د. معمر فيصل خولي*
بين الحين والآخر تسعى تركيا لتأسيس مشاريع تساهم في نهضتها وعمرانها، خصوصاً في العقدين الأخيرين، إبان صعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، والذي ساهم في تطور بلاده بسرعة غير مسبوقة من ناحية التطور الاقتصادي والعمراني والتكنولوجي، بالإضافة للبنية التحتية.(1)
ترغب تركيا في التأكيد على موقعها الدولي خاصة في الشرق الأوسط وكحلقة بين الشرق والغرب ومحطة أساسية في طريق الحرير الصيني. وتبحث لنفسها عن مشروع قومي يحقق هذا الحلم. ويبدو أنها وجدت في بناء قناة إسطنبول أو قناة بوسفور ثانية الهدف المنشود. وهي خطوة ستغير من وجه النقل البري والبحري في تركيا والعالم.(2) في 7 نيسان/ إبريل الحالي أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن بلاده تعتزم بدء إنشاء مشروع قناة إسطنبول الذي يكلف مليارات عدة من الدولارات(3)، يأتي هذا المشروع كجزء من الاستراتيجية التركية في عهد حزب العدالة والتنمية الساعية في بناء قوة الإقليمية الصاعدة للدولة التركية.
جذور فكرة قناة إسطنبول وتفعيلها
فكرة المشروع لا تعود للحزب الحاكم، ولا للرئيس رجب طيب أردوغان كما توحي أحزاب المعارضة، وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري (Chp). فالفكرة صاحبة جذور ضاربة في التاريخ، تعود للقرن السادس عشر(4) طرحت 7 مرات على الأقل تاريخيا. كان الاقتراح الأول في زمن السلطان العثماني سليمان القانوني، وكان المهندس المعماري التركي “معمار سنان” أعظم معماري أنجبته الدولة العثمانية، والذي قيل إنه وضع خططا مبدعة لهذا المشروع.
المقترح الثاني، كان في عام 1591، في عهد السلطان مراد الثالث، الذي أصدر قرارا لبدء العمل في المشروع، لكن تم إيقاف المشروع مرة أخرى لأسباب غير معروفة. أما المقترح الثالث، كان في عام 1654 في عهد السلطان محمد الرابع، حيث تم الضغط من أجل البدء من جديد في القناة، لكن الفكرة بقيت فكرة، ولم تدخل إلى حيث التنفيذ.
وكان المقترح الرابع، خلال فترة حكم السلطان مصطفى الثالث، وحاول مرتين في عام 1760، لكن المشروع لم يمض قدما بسبب المشاكل الاقتصادية، التي كانت تمر بها الدولة. أما المقترح الخامس، كان في عهد السلطان محمود الثاني، الذي أمر بتكوين لجنة سلطانية عثمانية لدراسة المشروع مرة أخرى، وتم إعداد تقرير في عام 1813، وكالعادة لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة.
توقفت أحلام القناة مع أفول نجم الدولة العثمانية، ثمَّ عادت فكرة القناة إلى واجهة الأحداث بمقترح “لبولنت أجاويد” قبل الانتخابات المحلية في عام 1994، وعُرف المشروع باسم “مشروع ميغا” حينها، لكنه لم ينفذ.
وجاءت الخطوة الكبرى، في الطرح السابع، في أبريل/ نيسان 2009، عندما قام حزب العدالة والتنمية الحاكم (AKP)، بإجراء دراسات سرية على المشروع، وأخذت الحكومة التركية، خطوات ملموسة لإحياء المشروع، وقام وزير النقل آنذاك ابن علي يلدريم، بذكر المشروع لأول مرة بشكل علني في مايو/ آيار 2009 في البرلمان(5).
بعدها أعلن رجب طيب أردوغان، الذي كان رئيسا للوزراء في ذلك الوقت، عن مشروع قناة إسطنبول في عام 2011، ففي هذا العام، أعلن عن مجموعة من “المشروعات العملاقة” التي تهدف إلى زيادة إجمالي الناتج المحلي للبلاد ليصل إلى تريليوني دولار بحلول الذكرى المئة لإعلان الجمهورية، في عام 2023.
