لندن – ترافق التصعيد العسكري الحوثي وازدياد وتيرة الهجمات على الأرضي السعودية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على المنشآت النفطية السعودية، مع بروز دعوات قيادات إخوانية يمنية وأخرى سعودية، لتركيا للانضمام إلى تحالف دعم الشرعية في اليمن أو تشكيل تحالف جديد ينسجم مع المصالحة الخليجية والتحولات الإقليمية والدولية المتسارعة في المنطقة.
وجاءت أولى الدعوات لانضمام تركيا للتحالف العربي على لسان القيادي الإخواني المقيم في إسطنبول حميد الأحمر في حوار مع قناة الجزيرة القطرية قال فيه إن السعودية استعانت بتركيا للحصول على أسلحة نوعية بعد حظر واشنطن لإرسال تلك الأسلحة إلى الرياض في وقت سابق.
وتوالت في الأيام الماضية، في أعقاب الهجمات الحوثية غير المسبوقة على السعودية، إشارات من قيادات سياسية وإعلامية إخوانية يمنية إلى ما وصفوها بتحولات جذرية وشيكة على صلة بالملف اليمني، والتلميح لدور تركي قد يكون بالتنسيق مع السعودية.
كما شاركت قيادات إخوانية سعودية معارضة في تسريب معلومات حول طلب السعودية دعما تركيا في حرب اليمن بعد أن شعرت بخذلان حلفائها التقليديين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، على حد قول الإخواني السعودي سعد الفقيه.
وترافقت موجة الدعاية الإعلامية لجماعة الإخوان، حول دور تركي مرتقب في اليمن، مع ارتفاع في حدة الهجوم على دولة الإمارات والتشكيك في طبيعة مشاركتها في التحالف العربي وعلاقاتها بطهران.
وتصدّر الحملة الإعلامية ناشطون وإعلاميون سعوديون معروفون بارتباطهم بالتنظيم الدولي للإخوان، كانوا يلتزمون الصمت خلال فترة القطيعة بين الرياض والدوحة، ليستأنفوا نشاطهم الإعلامي بحماسة لافتة في أعقاب مصالحة قمة العلا، والتحول في موقف الإدارة الأميركية.
وتسعى تركيا وقطر والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين لاستثمار التحولات في الموقف الأميركي، وتزايد القلق السعودي من تنامي الهجمات الحوثية، والتهديدات بسقوط محافظة مأرب الاستراتيجية، لإعادة رسم خارطة جديدة للتحالفات في المنطقة، عبر سياسة قائمة على تقديم تركيا كحليف إقليمي استثنائي للسعودية، وتقديم الإخوان كحليف يمني وحيد قادر على مواجهة المشروع الإيراني في اليمن.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تحولا لافتا في موقف أنقرة من السعودية وملف الحرب في اليمن، بعد أن بعثت تركيا بإشارات في المرحلة السابقة أقرب ما تكون للموقف الإيراني فيما يتعلق بالأزمة اليمنية، حيث أعربت الخارجية التركية، الثلاثاء، عن قلقها إزاء الهجمات التي تستهدف الأراضي السعودية ودعت “لوقفها فورا”.
وقال إبراهيم قالن، المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده مستعدة لفتح صفحة جديدة في العلاقات مع مصر والدول الخليجية. جاء ذلك في الوقت الذي نشط صحافيون إخوان في تسريب معلومات عن مشاركة طائرات تركية دون طيار في مواجهات مأرب الأخيرة، استنادا كما يبدو على تصريح الناطق باسم الحوثيين يحيى سريع.
وقال سريع إن “الدفاعات الجوية تتمكن من إسقاط طائرة تجسسية مقاتلة من نوع كاريال تركية الصنع تابعة لسلاح الجو السعودي أثناء قيامها بمهام عدائية في أجواء منطقة المرازيق في محافظة الجوف”.
وكتب الصحافي الإخواني المصري المقيم في تركيا، جمال سلطان في تغريدة على تويتر “يبدو أن البيرقدار وصلت، وتحلق الآن في سماء اليمن”.
