شركات منتجة للقاحات كورونا تعارض بشدة التنازل عن براءات الاختراع

شركات منتجة للقاحات كورونا تعارض بشدة التنازل عن براءات الاختراع

باريس– أثار موقف الولايات المتحدة الداعم للتنازل عن براءات اختراع لقاحات كوفيد – 19 لمساعدة الدول الفقيرة على إنتاج لقاحات أكثر في وقت أسرع، ردود فعل متباينة لمواجهة مخلفات الجائحة.

لكن اللافت هو رفض الشركات المنتجة، التي تريد تحصيل المزيد من الأرباح، الانسياق وراء هذه الدعوة منوّهة بأن “براءات الاختراع ليست العامل الذي يحد إنتاج أو توفير لقاحنا”.

ورحبت رئيسة منظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيويالا بإعلان الولايات المتحدة، وشجعت الهند وجنوب أفريقيا اللتين تقفان وراء هذا الاقتراح الذي يهدف إلى تسريع إنتاج اللقاحات وتوزيعها، على تقديم نص منقح في هذا الشأن بسرعة، يكون أكثر قبولا للجميع.

لكنّ المختبرات الألمانية “بايونتيك” أكدت أن ذلك لن يكون له تأثير “على الأمد القصير والمتوسط” لأن حماية براءات الاختراع ليست العامل الذي يحد من إنتاج لقاحها المطور مع شركة فايزر الأميركية وتوريده. وقال رئيسها ألبرت بورلا إنه “لا يؤيد إطلاقا” رفع براءات الاختراع.

ودافع ممثلو الشركات والمتكلمون باسمها عن معارضتهم لهذه الخطوة معتبرين أن نقل مهمة إنتاج اللقاح ليست قرارا سهلا، وأنها لن توفر الوقت على الدول الفقيرة، بل ربما تعيق إنتاج الكميات اللازمة وفق الأجندات الحالية التي حددتها كل شركة على حدة.

واعتبرت ميشال ماككوري – هيث مديرة لوبي شركات التكنولوجيا الحيوية العضوية أن “إعطاء البلدان المحتاجة وصفات دون المكونات والضمانات والعمالة المتخصصة لن يساعد الأشخاص الذين ينتظرون اللقاح”.

وأعلن سيتفان بانسيل رئيس مجلس إدارة موديرنا أن إتقان تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال التي تقوم عليها لقاحات فايزر- بايونتيك وموديرنا، وشراء الآلات وإجراء التجارب السريرية وبدء التصنيع على نطاق واسع، “لا تحدث في 6 أو 12 أو 18 شهرًا”.

وهاجم رون كوهين رئيس شركة “أكوردا تيرابيوتيكس” للتكنولوجيا الحيوية في نيويورك، موقف الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يدعم رفع براءات الاختراع موقتا. وقال “سلك جو بايدن منحدرا خطيرًا وزلقًا”.

وكتب على تويتر “ما هي براءات الاختراع التالية في القائمة التي لن تكون محمية بعد تسجيل هذه السابقة؟”. وأكد أن أمراض السرطان أو الزهايمر يمكن أن تعتبر أيضا “أزمات عالمية”.

كما أبدى الاتحاد الأوروبي معارضته لخطوة من هذا النوع. لكنه قال بلسان رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين إنه “مستعد لمناقشة أيّ اقتراح يعالج الأزمة بشكل فعال وعملي”. وحذرت ألمانيا من أن “حماية الملكية الفكرية هي مصدر الابتكار ويجب أن تبقى كذلك في المستقبل”.

في المقابل وجدت هذه الدعوة دعما من منظمات دولية مهتمة بالصحة، ومن شخصيات سياسية دولية بارزة.

ورأت إستير دوفلو الحائزة على جائزة نوبل للاقتصاد في 2019 أنّ رفع براءات الاختراع عن اللقاحات فكرة جيدة، لكن يجب على الدول الأكثر ثراء أن تفي بالتزاماتها تجاه البلدان الأكثر فقرا.

وقالت دوفلو في مقابلة مع صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية اليومية إن الدعم الأميركي لرفع براءات الاختراع “أمر جيد” لأنه “يضغط على مجموعات الأدوية”.

ومن خلال إنشاء برنامج كوفاكس وتمويله وهو نظام لتبادل اللقاحات المضادة لكوفيد، ساعدت دول ومنظمات دولية وشخصيات مثل بيل غيتس في تقديم خمسين مليون جرعة إلى البلدان الفقيرة، لكن “هناك حاجة إلى ملياري جرعة”، حسب الخبيرة الاقتصادية الفرنسية – الأميركية.

وأضافت أن “الجهود الاقتصادية لمساعدة الدول الفقيرة ستكون ضئيلة. فتزويد هذه البلدان بملياري جرعة من اللقاحات، يحتاج إلى 29 مليار دولار، وإذا رفعنا هذا العدد إلى أربعة مليارات تصبح الكلفة أكثر من خمسين مليارا بقليل (…) وهذا لا شيء بالمقارنة مع تريليونات الدولارات التي تستثمرها الولايات المتحدة وحدها في خطة التعافي”.

جاءت كل هذه التصريحات بعدما أعلنت الممثلة الأميركية للتجارة كاثرين تاي أنه “لإنهاء هذا الوباء، تدعم حكومة الولايات المتحدة رفعا مؤقتا” لهذه البراءات.

ورأى رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في الاقتراح الأميركي “قرارا تاريخيا”، فيما اعتبر متحدث باسم المنظمة أن هذه المبادرة “يمكن أن تزيد بشكل كبير من إمدادات نظام كوفاكس لتقاسم اللقاحات مع الدول الفقيرة”.

وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده التي صادقت مؤخرا على استخدام لقاح “سبوتنيك لايت” الذي يقتصر على جرعة واحدة “ستدعم نهجا من هذا النوع”، بينما قال نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي كان مترددا من قبل إنه “يؤيد” هذه الفكرة.

من جهته، قال الاتحاد الأفريقي إن “التاريخ سيتذكر القرار الذي اتخذته حكومة الولايات المتحدة على أنه الأمر الصحيح في الوقت المناسب لمواجهة هذا التحدي الرهيب”.

وحذّر المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لأفريقيا في بيان في برازافيل من خطر حدوث موجة جديدة لانتشار فايروس كورونا في القارة بسبب التأخير المتزايد في حملات التطعيم بالمقارنة مع بقية العالم.

وقال إنه “بسبب تأجيل تسليم جرعات لقاحات كوفيد – 19 التي يصنعها معهد سيروم في الهند لأفريقيا، وبطء نشر اللقاحات وظهور متحورات جديدة، ما زال خطر حدوث موجة جديدة من العدوى مرتفعا في أفريقيا”. وأضاف أن أفريقيا “لم تعد تحصل سوى على واحد في المئة من جرعات اللقاحات التي يتم إعطاؤها في العالم، مقابل 2 في المئة قبل أسابيع”.

وقالت ماتشيديسو مويتي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لأفريقيا في البيان إن “مأساة الهند يجب ألا تحدث هنا في أفريقيا ويجب أن نبقى جميعا في حالة تأهب قصوى”، مؤكدة أنه “إذا طالبنا بالمساواة في اللقاحات يجب على أفريقيا أيضا أن تبذل جهودا وتستفيد إلى أقصى حد مما لدينا. يجب أن نستخدم جميع الجرعات المتوفرة لدينا لتطعيم الناس”.

العرب