ظريف يجتاز الخطوط الحمر وينتقد سيطرة الحرس ومعارك سليماني

ظريف يجتاز الخطوط الحمر وينتقد سيطرة الحرس ومعارك سليماني

طهران – اشتكى وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف في تسجيل صوتي مسرب من أن الحرس الثوري يمارس نفوذا على الشؤون الخارجية والملف النووي للبلاد أكثر منه وأن القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني كان يسيطر على الوزارة، في خطوة تظهر أن ظريف قد اجتاز الخطوط الحمر في نقده لسيطرة المتشددين على السلطة في البلاد.

وتأتي هذه التصريحات لتظهر أن المتشددين هم المتحكمون في كل التفاصيل وأن الإصلاحيين يلعبون دورا هامشيا يقف عند حدود إقناع الغرب بضرورة الحوار مع إيران. كما تظهر أن الحرس الثوري هو الماسك الفعلي بالسلطة لما يتمتع به من نفوذ هائل إلى درجة أن بوسعه تعطيل أي تقارب مع الغرب إذا شعر بأن ذلك يمثل خطرا على مصالحه الاقتصادية والسياسية.

وفي المقابلة التي بثتها قناة إيران التلفزيونية الدولية الفضائية الناطقة باللغة الفارسية ومقرها في لندن في وقت متأخر الأحد قال ظريف إن نفوذه في السياسة الخارجية “صفر”، وإن العسكريين هم من يتحكمون، وإن “هيكلية وزارة الخارجية ذات توجه أمني غالبا”.

وأضاف “لم أتمكن مطلقا من مطالبة أي قائد عسكري بفعل شيء ما من أجل مساعدة الجهود الدبلوماسية”.

ودون أن يشكك في صحة التسجيل الصوتي قال خطيب زاده، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إن القناة نشرت مقتطفات فقط من المقابلة التي أجريت على مدى سبع ساعات.

واشتكى ظريف، مستخدما لغة نادرة في أروقة السياسة الإيرانية، من المدى الذي وصل إليه تأثير قاسم سليماني، الذي قتل بغارة أميركية في بغداد العام الماضي، في السياسة الخارجية ملمّحا إلى أن سليماني حاول إفساد اتفاق إيران النووي لعام 2015 بالتواطؤ مع روسيا.

وقال ظريف في التسجيل الذي بثته القناة التلفزيونية على تطبيق كلوب هاوس “في كل مرة تقريبا ذهبت فيها للتفاوض (مع الدول الكبرى) كان (سليماني) يطلب مني أن أقدم هذا التنازل أو ذاك أو أثير نقطة ما”.

ومضى قائلا “كان النجاح على الساحة (العسكرية) أهم من نجاح الدبلوماسية. كنت أتفاوض من أجل النجاح على الساحة (العسكرية)”.

وكان سليماني شخصية محورية وأقام شبكة من الميليشيات الموالية لطهران في أنحاء الشرق الأوسط. وقتل في هجوم أميركي بطائرة مسيرة بعد خروجه من مطار بغداد مع القيادي في الحشد الشعبي أبومهدي المهندس.

وردت إيران بهجوم بالصواريخ على قاعدة عراقية تتمركز فيها قوات أميركية. وبعد ساعات أسقطت القوات الإيرانية طائرة ركاب أوكرانية حال إقلاعها من طهران. وبعد أيام اعترف الحرس الثوري بأنها أُسقطت “بطريق الخطأ”.

وقال ظريف في التسجيل “قلت (في اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي) إن العالم يقول إن صواريخ أسقطت الطائرة. إذا كان هذا ما حدث أبلغونا كي نرى كيف نستطيع تسوية الأمر”.

وتابع “قالوا لي: لا، اذهبْ، غرّد على تويتر وأَنْكِرْ ذلك”.

وبدأ ظريف الاثنين زيارة لبغداد. وتوقّف بُعيْد وصوله في موقع استهداف سليماني حيث تلا الفاتحة، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الرسمية “إرنا”.

وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره العراقي فؤاد حسين حيّا وزير الخارجية الإيراني سليماني، واصفا إياه بـ”بطل القتال ضد داعش” في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية الذي كان يسيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا.

ولم يتطرق ظريف إلى الجدل حول تصريحاته. لكن مراقبين قالوا إن هذه الخطوة تهدف إلى تخفيف موجة الغضب التي طالته وظهر من خلالها كأنه يستهدف سليماني وتاريخه.

وعلى الرغم من أن ظريف قال إنه لا يعتزم الترشح لانتخابات الرئاسة التي ستجرى في الثامن عشر من يونيو المقبل قال بعض المنتقدين إن تصريحاته ترمي إلى كسب أصوات الإيرانيين الذين يعيشون ظروفا اقتصادية صعبة وغيابا للحريات السياسية والاجتماعية.

وطرحت شخصيات بارزة في التيار السياسي المعتدل اسمه باعتباره مرشحا محتملا للانتخابات التي سيخوضها أيضا عدة قادة بارزين من الحرس الثوري.

ويعول المتشددون بصفة خاصة على إبراهيم رئيسي، رئيس القضاء، الذي عمل على زيادة شعبيته من خلال الحملة على الفساد.

وتأسس الحرس بعد ثورة عام 1979 لحماية المؤسسة الدينية الحاكمة والحفاظ على القيم الثورية وهو يتبع مباشرة المرشد الأعلى علي خامنئي.

وأثارت تصريحات ظريف المسربة انتقادات سياسيين محافظين، لاسيما ما تعلق بسليماني.

ورأى النائب المحافظ نصرالله بجمن فر أن ظريف في تسجيله “يشكك في مسائل تندرج ضمن الخطوط الحمر للجمهورية الإسلامية التي يتولى فيها منصب وزير الخارجية”، وفق ما نقلت وكالة “فارس” للأنباء.

من جهتها انتقدت “فارس” تقديم ظريف نفسه خلال الحديث المسرّب بمثابة “رمز للدبلوماسية” في مواجهة سليماني الذي يشكل رمز “ميدان” المعارك.

وقلل المتحدث باسم وزارة الخارجية في مؤتمره الصحافي من شأن الجدل بشأن التصريحات، مشددا على أن ظريف “يوضح (في التسجيل) أن تصريحاته هي رأيه الشخصي”، وأشار إلى أن ما نشر هو “ثلاث ساعات ونصف ساعة” من حديث امتد “سبع ساعات”.

العرب