يتقدم العراق بخطى حثيثة باتجاه تعزيز مشروعات الطاقة، وخاصة في مجال إنتاج الغاز، بغية التخلص من التبعية لإيران التي تستغل الظروف لصالحها من خلال الاستمرار في مد جارتها النفطية بما تحتاجه من هذه المادة حتى تقوم بتشغيل محطات الكهرباء.
وأعلنت وزارة النفط العراقية الخميس افتتاح محطة لإنتاج الغاز المصاحب لاستخراج النفط، بطاقة تبلغ حوالي 20 مليون قدم مكعب قياسي يومياً في حقل أبوغرب/الجنوب 1 بمحافظة ميسان جنوب البلاد، والذي تتولى شركة سينوك الصينية الحكومية تطويره.
ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية إلى وزير النفط إحسان عبدالجبار قوله خلال تدشين المحطة إن “الطاقة الإنتاجية للمشروع تبلغ 100 ألف برميل من النفط وأكثر من 20 مقمق يوميا (المقمق يعادل مليون قدم مكعب قياسي في اليوم)، تضاف إلى الإنتاج الوطني لرفد محطات الطاقة الكهربائية بوقود الغاز”.
وفي خطوة تبرز مدى حرص بغداد على تحقيق الاكتفاء الذاتي تدريجيا من الغاز شدد عبدالجبار على أن العراق حريص على دعم نشاط الشركات العالمية في البلاد وتوفير البيئة المناسبة لتنفيذ خطط الوزارة في زيادة واستدامة الإنتاج المحلي من النفط والغاز.
وأكد الوزير إيفاء الوزارة بالتزاماتها تجاه الشركات العالمية رغم التحديات الاقتصادية والمالية والصحية وغيرها.
وتأتي زيادة معدلات الاستثمار الأمثل للغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط في قمة أولويات وزارة النفط من أجل تأمين إمدادات لمحطات توليد الطاقة الكهربائية وصناعة البتروكيمياويات والأسمدة وغيرها من حاجات الطلب المحلي.
إحسان عبدالجبار: إنتاج المحطة سيرفد المحطات الكهربائية بوقود الغاز
وشدد مدير عام شركة نفط ميسان علي جاسم على المضي في تنفيذ خطط الشركة الحكومية بتطوير حقول أبوغرب والفكة وبزركان لمعاضدة جهود الدولة في توفير الاحتياجات اللازمة وتغطية الطلب المحلي المتزايد.
ويحتج السكان منذ سنوات طويلة على الانقطاع المتكرر للكهرباء، وخاصة في فصل الصيف حيث تصل درجات الحرارة أحياناً إلى 50 درجة مئوية.
ويحتاج العراق إلى الغاز لتشغيل محطات إنتاج الطاقة الكهربائية، حيث يستورد من إيران 20 مليون قدم مكعب قياسي يوميا، فيما يتطلب توفير 70 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز يومياً لتشغيل المحطات، إضافة إلى نحو 1300 ميغاواط من الكهرباء.
ووفقا لمسؤولين في قطاع الكهرباء ينتج العراق، الذي يعاني من أزمة نقص كهرباء مزمنة منذ عقود جراء الحصار والحروب المتتالية، نحو 19 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية بينما الاحتياج الفعلي يتجاوز 30 ألف ميغاواط.
ويرى محللون أن وتيرة استثمار الغاز وزيادة توليد الكهرباء بعد إبرام عقود مع سيمنز الألمانية وجنرال إلكتريك الأميركية يمكن أن تؤدي إلى الاستغناء عن الإمدادات الإيرانية في المستقبل القريب.
وتتقاطع المشاريع العراقية الجديدة مع مصالح إيران التي تحاول التمسك بالنافذة العراقية بدعم من الأطراف السياسية الموالية لها في بغداد من أجل تخفيف وطأة العقوبات الأميركية.
ومارست الولايات المتحدة ضغوطا على العراق لإيقاف اعتماده على إمدادات الغاز الإيرانية، وقد منحته في العامين الماضيين إعفاءات مؤقتة من العقوبات خلال فترة رئاسة دونالد ترامب مع مطالبته بتسريع تطوير بدائل الغاز المحلية.
ودخل العراق طيلة الأشهر الماضية في مفاوضات مع دول خليجية، على رأسها السعودية، لاستيراد الكهرباء وربط منظومته مع منظومة تلك الدول بعد أن كان يعتمد على إيران لاستيراد 1200 ميغاواط من الكهرباء ووقود الغاز لتغذية محطات الطاقة المحلية.
وتفيد تقديرات بأن العراق يمتلك مخزونا يقدر بحوالي 132 تريليون قدم مكعب من الغاز، ما يجعله يحل في المركز الحادي عشر بين دول العالم الغنية بالغاز الطبيعي، وأن الغاز المصاحب يمثل نسبة 70 في المئة منها.
وفي هذا المجال يأتي العراق بعد كل من روسيا وإيران وقطر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة ونيجيريا وفنزويلا والجزائر. لكن قلة استكشاف الاحتياطات ترجح ارتفاعها بشكل كبير في حال توسيع رقعة الاستكشافات، وخاصة في حقل غاز عكاز في محافظة الأنبار.
ويقول خبراء إن العراق يهدر منذ عقود ثروات هائلة من الغاز المصاحب لعمليات إنتاج النفط بسبب نقص المنشآت الخاصة بمعالجته وتحويله إلى وقود للاستهلاك المحلي أو للتصدير.
وحتى قبل أربع سنوات كان معظم الغاز المصاحب لاستخراج النفط يحرق، ولا يتم استغلاله بمعدّل يومي يفوق 700 مليون قدم مكعب.
وتشير تقارير دولية إلى أن العراق يواصل تبديد ما يقرب من 2.5 مليار دولار سنويا نتيجة حرق ما يصل إلى 1.55 مليار قدم مكعب يوميا من الغاز المصاحب، أي ما يعادل 10 أضعاف الكمية المستوردة من إيران.