واشنطن – يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن انتقادات داخل الولايات المتحدة على خلفية البحث عن عقد صفقة جديدة مع النظام الإيراني والعودة إلى الاتفاق النووي المثير للجدل الذي انسحب منه سلفه دونالد ترامب عام 2018.
واعتبر مسؤولون أميركيون أن العودة إلى الاتفاق النووي الموقع عام 2015 سيكون بمثابة حدث فريد من نوعه سيؤدي إلى الفوضى وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وستتمكن إيران بفضل الاتفاق الحصول على أموال تبلغ حوالي 90 مليار دولار في اللحظة التي ينهي فيها بايدن العقوبات المفروضة على النظام الإيراني، والتي قوضت مساعي الأخير لنشر الفوضى في المنطقة طوال العامين الماضيين بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق.
وعقدت الولايات المتحدة وإيران بوساطة بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي جولة ثالثة من المباحثات للتوصل إلى عقد صفقة جديدة تتيح العودة إلى الاتفاق النووي، لكن تلك المباحثات التي تحتضنها فيينا لم تصل حتى اللحظة إلى نتيجة واضحة.
وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام والمستشارة السياسية مورغان أورتاغوس، التي كانت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية بين عامي 2019 و2021، إن العودة إلى الصفقة النووية مع إيران قد تعكس الزخم الإيجابي في الشرق الأوسط من خلال زعزعة استقرار ميزان القوة السلمي الذي ورثه بايدن في المنطقة.
وتزامنت الانتقادات مع تحركات كشفت عنها صحيفة وول ستريت جورنال الأسبوع الماضي بشأن دارسة الإدارة الأميركية لرفع العقوبات المتعلقة بالإرهاب عن البنك المركزي الإيراني، وذلك في وقت يسارع فيه فريق بايدن الدبلوماسي نحو التسوية مع إيران.
واعتبر غراهام وأورتاغوس في مقال مشترك نشرته مجلة فورين بوليسي الأميركية أن بايدن ورث شرقا متوسطا سليما إلى حد ما ليس خاليا من التحديات، لكنه يتميز باتفاقيات سلام تاريخية بين العديد من الدول العربية وإسرائيل بعد عقود من عدم الاعتراف بالدولة العبرية.
ورأى المسؤولان الأميركيان أن بايدن يتمتع بالكثير من النفوذ من منظور تفاوضي، خاصة أنه تم تقويض الاقتصاد الإيراني من خلال العقوبات الأميركية وعدم كفاءة إيران وسوء إدارتها لوباء كورونا.
واعتبرا أن العودة إلى الاتفاق النووي لن تحدث بين عشية وضحاها إلا أنها قد تحدث بسهولة هذا العام. وقالا إن الصفقة النووية ستثير سباق تسلح في المنطقة ستبدأ به إيران، وإن التقدم الهائل الذي حققته الولايات المتحدة سوف يتراجع في المنطقة، مشيران إلى أنه على الرغم من هذا الخطر الواضح والقائم، فإن بايدن يندفع نحو هذا المصير.
ويرى صاحبا المقال أن الصفقة النووية غذت إيران بالمال قبل إعادة فرض الولايات المتحدة للعقوبات في عام 2018، حيث كان البنك المركزي الإيراني يسيطر على أكثر من 120 مليار دولار من احتياطات النقد الأجنبي، إلا أن العقوبات أدت إلى حجز العشرات من المليارات من تلك الأموال.
ويؤكد أن الضغط الأقصى الذي اتبع ضد النظام الإيراني بعد العقوبات خفض صادرات النفط الإيراني بأكثر من مليوني برميل يوميا، مما حرم النظام من 70 مليار دولار تموّل ميزانيته عادة.
ولم يترك الانقلاب الهائل في الثروات لإيران – حسب المقال – أي خيارات اقتصادية مما دفع النظام إلى قطع المدفوعات عن وكلائه الإرهابيين الإقليميين.
ويرى غراهام وأورتاغوس أنه في ظل هذا الوضع كانت إيران تواجه الانهيار بينما بقية دول الشرق الأوسط تنفست الصعداء، وعقدت بعض الدول اتفاقيات سلام تاريخية، حيث إن العودة إلى الاتفاق مع إيران تهدد بتقويض الكثير من التقدم المحرز في المنطقة.
ويتوقع أن يتم رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على قطاعات المعادن والبتروكيماويات التي تعتبر هامة جدا للنظام الإيراني في تمويل العمليات الخارجية للحرس الثوري.
وقالا إنه فور رفع العقوبات سيبدأ الاقتصاد الإيراني في النمو مرة أخرى، ولن يستغرق الأمر أي وقت حتى تجد الحقائب النقدية طريقها إلى حماس أو حزب الله.
والمليارات التي ستحصل عليها إيران بفضل رفع العقوبات ستجعلها تقطع شوطا طويلا. وأنفقت طهران على مدار التاريخ أكثر من 16 مليار دولار في دعم الحلفاء في سوريا والعراق واليمن منذ عام 2012 وأرسلت 700 مليون دولار سنويا إلى حزب الله.
واعتبر الكاتبان أنه “ليست هناك حاجة كبيرة للتكهنات في ما يتعلق بما قد تستخدم إيران لتخفيف العقوبات”، لكن بالعودة إلى ستة أعوام إلى الوراء فإن الحرس الثوري الإيراني نشر الفوضى والموت في جميع أنحاء المنطقة بدلا من إنفاق الأموال على أبحاث السرطان أو البنية التحتية.
ورأى غراهام وأورتاغوس أن المفاوضات مع إيران قد تكون جديرة بالاهتمام، لكن أعضاء الكونغرس والشعب الأميركي يستحقون الشفافية في هذه العملية، ويجب أن يحاسبوا إدارة بايدن على ما وعدت به، وهو عقد صفقة أفضل
العرب