بغداد – حمّل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الخميس الفساد الذي ساد خلال الحكومات التي قادها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي مسؤولية الكوارث التي عاشها العراق، متعهدا بالمضي قدما في محاربة الفساد حتى لو كلّفه ذلك إسقاط حكومته.
وقال الكاظمي “سقوط الموصل (بيد داعش صيف 2014) كان سببه الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة أيضا، وكثير من القضايا حتى في موضوع الكهرباء وقطاعات أخرى، نجد أن السبب هو الفساد”.
وشدد في مقابلة مع قناة “العراقية”، المملوكة للدولة ونشر مكتبه الإعلامي مضمونها، على أن “محاربة الفساد تعد تحديا كبيرا في العراق”.
وفي أغسطس الماضي شكّل الكاظمي لجنة خاصة للتحقيق بملفات الفساد الكبرى، وأوكل مهام تنفيذ أوامر الاعتقالات إلى قوة خاصة برئاسة الوزراء.
كما تم تجميد أرصدة وحجز ممتلكات 9 مسؤولين بينهم صهر المالكي على خلفية عدم تسديد ديون مستحقة للدولة، في خطوة اعتبر مراقبون أنها بداية لمعركة واسعة مع الفساد، لكن بعد ذلك ظلت خطوات مواجهة الفاسدين بطيئة بسبب نفوذ الميليشيات الموالية لإيران.
ورد المالكي بأن اعتبر لجنة مكافحة الفساد التي شكلها الكاظمي “مخالفة للدستور”. وقال إنه ينبغي عليه “دعم المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد” بدل الإعلان عن لجنة جديدة.
وكانت محاربة الفساد على رأس مطالب احتجاجات عارمة شهدها العراق على مدى عام كامل بدءا من أكتوبر 2019 عندما تورطت حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي بالشراكة مع ميليشيات عراقية تابعة لإيران في قتل المئات من المتظاهرين وإصابة آلاف آخرين في سبيل حماية نظام الأحزاب الدينية الفاسدة في البلاد.
والعراق من بين أكثر دول العالم التي تشهد فسادا وفق مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية.
وفي الـ23 من مايو الماضي قال الرئيس العراقي برهم صالح في كلمة متلفزة إن 150 مليار دولار هُرّبت من صفقات الفساد إلى الخارج منذ عام 2003.
وتوعد الكاظمي بالاستمرار في المعركة ضد الفساد قائلا “حتى لو جرى التهديد بإسقاط الحكومة فلن نتوقف عن إجراءات مكافحة الفساد ومستعدون للتضحية بكل شيء”.
وأجرت حكومة الكاظمي منذ تشكيلها تغييرات إدارية واسعة النطاق في مؤسسات الدولة بما فيها أجهزة الأمن وقوات الجيش، في مسعى لإبعاد المسؤولين غير الأكفاء أو المشتبه بتورطهم في الفساد.
وتعهد الكاظمي خلال تشكيل حكومته بمحاربة الفساد المستشري على نطاق واسع في مفاصل الدولة، الأمر الذي جعله يتعرض إلى حملة شرسة من أحزاب وتكتلات نافذة مدعومة من إيران.
ومثّل الفساد سببا رئيسيا في فشل الحكومات العراقية المتعاقبة في تحسين الخدمات العامة الأساسية من قبيل التعليم والكهرباء ومياه الشرب وقطاع الصحة وغيرها.
ويواجه العراق انتشارا كبيرا للفساد حيث أكدت لجنة النزاهة النيابية في يناير الماضي أن حجم الأموال المهربة خارج العراق تقدر بـ350 تريليون دينار (239.7 مليار دولار) وهو رقم يفوق موازنة البلاد لأكثر من عامين، مشددة على وجود ضغوط سياسية لعرقلة مكافحة الفساد.
وقال عضو اللجنة طه الدفاعي إن “الأموال التي تم تهريبها خارج العراق خلال الأعوام الماضية بحدود 350 تريليون دينار وجميعها من خلال إيصالات وهمية”.
وأضاف أن الكثير من العمولات دفعت إلى بعض المسؤولين لغرض تسهيل عمليات التهريب.
وفي وقت سابق من العام الماضي قدّر العضو السابق باللجنة المالية في البرلمان رحيم الدراجي قيمة الأموال المنهوبة في العراق بنحو 450 مليار دولار.
ولا تقف خطط الكاظمي عند محاربة الفساد وإن كانت مهمة صعبة بالنسبة إلى حكومة دون حزام سياسي واضح.
ويراهن الكاظمي على الانتخابات المقررة في أكتوبر القادم من أجل صعود كتلة داعمة له من النواب غير المرتبطين بأجندات طائفية.
وقال رئيس الوزراء العراقي في مقابلته الخميس”لا نريد مجاملة أيّ طرف وقرّرنا احتواء الجميع وإطفاء النيران لتوفير بيئة أمنية للانتخابات المقبلة، لأن الانتخابات مطلب الشعب والمرجعية والقوى الشعبية والأحزاب”.
وأضاف “علينا تحقيق مطالب المتظاهرين وإجراء الانتخابات لأن مظاهرات أكتوبر 2019 قدمت 600 شهيد والآلاف من الجرحى حالة عدد منهم خطرة. واخترنا تحقيق مطالب المتظاهرين والمرجعية والقوى السياسية والتركيز على الانتخابات البرلمانية”.
وجدّد التزامه بعدم خوض الانتخابات كمرشح، موضحا “هو قرار متخذ منذ أول لحظة لتولي المنصب وليس لديّ أيّ حزب، وأنا أدعم جميع الأحزاب بالتساوي ولا أفرّق بين حزب وآخر”.
العرب