في ذكرى اندلاع الثورة السورية.. هذه عشرة دروس قاتمة عن الفشل الدولي

في ذكرى اندلاع الثورة السورية.. هذه عشرة دروس قاتمة عن الفشل الدولي

تحت عنوان “عشرة دروس قاتمة تعلمها العالم من عقد الحرب السورية” قال الكاتب في صحيفة “أوبزيرفر” سايمون تيسدال، إن الحرب الأهلية السورية الفظيعة لم تعد في مركز العناوين الرئيسية للأخبار. فقد تردد الساسة في أمريكا وأوروبا في التدخل، فيما نظر الرأي العام الغربي للجهة الأخرى متجاهلا ما يحدث. وتلعب روسيا دورا رئيسيا ولكنها تقف مع الجانب المذنب. أما القوى الإقليمية التوسعية مثل إسرائيل وتركيا وإيران، فتتابع مصالح أنانية قصيرة المدى. والنتيجة هي حالة من الانسداد التي تتميز بنزاع صغير يتخلله عنف متفرق وألم شديد ولامبالاة استراتيجية.

إلا أن الفشل وعلى قاعدة ملحمية لوقف الحرب، يترك آثارا بعيدة المدى على الأمن الدولي والقيم الديمقراطية وحكم القانون والمواطنين السوريين. وسواء كان الأمر يتعلق بالمعاناة الإنسانية أو اللاجئين، جرائم الحرب، الأسلحة الكيماوية أو الإرهاب، فإرث الحرب السام والمتعدد هو عالمي وخبيث ومستمر.

وتقول الصحيفة إن سوريا هي حرب العالم، وهذه عشرة دروس عن الحرب:

أولا: معاناة المدنيين
تتراوح الخسائر في الأرواح منذ آذار/ مارس من مصدر لآخر، وما بين 117.000 – 226.000 قتيل، لكن حجم حقول الموت الحديثة لا جدال حوله. فقد أشار تقرير الأمم المتحدة هذا الشهر إلى أن “عشرات الآلاف من المدنيين الذين اعتقلوا بشكل تعسفي في سوريا لا يزالون في عداد المفقودين. وتعرض آلاف آخرون للتعذيب والعنف الجنسي أو القتل في المعتقل”، وأصبحت المدن السورية حطاما. ويواجه ملايين السوريين الجوع. وهذه أرقام ربما لم تعد صادمة. لكن السؤال الأخلاقي لا يزال يحمل أهمية عالمية: لماذا سمح باستمرار القتل؟

ثانيا: اللاجئون
فرّ تقريبا نصف سكان سوريا قبل الحرب البالغ عددهم 22 مليون نسمة. وفرّ حوالي 6.6 مليون سوري إلى الخارج. وعلق الكثيرون في إدلب شمال غرب سوريا. ويعيشون وسط قوى متصارعة وعرضة للميليشيات المتطرفة. وقال الصحافي المحلي فادي حلبي: “لو شن النظام هجوما على إدلب فستحصل كارثة”. وأدى تدفق اللاجئين إلى قلب طبيعة السياسة الإقليمية والأوروبية وفي بريطانيا، وعزز صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة والمعادية للمهاجرين. ويأتي الموت يوميا إلى الشواطئ الأوروبية، فكيف يتم التسامح مع هذا؟

ثالثا: الإفلات من العقاب
يُتهم بشار الأسد وحاشيته بعدد كبير من الجرائم ضد الإنسانية. وتم استهداف المدنيين والطواقم الطبية والمستشفيات بشكل روتيني مع أن هذا محرم دوليا. وعرقلت روسيا والصين عمل المحكمة الجنائية الدولية من خلال الفيتو في مجلس الأمن الدولي. وفُتحت تحقيقات ضد بشار الأسد في فرنسا وبريطانيا، وأدين عدد من عناصر القوى الأمنية التابعون له، لكن الفشل في جلب مرتكبي الجرائم إلى العدالة بما في ذلك المعارضة والجماعات الإسلامية هي سخرية من القانون الدولي.

