قال بابا الفاتيكان فرانشيسكو اليوم الخميس -في رسالة للعراقيين- أزوركم “حاجا يسوقني السلام” من أجل “المغفرة والمصالحة بعد سنوات الحرب والإرهاب”.
وأكد البابا -في رسالة مصورة موجهة إلى الشعب العراقي بثت عشية توجهه إلى العراق- إنني “أوافيكم حاجا تائبا لكي ألتمس من الرب المغفرة والمصالحة بعد سنوات الحرب والإرهاب (..) أوافيكم حاجا يسوقني السلام”. وأضاف “أخيرا سوف أكون بينكم أتوق لمقابلتكم ورؤية وجوهكم وزيارة أرضكم مهد الحضارة العريق والمذهل”.
ومضى يقول -مخاطبا المسيحيين الذين لا يزالون في العراق- “لا تزال في أعينكم صور البيوت المدمرة والكنائس المدنسة وفي قلوبكم جراح فراق الأحبة وهجر البيوت”.
ويصل البابا فرانشيسكو الجمعة إلى العراق في زيارة غير مسبوقة، تتضمن برنامجا حافلا يشمل توجهه إلى مواقع بارزة في البلاد:
وفيما يلي خمسة مواقع رئيسية سيزورها:
بغداد المرهقة
في أول يوم له في العاصمة العراقية، سيلقي البابا كلمة في كنيسة “سيدة النجاة” الكاثوليكية في حي الكرادة.
وكان مسلحون من تنظيم الدولة الإسلامية اقتحموا الكنيسة في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2010، وقتلوا 44 من المصلين وكاهنَين و7 من قوات الأمن واحتجزوا رهائن، في واحدة من أعنف الهجمات على الطائفة المسيحية في العراق. وتمكنت القوات العراقية حينها من إنهاء عملية الاحتجاز وقتل جميع المسلحين في عملية استمرت ساعتين.
وتحمل الآن النوافذ الزجاجية الملونة في الكنيسة أسماء الضحايا، وتضاءل أعداد المصلين، في حين تحيط الجدران الخرسانية بالكنيسة، وهو ما يجعل الوصول إليها صعبا.
وقبيل زيارة البابا، رسم فنان عراقي صورة للبابا على الجدران الخرسانية إلى جانب حمامات بيضاء تمثل السلام وألوان العلم العراقي.
مدينة النجف
في إطار تواصله مع المسلمين، يزور البابا مدينة النجف التي يعود تاريخها إلى 1230 عاما، وتعد العاصمة الروحية لمعظم الشيعة في جميع أنحاء العالم.
ويضم الضريح المهيب ذو القبة الذهبية قبر الإمام علي بن أبي طالب صهر النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
ولفترة طويلة كانت هذه المدينة تحت الحكم العثماني حتى العام 1915 عندما سقطت في أيدي البريطانيين الذين صمدوا على الرغم من تمرد رجال الدين المحليين.
وفي النجف سيلتقي البابا بالمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني.
ولا يظهر رجل الدين البالغ من العمر 90 عاما علنا، ونادرا ما يستقبل الزوار، وهو ما يجعل اللقاء الثنائي أحد أبرز محطات الرحلة البابوية.
ويقام اللقاء في منزل السيستاني المتواضع المكون من طابق واحد، مع منع معظم الصحفيين من حضور الاجتماع.
مسقط رأس النبي إبراهيم
من النجف ينتقل البابا إلى مدينة أور الأثرية في محافظة ذي قار جنوب العراق، ويعود تاريخها إلى ما قبل المسيحية. وقد تأسست في القرن الـ26 قبل المسيح، وأصبحت مدينة رئيسية في الإمبراطورية السومرية الأكدية القديمة.
تتميز أور بالزقورة وهو هيكل متعرج يشبه الهرم، تم كشفه في ثلاثينيات القرن الماضي. ويُعتقد أن أور -التي تعني “بلدة” باللغة السومرية- هي المكان الذي ولد فيه النبي إبراهيم في الألفية الثانية قبل الميلاد.
سيقيم البابا مراسم تجمع الأديان المختلفة مع بعض الأقليات الصغرى في العراق، بما في ذلك الإيزيديون والصابئة.
الموصل وقرقوش
محافظة نينوى الشمالية هي مركز الطائفة المسيحية في العراق. عاصمتها الموصل هي المكان الذي اختار تنظيم الدولة فيه الإعلان عن إنشاء دولة “الخلافة” في العام 2014.
في الموصل سيزور البابا كنيسة الطاهرة في غرب المدينة التي دمرها تنظيم الدولة قبل أن تهزمه القوات العراقية بعد حرب طاحنة.
وتشير السجلات إلى أن الكنيسة تعود إلى القرن الـ17، لكن بعض المؤرخين يعتبرون أنها قد تكون عائدة لألف عام.
خلال القتال في عام 2017 انهار سقف الكنيسة، لكن سلم الباب الملكي والأبواب القديمة الجانبية. وتعمل اليونسكو حاليا على إعادة تأهيلها وأجزاء أخرى من تراث الموصل من كنائس ومساجد.
وعلى بعد حوالي 30 كيلومترا إلى الجنوب، تقع قره قوش المعروفة أيضا باسم بغديدا أو الحمدانية، وهي تتمتع بتاريخ طويل سبق المسيحية، ولكن سكانها اليوم يتحدثون لهجة حديثة من الآرامية لغة السيد المسيح. وقد لحق دمار كبير بقره قوش على يد تنظيم الدولة.
أربيل الملجأ
في إحدى آخر محطات زيارته، يقيم البابا قداسًا في الهواء الطلق في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.
عندما اجتاح تنظيم الدولة شمال العراق لجأ مئات الآلاف من المسيحيين والمسلمين والإيزيديين إلى الإقليم الذي كان يستضيف الأقليات النازحة إثر العنف الطائفي الذي شهده العراق خلال مراحل سابقة تلت الغزو.
تضم أربيل آثارا لمستوطنات بشرية تعود إلى القرن الـ23، وقد أصبحت مركزا حضريا رئيسيا في جميع أنحاء الإمبراطوريتين السومرية والآشورية.
أدرجت قلعتها -وهي عبارة عن مجمع ضخم على قمة تل يطل على سوق المدينة- على قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو في العام 2014.
المصدر : الفرنسية