وترافقت حملات الهجوم على دولة الإمارات، الحليف الأهم للرياض في حرب اليمن، مع حملات موازية لتلميع صورة أنقرة، كأبرز حليف محتمل للسعودية قادر على قلب معادلة الحرب في اليمن، كما تشيع الآلة الإعلامية للإخوان وقطر، في الوقت الذي كثفت فيه تلك الآلة من هجومها على المكونات اليمنية الأخرى المناهضة للحوثيين، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات المقاومة المشتركة في الساحل الغربي التي تتعرض لحملات تخوين على خليفة عدم انخراطها في مواجهة مع الميليشيات الحوثية في الحديدة لتخفيف الضغط على مأرب، وهي الحملات التي ردت عليها تلك القوات بالقول إنها تنتظر إلغاء الحكومة الشرعية لاتفاق السويد قبل استكمال معركة تحرير الحديدة.
وأكدت مصادر يمينة مطلعة لـ”العرب” أن سياسة استهداف المؤتمر الشعبي العام والمجلس الانتقالي الجنوبي، المكونين الرئيسيين في الشمال والجنوب، تتوافق مع أهداف الدوحة والتنظيم الدولي للإخوان لإخلاء الساحة اليمنية من أيّ قوى سياسية غير أيديولوجية، لحصر خيارات العالم والإقليم واليمنيين بجماعتين فقط هما الحوثي أو الإخوان.
ولفت مصدر سياسي يمني، طلب عدم ذكر اسمه، إلى وجود قاسم مشترك بين الأطراف التي تخوض حرب التشويه والتشكيك ضد القوى غير الأيديولوجية سواء في معسكر الشرعية أو معسكر الحوثي على حدّ سواء وهو أنها كلها ممولة من قطر.
وأضاف أن “الذين يهاجمون المؤتمر وطارق صالح على سبيل المثال في جبهة الشرعية والذين يهاجمون المؤتمر كذلك من داخل جماعة الحوثي، القاسم المشترك بينهم هو الارتباط بقطر التي تريد إخلاء المشهد من التيارات غير الأيديولوجية حتى يقتصر خيار اليمنيين إما على الحوثي أو الإخوان، فالطرفان يتشابهان في عداوتهما الاستراتيجية للسعودية وارتهانهما لأنقرة وطهران”.
وأشار المصدر إلى أن الاحتفاء المبالغ فيه، الذي أظهره ناشطون وإعلاميون في الشرعية لزيارة وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك إلى الدوحة، يندرج ضمن مخطط تهيئة الأجواء لمرحلة جديدة من التحولات، يراهن الإخوان على أنها ستكون امتدادا للتحول في الموقف الأميركي المتنمّر على حلفائه، وكذلك حالة الانتشاء السياسي التي تمر بها جماعة الإخوان في المنطقة، وتزايد شعورها بالقوة.
ولا يستبعد مراقبون أن يكون التصعيد الحوثي الذي يصبّ في صالح مشروع دعم التحالفات الملغّمة من قبل الإخوان وقطر وتركيا، امتدادا لاتفاقات غير معلنة بين هذه الأطراف والنظام الإيراني لتقاسم كعكة اليمن، على قاعدة، ذهاب الشمال إلى أذرع إيران والجنوب إلى عملاء تركيا.
وتعزز هذا السيناريو التداعيات السياسية والإعلامية والعسكرية في المشهد اليمني، والتي يعتقد الإخوان وقطر وتركيا أنها تدفع باتجاه تغيير قواعد اللعبة وقائمة الحلفاء أو تسليم اليمن برمّته إلى إيران وتحميل التحالف العربي بقيادة السعودية مسؤولية ست سنوات من الفشل العسكري الذي يتحمل المسؤولية الأساسية عنه، الأجندة الخفية لبعض أطراف الشرعية، التي طالما كررت اتهام التحالف بمنع استكمال تحرير الشمال والحيلولة دون وصول الأسلحة إلى الجيش اليمني.
ولا يستبعد مراقبون يمنيون أن تشهد الفترة القليلة القادمة، محاولات حثيثة لتصفية بقية الأطراف والمكونات المغايرة في الساحة اليمنية، مثل قوات طارق صالح التي يبدو أنها على مرمى حجر من مواجهة محتملة مع القوات التي مولت تشكيلها قطر في تعز بقيادة حمود المخلافي.
وحذر المراقبون من أن يكون تدهور الخدمات في المحافظات الجنوبية والمحررة وفي مقدمتها عدن، وما نتج عن ذلك من تزايد حالة الاحتقان الشعبي في هذا التوقيت الذي يتصاعد فيه التهديد الحوثي، محاولة لإظهار المجلس الانتقالي كحليف غير ملتزم بأهداف محاربة المشروع الإيراني.
العرب