لندن – بدت بريطانيا الدولة الأكثر تضررا من فايروس كورونا في أوروبا وهي تحيي العام الأول من الإغلاق بسبب الوباء، أمام معضلة نزع فتيل حرب لقاحات تلوح في الأفق مع الاتحاد الأوروبي.
وظهر تصدير اللقاحات كأحدث نقطة توتر في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة حيث يتعامل الجانبان مع عواقب نقص الإمدادات من شركة الأدوية أسترازينيكا.
وعلى مستوى آخر يبرز خلاف بين دول الاتحاد الأوروبي نفسها بشأن الحصول على حصصها من جرعات اللقاح.
ودعا رئيس الحكومة بوريس جونسون البريطانيين إلى الاستفادة من ذكرى مرور سنة على الحجر “للتفكير في ما حدث في العام الماضي، وهو أحد أصعب الأعوام في تاريخ بلادنا”، في الوقت الذي أرسل فيه تيم بارو الممثل البريطاني السابق لدى الاتحاد الأوروبي إلى بروكسل للتفاوض من أجل المحافظة على حصة بريطانيا من اللقاحات.
ويقول الاتحاد الأوروبي إن أسترازينيكا الشركة المصنعة للقاح قدمت وعودا لكل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لا يمكنها الوفاء بها بشأن تسليم الجرعات.
وهددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بوقف صادرات اللقاحات إذا لم يتلق الاتحاد الأوروبي شحناته أولا.
وقالت فون دير لايين “لدينا خيار حظر كل تصدير مقرر. هذه هي الرسالة الموجهة إلى أسترازينيكا: نفذوا عقدكم مع أوروبا أولا قبل البدء بتسليم اللقاحات إلى دول أخرى”.
وجرعات لقاح أسترازينيكا موجودة في مصانع دول الاتحاد الأوروبي، لذلك تحتاج الشركة إلى إذن لشحن أي منها إلى دول العالم الأخرى.
وأجرى جونسون محادثات مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، من أجل تجنب وقف صادرات اللقاحات.
وناقش وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب الثلاثاء قضية اللقاحات مع نظرائه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل على هامش اجتماع دول حلف الناتو.
وسينظر الزعماء الأوروبيون في هذه القضية في قمة ستبدأ غدا الخميس، حيث تناقش بروكسل ضوابط أكثر صرامة تجاه صادرات اللقاحات.
وقال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمنت بيون “يجب أن تكون إستراتيجية أوروبا التحرك بشكل أسرع لتدافع عن مصالحها؛ إنتاج المزيد من اللقاحات وتنفيذ العقود ومراقبة الصادرات”.
وتصر لندن على أن اتفاقها مع أسترازينيكا يمنحها الحق في أن تحظى بالأولوية في الحصول على الجرعات، لكن الاتحاد الأوروبي يصر أيضا على أنه يحق له الحصول على اللقاح إضافة إلى حصة مصانع الشركة الموجودة في المملكة المتحدة.
وطورت اللقاح جامعة أكسفورد البريطانية ومختبر أسترازينيكا البريطاني – السويدي، وتنتج الجرعات في مصانع ببريطانيا إضافة إلى بلجيكا وهولندا.
ويبدو الاتحاد الأوروبي غير موحد حيال النزاع التجاري مع بريطانيا، كما يظهر من تردد بلجيكا وهولندا اللتين تضمّان مصانع إنتاج لقاحات أسترازينيكا.
وعارضت ميركل فرض حظر عام على تصدير اللقاحات، وقالت إن هناك العديد من التبعيات الدولية في إنتاج اللقاحات، مشيرة إلى ضرورة وضع سلاسل التوريد في الاعتبار.
وذكرت أن الاتحاد الأوروبي هو المنطقة التي تمت منها أغلبية الصادرات في الوقت الحالي، لذلك أعلنت تأييدها لرئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لايين التي أوضحت أن العقود قد لا يتم الوفاء بها.
وأشارت إلى وجود مشكلات مع لقاح أسترازينيكا، مضيفة أنه سيُجرى اتخاذ القرارات الخاصة بهذا اللقاح بطريقة مسؤولة والسعي لإجراء محادثات مع الحكومة البريطانية.
ويغيب التضامن أيضا داخل دول الاتحاد الأوربي بشأن توزيع حصص اللقاح.
وعارضت ألمانيا مطالبة النمسا ودول أخرى بتعديل حصص لقاحات كورونا في الاتحاد الأوروبي.
وقال وزير الدولة الألماني لشؤون الاتحاد الأوروبي ميشائيل روت قبل مشاورات مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي الثلاثاء “لا يسعني سوى التعجب من هذا النقاش”، معربا عن اندهاشه من أن هناك انطباعا بغياب التضامن في هذا الأمر.
وذكر روت أن بعض الدول في الاتحاد، بما فيها النمسا، لم تستنفد حصتها من اللقاحات المستحقة لها وفقا لعدد سكانها، مضيفا أنه تم عرض تلك الكميات غير المستنفدة على دول أخرى في الاتحاد، وقال “لا أرى حاليا أي سبب يدعو إلى تغيير أي شيء في هذا الإجراء الشفاف والعادل للغاية”.
وكان المستشار النمساوي زيباستيانكورتس حث مع خمس دول أخرى على تعديل حصص اللقاحات الموزعة على الدول الأعضاء.
وسبق أن أعلن مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانو مغيبريسوس أن العالم على وشك فشل أخلاقي كارثي إذا لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة لضمان التوزيع العادل للقاحات ضد كوفيد – 19.
وقال “لدينا الإمكانات لتجنب هذا الفشل لكن من المثير للصدمة رؤية أن القليل من الجهود بذلت لتجنبه”.
العرب