وتتضمن المشروعات مطار اسطنبول الجديد، الذي افتُتحت المرحلة الأولى منه في نيسان/إبريل عام 2019، بعد نقل رحلات مطار أتاتورك إليه. وتبلغ تكلفته 12 مليار دولار، ويُتوقع أن يخدم 200 مليون مسافر في العام. ومن المقرر افتتاحه بشكل كامل عام 2025.
والمشروع الثاني هو مد طريق بري بطول الغابات الواقعة على ساحل البحر الأسود، وصولا إلى المطار الجديد، بهدف جلب البضائع من أوروبا وآسيا. لكن المشروع الأكبر والأكثر إثارة للجدل هو “قناة اسطنبول”.(6)
هو أحد المشاريع العملاقة التي واكبت ظهور “رؤية 2023” التي اعتمدها حزب العدالة والتنمية كخطة متوسطة المدى، تهدف تركيا من خلالها إلى احتلال مركز بين أقوى 10 دول في العالم بحلول الذكرى السنوية الـ100 لتأسيس الجمهورية الحديثة. ففي نهاية عام 2019، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من العاصمة الصربية بلغراد أن بلاده تعتزم وضع حجر الأساس لمشروع “قناة إسطنبول” الموازية لمضيق البوسفور مطلع عام 2020، لكن بسبب حالة الإغلاق التي عمت البلاد نتيجة انتشار وباء كورونا لم يجر البدء في المشروع.
ومنذ إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن مشروع القناة قبل أيام، وحتى اليوم، لم تعلن السلطات الرسمية التركية تاريخا دقيقا لبدء الحفريات في القناة، لكن وزير المواصلات والبنية التحتية أكد أن في حال بدء المشروع في 2021 فسينتهي في 2027. وقبل أيام، قال وزير النقل والبنى التحتية التركي عادل قره إسماعيل أوغلو، إنهم يواصلون التحضيرات لطرح مناقصة إنشاء قناة إسطنبول المائية قريبا جدا، دون الكشف عن تفاصيل أكثر.(7)
حدود قناة إسطنبول
هي مجرى مائي موازي لمضيق البوسفور، على بعد 30 كيلومترا منه في اتجاه الغرب. وتقدر التكلفة المبدئية للمشروع بحوالي 15 مليار دولار، و10 مليارات دولار للإنشاءات المجاورة له. وتمتد القناة في غرب البلاد لتربط البحر الأسود في الشمال ببحر مرمرة في الجنوب، بطول 45 كيلومترا، وعمق 21 مترا. ويبلغ عرضها حوالي 275 متر،(8) ويصل في إحدى النقاط إلى كيلومترا واحدا. وتبدأ القناة من بحيرة كوتشوك شكمجه، وهي بحيرة طبيعية في بحر مرمرة، إلى الغرب من اسطنبول، وتمتد شمالا إلى سد سازليديري، ثم قرية شاملار، وصولا إلى البحر الأسود.(9)
أهمية قناة إسطنبول
قد ترتفع الملاحة في مضيق البوسفور في حالة تحول تركيا الى حلقة رئيسية في طريق الحرير الصيني، إما باحتوائها مصانع صينية أو نهاية مسار بعض القطارات التي تنطلق من الصين نحو الشاطئ التركي لتكمل الرحلة بحرا نحو أوروبا، لتختصر المسافة البحرية عبر المحيط الهادي والهندي وقناة السويس. وعمليا، لا يجب أن يتحمل مضيق البوسفور أكثر من 25 ألف سفينة سنويا، أي 52% أقل من العدد الحالي. وإذا أصبحت تركيا مركزية في طريق الحرير، فسيكون مضيق البوسفور مزدحما بالسفن في صورة أشبه بوسط المدن الكبرى العالمية بسبب الازدحام.(10)
فالدافع الأساسي للقناة، وفق الحكومة التركية، هو إيجاد خيار بديل عن أو مكمّل لمسار المضايق التركية الحالي، إذ اختلفت أعداد وأحجام وحمولة وطبيعة السفن والناقلات التي تمر عبر البوسفور مع مرور السنين، فرغم شهرة قناة السويس، يمر منها 19 ألف سفينة سنويا (2020)، ويمر عبر بنما 13 ألف سفينة سنويا بينما يمر من مضيق البوسفور 53 ألف سفينة سنويا، ويبقى معبر ملقا الأهم بما يفوق 83 ألف سفينة سنويا. وذلك أدى إلى عبء شديد على البوسفور من جهة وإلى حوادث بين هذه السفن أو بينها وبين مراكب نقل المسافرين داخل المدينة (التي يتقاطع مسارها مع سفن البضائع عموديًا) أو على شكل اصطدام للسفن بالرصيف.
