اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني الأربعاء أن تسريب التسجيل الصوتي العائد لوزير خارجيته محمد جواد ظريف، يهدف إلى التسبب في “اختلاف” داخلي تزامنا مع المباحثات في فيينا مع القوى الكبرى لإحياء الاتفاق حول برنامج طهران النووي.
وقال روحاني في كلمة متلفزة خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة إن التسجيل “تم نشره في وقت كانت (مباحثات) فيينا في ذروة نجاحها، وذلك بهدف خلق اختلاف داخل” إيران، في أول تعليق له على التسريب الذي تحدث فيه ظريف عن دور للعسكر في السياسة الخارجية، وأثار جدلا في الجمهورية الإسلامية.
وفي وقت سابق الأربعاء، أعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن أسفه من تحول تصريحاته المسربة إلى “اقتتال داخلي” في إيران.
وكتب ظريف في منشور عبر تطبيق إنستغرام الأربعاء “آسف بشدة كيف أن حديثا نظريا عن الحاجة إلى توازن بين الدبلوماسية والميدان، من أجل أن يستخدم من قبل رجال الدولة المقبلين عبر الاستفادة من الخبرة القيمة للأعوام الثمانية الماضية، تحول إلى اقتتال داخلي”.
كما أبدى أسفه لأن تقييمه لبعض المسارات الإجرائية “تم تأطيره على أنه انتقاد شخصي”.
وأرفق ظريف المنشور عبر حسابه الموثق، بشريط مصور لزيارة قام بها هذا الأسبوع إلى موقع اغتيال سليماني، القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري، والذي قضى بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد في يناير 2020.
وكان سليماني شخصية محورية وأقام شبكة من الميليشيات الموالية لطهران في أنحاء الشرق الأوسط.
وشدد الوزير الذي يتولى منصبه منذ العام 2013، على أنه حظي “بشرف صداقة عميقة وتعاون مع الحاج قاسم لأكثر من عقدين من الزمن، وعلاقاتنا الشخصية والمهنية لم تخفت حتى استشهاده، لكنها تعمقت دائما”، مؤكدا أنه دائما ما أشاد بـ”صلابة، إنسانية، البحث عن السلام، وشجاعة الشهيد سليماني” في تصريحاته داخل إيران وخارجها.
واعتبر ظريف أن الدبلوماسية والميدان العسكري يمثلان “جناحي قوة” لإيران.
وأوضح أن “الفكرة الأساسية” التي تحدث عنها في التسجيل كانت التركيز على “الحاجة إلى تعديل ذكي في العلاقة بين هذين الجناحين وتحديد الأولويات ضمن الهيئات القانونية وتحت الإشراف العظيم للقائد الأعلى”، في إشارة إلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وأكد أن “حماية مصالح البلاد وشعب إيران المقاوم، الصبور، الباسل هي عهد سألتزم به حتى اللحظة الأخيرة”، مشددا على أنه دائما ما اتبع “السياسات المقررة للبلاد ودافع عنها بقوة”.
وفي تسجيل صوتي مسرّب، اشتكى ظريف من أن الحرس الثوري يمارس نفوذا على الشؤون الخارجية والملف النووي للبلاد أكثر منه، وأن القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني كان يسيطر على الوزارة، في خطوة تظهر أن ظريف قد اجتاز الخطوط الحمر في نقده لسيطرة المتشددين على السلطة في البلاد.
وأثار التسجيل الذي يأتي نشره قبل أقل من شهرين على الانتخابات الرئاسية وفي ظل مباحثات مع القوى الدولية الكبرى لإعادة إحياء الاتفاق حول برنامج طهران النووي، انتقادات من المحافظين المعارضين لحكومة الرئيس المعتدل روحاني، إذ رأى النائب المحافظ نصرالله بجمن فر أن ظريف في تسجيله “يشكك في مسائل تندرج ضمن الخطوط الحمر للجمهورية الإسلامية التي يتولى فيها منصب وزير الخارجية”، وفق ما نقلت وكالة “فارس” للأنباء.
وانتقدت “فارس” تقديم ظريف نفسه خلال الحديث المسرّب بمثابة “رمز للدبلوماسية” في مواجهة سليماني الذي يشكل رمز “ميدان” المعارك.
وتكشف هذه التصريحات أن المتشددين هم المتحكمون في القرار الإيراني وأن الإصلاحيين يلعبون دورا هامشيا يقف عند حدود إقناع الغرب بضرورة الحوار مع إيران. كما تظهر أن الحرس الثوري هو الماسك الفعلي بالسلطة لما يتمتع به من نفوذ، إلى درجة أن بوسعه تعطيل أي تقارب مع الغرب إذا شعر بأن ذلك يمثل خطرا على مصالحه الاقتصادية والسياسية.
وكان المتحدث باسم الخارجية سعيد خطيب زاده أكد الاثنين أن التسجيل مقتطع من حوار لسبع ساعات غير مخصص للنشر، وتضمن مواقف “شخصية” للوزير.
وأعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي الثلاثاء أن الرئيس حسن روحاني طلب التحقيق في “مؤامرة” تسريب تسجيل ظريف.
صحيفة العرب