القاهرة – بعث التضامن الخليجي مع مصر في أزمة سد النهضة برسائل ضغط على إثيوبيا لوضع حد لتعنتها الذي قد يكون ثمنه خسارة مصالحها مع الدول الخليجية.
وتعلم إثيوبيا أنها يمكن أن تتكبد خسارة اقتصادية كبيرة جراء التأييد المعلن من قبل الخليج لموقف مصر والسودان التفاوضي، حيث تعد دوله من أكبر المستثمرين، وأن أي هزة يمكن أن تقوم بها بشأن سحب أو تجميد الاستثمارات يمكن أن تؤثر على الوضع الاقتصادي العام في إثيوبيا.
وأشار السفير أحمد حجاج، الأمين العام المساعد لمنظمة الوحدة الأفريقية سابقا، إلى أن دعم الدول الخليجية لمصر في أزمة سد النهضة يمثل أحد عوامل الضغط المهمة على أديس أبابا، خاصة إذا تم التلويح بتقليص الاستثمارات الكبيرة لدول الخليج في إثيوبيا.
ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن ورقة العمالة الإثيوبية في دول الخليج تمثل حال التهديد بتقليلها مشكلة كبيرة لأديس أبابا التي استمرت في عمليات التسويف في المفاوضات لمدة عشر سنوات وتتجه نحو الملء الثاني في شهر يوليو المقبل دون أن تأخذ في الاعتبار اتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث بالخرطوم في مارس 2015.
وتستثمر دول الخليج في أثيوبيا في مجال الزراعة بشكل كبير. وحدث نمو كبير في الاستثمارات الأجنبية الموجهة لمجالَيْ الزراعة والإنتاج الحيواني في إثيوبيا، حيث بلغ حجم الاستثمارات في هذين المجاليْن خلال الأعوام الثلاثة الماضية نحو 8 مليارات دولار، معظمها استثمارات خليجية.
وكانت إثيوبيا قد أعلنت في يونيو 2018 عن التزام الإمارات بضخ 3 مليارات دولار في الاقتصاد المحلي، حيث ستوجه مليار دولار كوديعة في البنك المركزي، وملياري دولار كاستثمارات مباشرة تتركز في مجالات الزراعة.
ومن شأن الاستثمارات الإماراتية أن تضغط في اتجاه دعم جهود الوساطة التي تقودها أبوظبي في أزمة سد النهضة، لرأب الصدع بين إثيوبيا ودولتي المصب مصر والسودان.
واعتبر مراقبون أن جزءا من التريث المصري يعود إلى أن القاهرة لم تُرِد أن تصبح سببا رئيسيا في توتير العلاقات بين دول خليجية وإثيوبيا خاصة أن الدخول الخليجي إلى الملعب الإثيوبي كان من بين أهدافه بناء علاقات ثقة بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم وتسهيل عملية التفاوض.
وجاءت الردود الخليجية عقب إطلاق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تصريحات، الثلاثاء، قال فيها “إن مياه النيل خط أحمر، ولن نسمح بالمساس بحقوقنا المائية، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل”، وهو ما مثل مؤشرا قويا لأول مرة على عدم استبعاد استخدام الخيار العسكري مع إثيوبيا.
وأعلنت دول خليجية، من بينها الإمارات والكويت والسعودية وسلطنة عمان والبحرين، عن دعم المساعي الرامية إلى إنهاء أزمة سد النهضة واستمرار الحوار بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا لتجاوز الخلافات.
وأعربت الخارجية الكويتية عن أن “أمن مصر والسودان المائي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي”، مؤكدة دعمها للمساعي الرامية إلى إنھاء ملف سد النھضة بما يراعي مصالح كافة الأطراف.
فيما أكدت الخارجية الإماراتية، في بيان لها الأربعاء، اهتمام وحرص بلادها على استمرار الحوار الدبلوماسي البنّاء والمفاوضات المثمرة لتجاوز أيّ خلافات حول سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان.
وشددت الإمارات على “أهمية العمل من خلال القوانين والمعايير الدولية للوصول إلى حل يقبله الجميع، ويؤمّن الحقوق المائية للدول الثلاث، بما يحقق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة والتعاون بين جميع دول المنطقة”.
وأكدت السعودية، الثلاثاء، دعمها ومساندتها لكل من مصر والسودان وقالت إن أمنهما المائي جزء لا يتجزأ من الأمن العربي.
وشددت على “دعمها ومساندتها لأي مساع تسهم في إنهاء ملف سد النهضة وتراعي مصالح كل الأطراف”.
في المقابل اكتفت قطر بالصمت، ما اعتبره المصريون تأكيدا جديدا على فشل خيار المصالحة مع الدوحة.
وقال الخبير في الشؤون الإقليمية محمد السعيد إدريس لـ”العرب” إن “التضامن الخليجي له أهمية كبيرة، حتى ولو جاء متأخرا”.
وأضاف أن صدور مواقف داعمة من دول خليجية لمصر والسودان إزاء التعنت الإثيوبي “يعتبر تحولا نوعيا في هذا التوقيت، خصوصا إذا اقترن الدعم المعنوي بإجراءات ملموسة تجاه العلاقة مع إثيوبيا”.
العرب