وترى الحكومة أن المشروع، الذي تأجل إطلاقه بسبب جائحة كورونا ويتوقع أن يستمر العمل به سنوات عدة، يضمن مكاسب اقتصادية كبيرة للبلاد. فمن جهة، ستكون هناك مرافق ومشروعات إضافية على هامشه من ميناء وأرصفة ومراكز لوجستية ومساحات خضر ومدينة عصرية، ومن جهة ثانية سيزيد أهمية تركيا في معادلات النقل البحري إقليميًا ودوليًا بما يمثل لها مكسبًا جيوستراتيجيًا مهمًا، كما أن المشروع سيرفع عدد السفن التي تمر عبر تركيا إلى ما يقارب 150 سفينة يوميٍا وبأحجام أكبر، وستكون له عائدات إيجابية كبيرة على السياحة، فضلًا عن توفير مئات آلاف فرص العمل في مرحلتي الإنشاء والتشغيل، وفق الحكومة.(11)
تظهر تقديرات الاقتصادية تركية أن مشروع قناة إسطنبول المائية ستمنح تركيا أفضلية تنافسية كبيرة في تجارة النقل الدولي التي يمر أكثر من 75% منها عبر البحار، وستدر أرباحا مالية كبيرة على تركيا تعوّضها عن الأموال التي حرمتها اتفاقية مونترو من تحصيلها. وتقول التقارير الرسمية التركية إن القناة الموازية ستدرّ على تركيا نحو 8 مليارات دولار سنويا، تسهم في تعويضها عن 10 مليارات دولار حُرمت منها بفعل تسعيرة المرور المخفضة عن السفن التي تعبر مضيق البوسفور. وتشير البيانات إلى أن عائدات القناة الجديدة ستغطي خلال عامين فقط تكاليف المشروع، وتنبع القيمة الأهم للقناة من عدم خضوعها لاتفاقية مونترو، مما يسمح لتركيا بتحصيل 5.5 دولارات عن كل طن من البضائع وحمولات السفن التي تعبرها يوميا.
الاعتراضات على مشروع القناة
رغم أن الحكومة التركية تقول إن القناة الجديدة ستخفف من العبء الملاحي عن مضيق البوسفور، وتقلل من الانبعاثات والمخلفات التي قد تضر بالمناطق الأثرية والتراثية المحيطة، فإن المعارضة ترى أن القناة ستعزل المنطقة الأثرية في إسطنبول وتحولها إلى جزيرة.(12)
ومنذ إعلانه في 2011، تعرض مشروع القناة لانتقادات واعتراضات كثيرة، من أحزاب سياسية وبعض مؤسسات المجتمع المدني وأكاديميين وكذلك من خبراء عسكريين.وتنوعت اعتراضات المعارضة التركية بين الإضرار بالمساحات الزراعية والمشجّرة، والتأثيرات السلبية في احتياطات المياه الجوفية، والارتدادات على البيئة والمناخ، وعلى تماسك التربة ومن ثم زيادة مخاطر الزلازل على إسطنبول. وهي اعتراضات تسندها المعارضة إلى تقارير أكاديميين وخبراء، لا سيما فرع إسطنبول من اتحاد غرف المهندسين المدنيين والمعماريين الأتراك (TMMOB) الذي كان رفع دعوى أمام القضاء لإيقاف المشروع.(13)
فقد عارض أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول المشروع واصفا إياه بأنه “خيانة لإسطنبول” و “مشروع اغتيال” ويعد بأنَّ “16 مليون مواطن سيعارضون”.(14) وتعهد باستخدام كل الوسائل القانونية الممكنة لمنع الخطة، وقال إنها تحمل في طياتها كارثة طبيعية وأخطارا على البنية التحتية. وأضاف، إن خطط التنمية العمرانية على طول القناة سوف تفيد المستثمرين القريبين من إردوغان الذي كشف اليوم أن مدينة تتسع لـ500 ألف شخص سوف تُشيد على جانبي القناة.(15)
وأعدّ أوغلو منشورًا يلخص 25 اعتراضًا تحت شعار “إما القناة وإما إسطنبول”. وأهم هذه الاعتراضات أنه لا حاجة حقيقية إليه من باب أن عدد السفن التي تمر من المضايق وكذلك خطورتها في تراجع أخيرا، ومن ثم فإن تركيا لا تملك رفاهية صرف عشرات مليارات الدولارات عليه (ثمة تفاوت كبير في تقدير الكلفة، بدءًا من 25 مليار دولار) في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، وأن له أضرارًا كثيرة متوقعة(16).
