قام نوري المالكي بزيارة ايران بتاريخ 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ضمن سلسلة تحركات خارجية لمسؤولي النظام في بغداد, والتقى المرشد الديني علي خامنئي الذي تحدث عن المالكي قائلا :
-ان المالكي رجل شجاع مقتدر وبشجاعته حافظ على وحدة العراق.
-ساهم في عدم انزلاق العراق للفوضى والاضطراب بتنازله عن السلطة بأسلوب ديمقراطي وتسليم مقاليد الحكم لغيره.
-ان ما قام به المالكي في العراق سوف لا ينسى من الذاكرة السياسية العراقية.
-تمكن المالكي من الاحاطة الكاملة بقضايا ومشاكل العراق.
-أكد خامنئي دعمه ومساندته لشخص المالكي في سعيه لمحاربة الارهاب في العراق.
لو قرأنا هذا الحديث في لقاء مع مسؤول اخر غير علي خامنئي لقلنا ان هذا المسؤول محق في اقواله وآرائه، لكن ان يصدر من مسؤول عن اعلى مؤسسة دينية وسياسية في ايران، وتدعي ان لها دورا محوريا وكبيرا في العراق فأن ذلك يبدو مضحكا بل مؤلما ومؤسفا، لما يحاول به المسؤولين الايرانيون الضحك على ذقون الاخرين.
فالتدخل الايراني بشؤون حكومة بغداد اصبح واضحا للعيان، حيث امتد تأثيره على القرار السياسي العراقي، كمله وجود المليشيات المدعومة من ايران وعناصر الحرس الثوري الايراني على الارض العراقية، وتدخلها السافر في الوضع الامني والعسكري وانتهاكها لكل الاعراف والتقاليد والقيم واعتقالها وقتلها للعراقيين وظهور مسؤوليها، ومشاركتهم قوات الحشد الشعبي في تصديهم الاوضاع الداخلية، كلها حقائق وبراهين تأكد تبعية النظام في بغداد لإيران، واستحكام السياسة الايرانية بكل القرارات الصادرة عن حكومة بغداد.
ان ادارة المالكي للعراق طيلة ثمان سنوات مضت تنافي رأي خامنئي به، إذ ما حدث في البلاد يؤكد السياسة الرعناء التي مارسها رئيس الوزراء السابق، وأثبتت عدم كفاءته وفشله في شؤون الحكم, فأين هو من وصف خامنئي له بالرجل الشجاع والمقتدر، وقد اتسم حكمه بالآتي :-
-سيطرة تنظيم “الدولة الاسلامية” على ثلثي مساحة العراق بامتداد نفوذه وزحفه على مدن رئيسية (الموصل وتكريت والرمادي ).
-انهيار المؤسسة العسكرية وضعف مواجهتها لمقاتلي (داعش) وانتشار الفساد لدى قادتها وهروب مقاتليها، وتركهم مقراتهم وثكناتهم العسكرية واسلحتهم الثقيلة.
-تمزق النسيج الاجتماعي العراقي وضعف الوحدة الوطنية بين ابناء الشعب العراقي بكافة اطيافه وقومياته ومذاهبه، وساهم في وضع الأسس لتقسيم العراق على اساس ديني وعرقي.
-انهيار الاقتصاد العراقي وضياع الاموال وتبدد ثروة البلد، إذ قدر عجز بـمليارات الدولارات.
-سعى المالكي لولاية ثالثة للاستحكام بالبلد، ولكن الاحداث التي مر بها العراق وسيطرة “الدولة الاسلامية” على مساحة واسعة منه، ادت الى فشل محاولاته وأساليبه في التأثير على قراره بولاية ثالثة وعجلت في سقوطه.
-أن المالكي هو من احدث الفوضى والاضطراب في البلاد، بعدم استجابته لأهالي المحافظات المنتفضة، والمطالبة بحقوقها وأطلاق سراح ابنائها المعتقلين ومشاركتها في ادارة الدولة.
-عمل المالكي متعمدا على اتباع سياسة التهميش واقصاء الاخرين وابعاد المعارضين له من المشاركة في ادارة البلاد.
-افتعال المشاكل بين خصومه السياسيين، وفتح ملفات ضدهم كما حصل مع طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية، واخرين بغية التأثير على قراراتهم او الموافقة على ادارته للبلاد.
– ما سيبقى في الذاكرة السياسية العراقية من حكم المالكي انه عمل على اضعاف العراق، وهدر امواله ونهب ثرواته وتشريد شعبه وزيادة حالات الفقر والبطالة بين ابنائه وتفشي الفساد والرشوة في مؤسساته واضعاف الوحدة الوطنية بين مكوناته.
ولكن علي خامنئي والمسؤولين في ايران ينظرون للمالكي من زاوية اخرى فهو حليفهم الاستراتيجي في العراق وحقق لهم الاتي :-
– تعزيز العلاقات بين البلدين وربط الاقتصاد العراقي بمعطيات الهيمنة الاقتصادية الايرانية، بحيث وصل حجم التبادل التجاري بين العراق وايران الى 21 مليار دولار سنويا.
-جعل العراق محورا مهما في السياسة التي اتبعتها ايران، للالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليها، حيث ساعدت التعاملات مع بعض المصارف العراقية ايران، للاستفادة من الهروب من العقوبات الاقتصادية وأصدرت الادارة الامريكية عقوبات مالية بحق مصرف ايلاف العراقي بتاريخ 12 آب/ اغسطس 2012 لقيامه بتنظيم تعاملات تقدر بملايين الدولارات مع بنوك إيرانية خاضعه للعقوبات.
-سهل سيطرة ايران على العملية السياسية في العراق، واختيار قادتها والتدخل في التحالفات والكتل السياسية والتأثير على قراراتهم سعيا لتحقيق مصالحها في العراق .
-تمكين قاسم سليماني مسؤول الفيلق القدسي الايراني من استباحة ارض العراق، ودعم المليشيات المسلحة والمرتبطة بإيران وأشرافها على قيادة الحشد الشعبي في العراق.
-قيام بعض المسؤولين الايرانيين بتصريحات مثيرة صدرت عن البعض منهم نتيجة العلاقة المتينة التي تحققت في حكم المالكي كتصريحات (محمد رضا رحيمي) النائب الاول للرئيس الايراني، الذي دعه الى اقامة اتحاد تام بين العراق وايران.
-ساهمت ايران بدعم المالكي بقرارته في تعطيل عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ووضع كل الوزرات المهمة تحت يده كالدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات والنفط والبنك المركزي.
– ساهم في مساعدة ايران بتنفيذ مشروعها وبرنامجها السياسي في العراق وزيادة نفوذها وسيطرتها على مقاليد الحكم فيه.
أن ايران ماضية في اهدافها التوسعية داخل العراق، وتعمل جاهدة على ايجاد اشخاص بمستوى المالكي يعبرون عن طموحاتها واستراتيجيتها، داخل العراق فهل تنجح ايران في استمرار مشروعها وبرنامجها ام ستكون للتحالفات الاقليمية والدولية دورا في ايقاف هذا المشروع؟
الكلمات المفتاحية: خامنئي، المرشد الاعلى، المالكي، النفوذ الايراني