهرباء، وذلك في الوقت الذي التقى فيه رئيس المجلس الرئاسي الجديد محمد المنفي بآمري المناطق العسكرية وأعضاء اللجنة العسكرية 5 + 5 التابعين لحكومة الوفاق.

ورغم استناد السراج في قراره المذكور على قاعدة قانونية مفادها أن السلطة التنفيذية الجديدة لم تُصبح شرعية بعد باعتبار أنها لم تنل ثقة البرلمان، تباينت الآراء والمواقف في قراءة أبعاد هذا القرار وتداعياته المُرتقبة، بالتزامن مع ارتفاع العديد من الأصوات المُنددة به.

وذهب البعض إلى حد وصف هذا القرار بأنه يعكس نوعا من المُخاتلة السياسية لدى السراج تستهدف التهرب من استحقاق مغادرة المشهد، وخاصة أنه عندما تم اختياره لرئاسة الحكومة الليبية في عام 2015 قام بمُشاورات واتصالات وأجرى لقاءات مُماثلة قبل تسلم مهامه.

ورأى النائب البرلماني الليبي إبراهيم الدرسي في اتصال هاتفي مع “العرب” من مدينة بنغازي بشرق ليبيا أن ما جاء في قرار السراج هو عبارة عن “وضع العصي في العجلات، وزيادة الضغط على حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة التي تتعرض لضغوط أخرى من بعض النواب الذين يُساومونها على الحقائب الوزارية والمراكز”.

وأضاف “كان يُفترض مِن السراج أن يعمل من أجل تذليل كل الصعوبات أمام حكومة الدبيبة التي استبشر بها الشعب الليبي”، معتبرا أن “هذا القرار يعكس أن السراج وجماعته، وخاصة الميليشيات الموالية لحكومته، لا يُريدون ترك الساحة أو تمهيد الطريق للدبيبة”.

وبدوره ذكر زميله النائب البرلماني جبريل أوحيدة في اتصال هاتفي مع “العرب” من غرب ليبيا أن ما أقدم عليه السراج “لن يكون له أي تأثير على مسار اعتماد السلطة التنفيذية الجديدة التي ستستلم رسميا مهامها من حكومة ومجلس السراج بعد نيل ثقتها من مجلس النواب خلال الأيام المقبلة”.

لكنه استدرك قائلا “هذه التصرفات لا تعدو كونها مناكفات أو تنبيها من حكومة السراج إلى السلطة التنفيذية الجديدة قبل نيل الثقة”، وذلك في الوقت الذي ذهب فيه حسن الصغير وكيل وزارة الخارجية الأسبق بالحكومة الليبية إلى استنكار قرار السراج، واعتبار أنه “يدخل تحت بند تعميق الأزمة الليبية”.

ولفت الصغير في تدوينة فيسبوكية إلى أن “السراج منذ أكتوبر 2015 حتى بداية 2016 التقى في تونس ومصر والمغرب بالعشرات من الوزراء والمسؤولين الليبيين في الحكومة المؤقتة وحكومة الإنقاذ، والآن يطلب عدم الالتقاء بمن سيخلفه، هذه الخطوة تعتبر عند السراج حينها عرقلة والآن اسمها حرص على حسن سير العمل والنأي بالمؤسسات عن التأثر بالعملية السياسية”.

وبين هذا الرأي وذاك لا تترك المؤشرات الأولى التي تدفع بها تداعيات هذا القرار المجال للشك في أن المناخ العام لم يصل بعد إلى مرحلة التوافق القادرة على إغلاق ثغرة التباينات الحادة في المواقف بين الفرقاء الليبيين بما يُسهل انتقال السلطة بسلاسة إلى حكومة الدبيبة التي ما زالت تنتظر انتزاع شرعيتها من البرلمان.
العرب