وجه زعيم المعارضة التركية ورئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كليجدار أوغلو، تهديدات للحكومة التركية حول إنشاء المشروع.وقال كليجدار أوغلو: “علينا حل جميع مشاكل هذه المدينة التاريخية، ويكفيهم الإساءة لها، يقولون إنهم سيقومون بإنشاء (قناة إسطنبول)، الجميع يقولون كلا للمشروع باستثناء شخص واحد يقصد (أردوغان)، الذي يقول (سأفعل)، وبأي عقل، ما المنطق، ومن أين لك المال؟ لا يمكنك يا أخي أن تفعل هذا”.وتابع زعيم المعارضة التركية: “أقول بمنتهى الوضوح، للجميع فلا يذهب أي منكم ويخصص ولو 5 قروش للمشروع، ونحن لن نسمح بإنفاق أي قرش في هذا المشروع”.
ورد أردوغان على موجة الهجوم الحادة من قبل المعارضة على المشروع الذي وصفه من قبل قائلا: “هذا حلمي”، حيث قال، مخاطبا “أكرم إمام أوغلو”: “عليه أن يجلس ويهتم بعمله”.وفي كلمة بالمجمع الرئاسي بأنقرة، قال الرئيس التركي: “الآن يقفون ضد قناة إسطنبول، ورئيس البلدية يقول إنها لا تناسب المنطقة.. اجلس واهتم بعملك.. سترى كيف تناسب”.(17)
وأضاف “يلجؤون إلى كل الوسائل لمنع تحقيق هذا المشروع الذي يحظى بأهمية إستراتيجية والذي سيترك بصمته على القرن المقبل في إسطنبول وبلادنا”، مضيفا “لم ولن نسمح لأي قوة بالحيلولة دون تنفيذ مشروع القناة”.
ويؤكد خبراء أن إصرار الرئيس أردوغان على القناة ينبع من اعتقاده وخططه بضرورة التخلص التام من الهيمنة على بلاده، وخير دليل العمل بجد على تحقيق الاكتفاء الذاتي في الصناعات الدفاعية، فقناة إسطنبول ستتحكم تركيا بها بشكل كامل اقتصاديا وسياسيا على عكس مضيق البوسفور(18).
أن التناقض الحاد بشأن مشروع قناة إسطنبول بين الحكومة التركية والمعارضة ،ليس مجرد التناقض بالرؤى وإنما تناقض أقرب إلى صراع بينهما على حاضر ومستقبل وهوية الدولة التركية، وهذا الصراع ليس وليد فكرة إنشاء قناة إسطنبول، وإنما له يعود إلى عقود وخاصة مع ظهور الإسلام السياسي في تركيا المعاصرة.
