بشار الأسد رئيسا لسوريا.. ماذا بعد

بشار الأسد رئيسا لسوريا.. ماذا بعد

بإجرائه انتخابات رئاسية يعارضها المجتمع الدولي، يواصل النظام السوري سياسة الهروب إلى الأمام وتقويض مخرجات اللجنة الدستورية برعاية الأمم المتحدة الهادفة إلى تسوية سياسية للأزمة السورية ما يئد المساعي الجارية للتغيير في سوريا.

دمشق – يسعى الرئيس السوري بشار الأسد الذي أدلى بصوته الأربعاء في الانتخابات الرئاسية والتي يجمع مراقبون على أنها محسومة سلفا لصالحه إلى إضفاء “شرعية” في الداخل والخارج على حكمه، إلا أن الانتخابات التي لا يعترف الغرب والمعارضة بنزاهتها تقوض جميع الطرق المؤدية إلى العملية السياسية وتطيح بكل المسارات التي تبحث مسألة التغيير في سوريا.

ويرى مراقبون أن الأسد سيظل مفتقرا للشرعية في الداخل لسبب بسيط وهو أن التصويت تم في حوالي ثلثي البلد، وهي المناطق التي تخضع لسيطرة حكومته ولم تشارك المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق سوريا، تماماً مثل المناطق التي يسيطر عليها متمردون في شمال غرب البلاد في العملية الانتخابية.

وتظاهر الآلاف من سكان محافظة إدلب بالشمال السوري الأربعاء رفضا للانتخابات الرئاسية، بينما شهدت بعض مناطق محافظة درعا (جنوب) إضرابا عاما.

وقال محمد زيتون من اللجان المحلية في محافظة درعا “شارك الآلاف من أبناء مدينة إدلب والبلدات والقرى ومخيمات النازحين في المظاهرة التي انطلقت من ساحة السبع بحرات وسط مدينة إدلب”.

وأضاف زيتون “يريد المشاركون في المظاهرة إيصال رسالة إلى العالم أن الانتخابات التي يجريها النظام هي غير شرعية”.

سام هيلر: الانتخابات تجعل لجنة صياغة الدستور أقل أهمية مما كانت عليه

وردد المشاركون شعارات وحملوا لافتات تندد بالانتخابات الرئاسية “لا شرعية لانتخابات القاتل، لا شرعية للأسد وانتخاباته، الثورة مستمرة”.

وشهدت مدن وبلدات ريف حلب الشمالي مظاهرات. وفي محافظة درعا شهدت أغلب بلدات الريف الشرقي والغربي إضرابات احتجاجاً على الانتخابات الرئاسية.

وقال مصدر في الجبهة الجنوبية التابعة للجيش السوري الحر إن “أغلب مدن ريف درعا الشرقي والغربي نفذت إضراباً عاماً احتجاجاً على الانتخابات الرئاسية فقد شهدت مدن جاسم ونوى والحراك وطفس وإنخل والكرك الشرقي وصيدا احتجاجاً على الانتخابات”.

وإلى جانب المعارضة الداخلية، شككت دول غربية في نزاهة الانتخابات، ما يعني عدم الاعتراف بنتائجها المعروفة مسبقا.

وكان وزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا اعتبروا في بيان مشترك الثلاثاء أن الانتخابات الرئاسية “لن تكون حرة ولا نزيهة”. وحضوا المجتمع الدولي على أن “يرفض من دون لبس هذه المحاولة من نظام الأسد ليكتسب مجدداً الشرعية”.

وندّد الرئيس السوري بشار الأسد الأربعاء، بعد إدلائه بصوته في مدينة دوما قرب دمشق، بالانتقادات الغربية الأخيرة المشكّكة في نزاهة الانتخابات، معتبراً أن قيمتها “صفر”.

وبفوزه بولاية رئاسية جديدة مدتها سبع سنوات، يستبعد الأسد أي فكرة بأنه قد يتنحى كجزء من تسوية سياسية أكبر.

ويقول وسيط الأمم المتحدة في سوريا غير بيدرسون وهو دبلوماسي مُحنك إن الانتخابات ليست جزءا من العملية الدولية الهادفة إلى إيجاد حل سياسي للصراع طويل الأمد.

وفي جنيف تم تكليف لجنة مكونة من ممثلين عن الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني بصياغة دستور جديد كان من المفترض أن يؤدي إلى انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة وهذا ما لم يحدث.

ولا يبشر فوز الأسد بالخير لمستقبل المحادثات تحت مظلة الأمم المتحدة في جنيف، وبالتالي بالنسبة إلى الدبلوماسية الدولية بوجه عام.

هادي البحرة: النظام يتهرب من استحقاقات الحل الوحيد الممكن

ويقول سام هيلر محلل الشؤون السورية والموظف السابق لدى منظمة “مجموعة الأزمات الدولية” المعنية بمنع حدوث نزاعات وتسويتها، إن دمشق تستخدم الانتخابات في المقام الأول لإثبات استمرارية النظام السوري، موضحا أن التصويت لا يعني بالضرورة نهاية لجنة صياغة الدستور، “لكن هذه الانتخابات تجعل اللجنة تبدو أقل أهمية مما كانت عليه بالفعل”.

وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت بدورها أنها غير منخرطة في الانتخابات الرئاسية، مؤكدة أهمية التوصل إلى حل سياسي وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، وأن التوصل إلى تسوية سياسية للصراع الدائر في سوريا عن طريق المفاوضات هو الأهم قبل إجراء انتخابات.

ويقول الرئيس المشارك للجنة الدستورية السورية عن المعارضة هادي البحرة إن “الانتخابات الرئاسية اللاشرعية محاولة سافرة من قبل النظام وحلفائه لتقويض العملية السياسية الجارية”.

ويضيف البحرة “هذه الانتخابات تتعارض مع ما يدعو إليه قرار مجلس الأمن 2254، وهو إجراء انتخابات حرة ونزيهة وفق دستور جديد تدار تحت إشراف الأمم المتحدة، وفق أعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة، وبمشاركة السوريين كافة، داخل سوريا وخارجها، بمن فيهم النازحون واللاجئون”.

وأكد أنه “لا توجد حاليًا بيئة آمنة ومحايدة تمكن جميع السوريين من ذلك لممارسة حقهم في الإدلاء بأصواتهم، والانتخابات الجارية ستطيل من أمد المأساة الإنسانية ومعاناة الشعب”.

واعتبر أنها “محاولة من جانب النظام للهروب إلى الأمام، في محاولة مكشوفة للتهرب من استحقاقات الحل الوحيد الممكن، وهو التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن”، مؤكدا أن “النظام يعلم أنه لن يتمكن من التهرب من ذلك الاستحقاق”.

العرب