تونس – اتهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة أطرافا لم يسمّها بالوقوف وراء انقطاع الكهرباء بالبلاد يومي الأربعاء والخميس، تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة، وقال إن ما حدث كان بفعل فاعل بعد نحو 20 يوما من عمل شبكة الكهرباء بـكفاءة دون انقطاع تقريبا.
وفيما أشار إلى أن ملفا بالخصوص تم رفعه إلى مكتب النائب العام أكد الدبيبة أن من يقطعون الكهرباء ويسعون لعودة الحرب أعداء لليبيين. وأدى انهيار شبكة الكهرباء مساء الأربعاء إلى حالة إظلام تام غرب البلاد، ما أثار حالة من الاحتقان الشعبي.
ويراهن الدبيبة على حل أزمة الكهرباء لنيل ثقة الليبيين حيث سبق أن تعهد عقب انتخابه رئيسا للحكومة في فبراير الماضي بحل مشاكل الكهرباء خلال ستة أشهر، وهو ما يبدو صعب التحقق.
وخلال جولة تفقدية لغرف تحكم في محطات كهرباء تابعة للشركة العامة للكهرباء استمع الدبيبة إلى شرح من مهندسي الشركة، أكدوا خلاله أن ما حدث من انقطاع في التيار لا يمكن “تبريره فنيا”، مستعرضين صورا تظهر تعرض بعض الموصلات لإطلاق نار.
ويواجه قطاع الكهرباء في ليبيا أزمة متفاقمة منذ سنوات بسبب افتقاده للتجديد والصيانة، وتعرضت الآلاف من الأسلاك الكهربائية للسرقة من قبل عصابات تتولى تفكيكها وتهريب النحاس الموجود داخلها إلى الخارج.
ودعا مسؤولو شركة الكهرباء رئيس الحكومة إلى التدخل لوضع حد لظاهرة سرقة أسلاك الكهرباء، مشددين على أن الظاهرة ساهمت بدور كبير في حالة الانهيار التي يعرفها القطاع منذ سنوات.
واعتبر الدبيبة هذه الظاهرة جريمة يعاقب عليها القانون، وحث المواطنين على ضرورة حماية الثروة الكهربائية، معلنا تكليف وزير الداخلية خالد مازن بفتح تحقيقات في الغرض في كل مناطق ليبيا.
وأوضح رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، وئام العبدلي، أن الشبكة الكهربائية تعرضت لهزّة مساء الأربعاء الماضي بشكل غريب ومفاجئ وغير مبرّر، أدت إلى خروج بعض وحدات التوليد، وكذلك فصل كافة خطوط نقل الطاقة بالمنطقة الغربية عن العمل.
وأضاف أن مُشغّلي الشركة العامة للكهرباء تمكنوا من السيطرة على الشبكة، مشيرًا إلى أن العاملين أنجزوا عملهم رغم أنهم يعملون في ظروف صعبة على شبكة كهربائية منهارة بالكامل، ولم تتم صيانتها أو تطويرها منذ حوالي عشر سنوات مضت نتيجة الظروف التي تمر بها الشركة والبلاد بشكل عام.
وكانت المنطقة الشرقية شهدت بدورها حالة من الإظلام التام عصر الخميس بسبب “حدوث انفجار على أحد عوازل الاختراق على دائرة جنوب بنغازي/شمال بنغازي 220 ك.ف داخل محطة الشمال القديمة”، وأعلنت الشركة العامة للكهرباء فجر الجمعة عن إعادة بناء الشبكة الشرقية بـ”نجاح”، لتعود تدريجيا إلى العمل.
ودعا مهندسو الشركة إلى ضرورة العمل فورا على الربط بين الجناحين الشرقي والغربي للشبكة الكهربائية، مؤكدين أن الإظلام الذي حدث بالمنطقة الشرقية “ما كان ليحدث لو كان هناك ربط بين الشبكتين”.