رابعا: الأسلحة الكيماوية
ترك استخدام النظام السوري المتكرر للأسلحة الكيماوية الممنوعة دوليا وفي تحد للمعاهدات الدولية، عواقب على مستوى العالم. وكان من المفترض تخلي الأسد عن أسلحته الكيماوية بعد هجوم السارين في 2013 على الغوطة الشرقية قرب دمشق، إلا أن الأمم المتحدة وثقت 40 هجوما كيماويا. وعرقلت روسيا التحقيق في هذه الهجمات بشكل مستمر وتنكرت الولايات المتحدة لخطها الأحمر. ولهذا السبب لم يعد للمعاهدة الدولية لحظر انتشار الأسلحة الكيماوية الموقعة عام 1993 أي فاعلية.

خامسا: الدولة الإسلامية
استفاد تنظيم “الدولة” من الحرب، بعد سيطرته على مناطق واسعة في العراق وسوريا عام 2014. ورغم التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة لهزيمة التنظيم، إلا أنه كان وراء سلسلة من الهجمات ما بين 2014- 2017. وأدى إلى ظهور جماعات جهادية معادية للغرب. ويقال إنه يقوم بإعادة تنظيم نفسه في العراق. ويعيش أعضاء التنظيم الذين تم أسرهم مثل “شميمه بيغوم” المولودة في بريطانيا في حالة من المجهول، وفي مخيمات للمعتقلين ينتشر فيها العنف. وكان رد الدول الغربية على عودة تنظيم “الدولة” متفرقا بشكل خطير.

سادسا: الولايات المتحدة وروسيا
كانت الحرب في سوريا بمثابة تحول في ميزان القوة بالشرق الأوسط من الولايات المتحدة إلى روسيا. فبعد تردد باراك أوباما في فرض خطه الأحمر في سوريا، سارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى ملء الفراغ الأمريكي عام 2015 وأنقذ الأسد. وما يهم الرئيس جوزيف بايدن هو ردع الجماعات الشيعية الموالية لإيران والجماعات الجهادية. والدليل على ذلك، هو الغارة الأمريكية الشهر الماضي. وانهارت المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة في كانون الثاني/ يناير، ويعتقد بايدن على ما يبدو أن الوقت قد فات لإنقاذ سوريا.

سابعا: الربيع العربي
تعاطفت الدول الغربية في البداية مع الربيع العربي، ومحاولات الإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية والشمولية في تونس والبحرين ومصر وليبيا واليمن وسوريا. لكن الأحداث ما بين 2011- 2012 سارت في طريق غير متوقع عندما دخل الإسلاميون الساحة مما أدى إلى تراجع الغرب عن الدعم. وأغلقت النافذة الصغيرة للإصلاح القوي في العالم العربي، وخسرت قضية الديمقراطية العالمية، وترمز سوريا إلى هذه الهزيمة.

ثامنا: تركيا
واستغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “الشمولي” الأحداث وقام باضطهاد الأكراد في داخل تركيا وخارجها، بحسب الصحيفة. وتدخل الجيش التركي لمنع تدفق اللاجئين وردع النظام السوري عن تنفيذ هجوم ضد إدلب، ولكنه تدخل من أجل منع ظهور كيان كردي في شمال شرق سوريا مشابه للكيان الكردي في شمال العراق. وأثر المستنقع السوري على علاقة تركيا مع الولايات المتحدة والناتو، مما أثار سؤالا: من خسر تركيا؟

تاسعا: إيران وإسرائيل
عبّرت إسرائيل عن قلقها من تحركات الحرس الثوري والقوى الموالية لإيران في سوريا ولبنان. وشنت مئات الهجمات ضد الأهداف الإيرانية وحثت الولايات المتحدة على القيام بنفس الشيء ردا على الغارات في اليمن والخليج والعراق. وتحولت سوريا إلى محور حرب متقدم في صراع متعدد الجبهات بين إسرائيل وإيران، بدون الاهتمام بأمن سكان سوريا، وهو ضعف مزمن يناسب إسرائيل وإيران.

عاشرا: فشل الأمم المتحدة
تسبب الفشل في وقف الحرب بضرر فادح للمؤسسات الدولية. وفقد مجلس الأمن تحديدا مصداقيته، وكذا جهود صنع السلام. ولو أرادت الدول دائمة العضوية وقف الحرب وتحركت معا لاستطاعت وقفها، ولأنها لم تحاول، فهذا هو الإرث المخجل لها في الحرب السورية.

القدس العربي