كما جرى انتقاد المشروع في خطاب من جانب أكثر من 100 أدميرال متقاعد، ووصفوه بأنه يقوض «معاهدة مونترو» التي تنظم المرور عبر البوسفور ومضيق الدردنيل الواقع بين البحر الأسود والبحر المتوسط.(19) ما هي معاهدة مونترو التي دار حولها هذا السجال؟ معاهدة مونترو التي تم التوقيع عليها في العام 1936 تتعلق بتنظيم الملاحة عبر مضيقي البوسفور والدردنيل، وتعود السيادة عليهما، وفقاً للمعاهدة، إلى الدولة التركية، مع شروط محددة فيما يتعلق بعبور السفن الحربية، مقابل ضمان حرية عبور السفن المدنية والتجارية. وتمنح المعاهدة الدول المشاطئة للبحر الأسود أفضلية استخدام المضائق بالنسبة للسفن الحربية، فيما تحدد شروطاً على السفن الحربية التابعة للدول الأخرى.(20)
وعليه، فإن قناة إسطنبول لن تخضع لاتفاقية مونترو، وطالما كان مرور السفن الحربية سببا في مشادات بين تركيا والدول الموقعة على الاتفاقية، وخاصة روسيا. وحسبما نقلت وكالة رويترز عن الدبلوماسي التركي السابق سنان أولغين، فإن قناة إسطنبول تثير مخاوف موسكو بشأن استخدامها لأغراض عسكرية، وقد تفتح الباب لوجود السفن الحربية الأميركية في البحر الأسود.(21)
البعد الدولي ومشروع قناة إسطنبول
وهنا يرتبط بالبعد الدولي بمشروع القناة، فشق هذه القناة يوفر نوعًا من الالتفاف على معاهدة مونترو، بمعنى إمكانية استخدام القناة، في حال تنفيذ المشروع، لأغراض حربية لا تسمح بها المعاهدة. ومعروف أن الدولة الأكثر استياءً من وجود المعاهدة هي الولايات المتحدة الأمريكية التي لا يمكنها إرسال قطع من أسطولها الحربي إلى البحر الأسود إلا تحت سقف الشروط المحددة فيها.
وهذا الموضوع يكتسب راهنيته من التطورات الأخيرة في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، بما يهدد باندلاع حرب جديدة بين الدولتين. ومعروف أن موقف القيادة التركية أقرب إلى أوكرانيا منه إلى روسيا، على رغم العلاقة الروسية التركية في الصراعات الإقليمية، وبخاصة في سوريا. وأرسلت الولايات المتحدة الأمريكية ، فعلاً، قطعتين من أسطولها الحربي إلى البحر الأسود، تحت سقف شروط المعاهدة الدولية، كنوع من ردع لروسيا بشأن هجومها المحتمل على شرقي أوكرانيا، في حين رد الكرملين بتحذير الأمريكيين من أي عمل عدائي ضد روسيا.
ثمة من يقولون إذن إن مشروع قناة إسطنبول، من زاوية النظر العسكرية، هو بتشجيع أمريكي، أو رغبة من أنقرة في إقامة توازن بين واشنطن وموسكو لكي لا تبقى تركيا تحت رحمة ابتزاز عسكري روسي، فاللعب على التناقضات الدولية والعالمية من أسس السياسية الواقعية، وتركيا ليست استثناء في هذا السياق.(22)
شهد العالم منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين تطورا في الطرق البحرية بفضل قناتي السويس وبنما، يشهد القرن الواحد والعشرون تطورا جبوسياسيا جديدا نتيجة تبلور طرق بحرية مثل قناة إسطنبول المرتقبة التي تسعى تركيا إلى تعزيز تعزز دورها الإقليمي، الأمر الذي سيزيد، من دون شك من قدرة تركيا على المنافسة الاقتصادية والاستقطاب التجاري، خصوصا مع الانتهاء من مشروع طريق الحرير الحديدي، وهو ما يعني فعليا تحويل مدينة إسطنبول إلى مركز عالمي للتجارة الدولية، وربما هذا المشروع في حال عدم تسوية المشكلات بين الدول الإقليمية، سيفتح باب لنوع جديد من الصراعات الإقليمية، وهي صراع الموانىء. فالرهان على البحر كما راهنت عليه بريطانيا في بناء إمبراطوريتها ذات يوم، سيقود أيضًا الى بناء إمبراطوريات الأسواق والممرات المائية والتقدم.
……………………………………………………….