وأثارت تصريحات الدبيبة حول وقوف أطراف لم يسمها وراء انقطاع الكهرباء جدلا واسعا في أوساط الليبيين؛ حيث دعا محافظ مصرف ليبيا المركزي المنتخب من مجلس النواب محمد الشكري، النائب العام الصديق الصور إلى إجراء تحقيق عادل وشفاف في ما يثار من أن انقطاعات الكهرباء تتم بفعل فاعل.
وكانت مجموعة العمل الاقتصادي المنبثقة عن مجموعة العمل التابعة لمجموعة المتابعة الدولية المعنية بليبيا حذرت مؤخرا من تدهور وضع قطاع الكهرباء في البلاد بدءا من أوائل الصيف القادم، مؤكدة أن الوضع الحالي في البلاد “يستدعي المسؤولية القيادية من جميع الأطراف”.
وأعربت المجموعة التي تضم كلا من الاتحاد الأوروبي ومصر والولايات المتحدة إلى جانب بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا عن قلقها بشأن الوضع في قطاع الكهرباء في ليبيا، وأكدت أنه “دون الإسراع في تخصيص التمويل اللازم لإجراء إصلاحات عاجلة، فإن وضع الكهرباء يمكن أن يتدهور بدءاً من أوائل صيف 2021”.
وتواجه الحكومة تحدي موافقة البرلمان على الميزانية حيث تعمل منذ نحو شهرين من نيلها الثقة دون ميزانية، وهو ما يعطل تحسين الخدمات ومن بينها الكهرباء. وكان الدبيبة وقع خلال زيارته إلى تركيا عقودا مع شركات تركية لحل أزمة الكهرباء.
ومن جانبه أبرز السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من جانب القادة الليبيين لتمويل الإصلاحات اللازمة في قطاع الكهرباء وغيره من القطاعات الرئيسية الأخرى، مؤكدا دعم بلاده لجهود الشركة العامة للكهرباء في ليبيا لإنهاء أزمة انقطاع الكهرباء.
بالتوازي مع ذلك حذرت تقارير أميركية من احتمال انهيار الشبكات المتهالكة في البلاد تحت ضغط الطلب الإضافي على الطاقة، الذي يبلغ ذروته سنويا بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة صيفا، في بلد تتميز غالبية أرجائه بمناخ صحراوي جاف.
ويبلغ العجز في توليد الكهرباء في ليبيا 1000 ميغاوات في فصل الشتاء و2500 ميغاوات في الصيف وتحتاج البلاد إلى 6500 ميغاوات لتلبية احتياجاتها الاستهلاكية في فصل الشتاء و8000 ميغاوات في فصل الصيف.
وبيّن تقرير أعده مشروع “تقارب” التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية في ليبيا أن “المحطات الكهربائية البالغ عددها 14، تضم 63 وحدة توليد بقدرة مركبة تصل إلى 8200 ميغاوات، تنتج حاليا 4350 ميغاوات فقط، لأسباب مختلفة” كما أن “40 وحدة كهربائية تعمل الآن، فيما تحتاج 23 وحدة إلى الصيانة والتصليح، وأن ثلثي هذه الوحدات قديمة تجاوزت أعمارها 25 سنة”.
وأكد التقرير أن “الوحدات تعمل بسعة كاملة فقط حين تتراوح درجة الحرارة بين 20 و25 درجة مئوية، ونسبة الرطوبة أقل من 40 في المئة”، ما يهدد بتهاوي الشبكة في فترات الذروة في الصيف حين تكون معدلات درجة الحرارة بين 30 و40 درجة مئوية، في غالبية المناطق، مع معدلات مرتفعة للرطوبة تتراوح نسبتها في مدن الشمال المأهولة بين 70 و80 في المئة.
واعتبر أن “من أسباب تأخر معالجة الأزمة وعدم إصلاح المولدات الكهربائية وتشغيلها، المخاطر الأمنية التي يواجهها المهندسون، واحتياج الشركات الأجنبية إلى ضمانات لسلامة موظفيها قبل السفر إلى ليبيا، وهي غير ممكنة حاليّا”.
العرب