الهوامش:
1- قناة إسطنبول المائية.. “مشروع العصر” في تركيا الحديثة، موقع الخليج أونلاين، ينظر الرابط التالي: https://alkhaleejonline.net/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF/%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AB%D8%A9
2- حسين مجدوبي، جيوسياسية المعابر البحرية.. بين حلم تركيا بقناة جديدة وطريق الصين عبر القطب الشمالي، صحيفة القدس العربي، ينظر الرابط التالي: https://www.alquds.co.uk/%d8%ac%d9%8a%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b9%d8%a7%d8%a8%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%ad%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%ad%d9%84%d9%85-%d8%aa%d8%b1%d9%83/
3- إردوغان يعلن موعد بدء العمل في مشروع قناة إسطنبول، صحيفة الشرق الأوسط، ينظر الرابط التالي: https://aawsat.com/home/article/2905766/%D8%A5%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%86-%D9%85%D9%88%D8%B9%D8%AF-%D8%A8%D8%AF%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%84
4- بشير شبيب، قناة اسطنبول.. حلم أردوغان المثير للجدل، مدونات الجزيرة، ينظر الرابط التالي، https://www.aljazeera.net/blogs/2020/1/27/%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%84-%D8%AD%D9%84%D9%85-%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D9%84%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%84
5- أحمد يحيى، قناة إسطنبول الجديدة.. لماذا تهاجمها المعارضة وتخشاها الإمارات؟، صحيفة الاستقلال، ينظر الرابط التالي: https://www.alestiklal.net/ar/view/3449/dep-news-1577108613
6- ما هي “قناة اسطنبول” التي يصر أردوغان على حفرها؟، موقع بي بي سي عربي، ينظر الرابط التالي: https://www.bbc.com/arabic/middleeast-51001620
7- زاهر البيك، 7 أسئلة تشرح قصة قناة إسطنبول وأهميتها الاقتصادية، موقع الجزيرة نت، ينظر الرابط التالي: https://www.aljazeera.net/ebusiness/2021/4/5/%D8%A3%D8%B3%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D8%B4%D8%B1%D8%AD-%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%84-%D9%88%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%AA%D9%87%D8%A7
8- ما هي “قناة اسطنبول” التي يصر أردوغان على حفرها؟، مصدر سابق.
9- زاهر البيك، مصدر سابق.
10- حسين مجدوب، جيوسياسية المعابر البحرية.. بين حلم تركيا بقناة جديدة وطريق الصين عبر القطب الشمالي، صحيفة القدس العربي، ينظر الرابط التالي: https://www.alquds.co.uk/%d8%ac%d9%8a%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b9%d8%a7%d8%a8%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%ad%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%ad%d9%84%d9%85-%d8%aa%d8%b1%d9%83/
11- سعيد الحاج، مشروع قناة إسطنبول وتأثيره في اتفاقية مونترو، موقع الجزيرة نت، ينظر الرابط التالي: https://www.aljazeera.net/opinions/2021/4/14/%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%84-%D9%88%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1%D9%87-%D8%B9%D9%84%D9%89
12- زاهر البيك، مصدر سابق.
13- سعيد الحاج، مصدر سابق.
14-قناة إسطنبول: حلم أردوغان وكابوس إسطنبول، موقع ” DW”، ينظر الرابط التالي: https://www.dw.com/ar/%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%84-%D8%AD%D9%84%D9%85-%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D9%88%D9%83%D8%A7%D8%A8%D9%88%D8%B3-%D8%A5%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%A8%D9%88%D9%84/a-51846743
15- إردوغان يعلن موعد بدء العمل في مشروع قناة إسطنبول، مصدر سابق.
16- سعيد الحاج، مصدر سابق.
17- أحمد يحيى، مصدر سابق.
18- زاهر البيك، مصدر سابق.
19- إردوغان يعلن موعد بدء العمل في مشروع قناة إسطنبول، مصدر سابق.
20- بكر صدقي، حول بيان الأميرالات المتقاعدين في تركيا، صحيفة القدس العربي، ينظر الرابط التالي: https://www.alquds.co.uk/%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a8%d9%8a%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b9%d8%af%d9%8a%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%b1%d9%83/
21- زاهر البيك، مصدر سابق.
22- بكر صدقي، مصدر سابق.