بغداد – يكتفي المسؤولون العراقيون في تعاملهم مع انهيار منظومة الكهرباء التي عرفت الجمعة انقطاعا تاما في مختلف المحافظات عدا إقليم كردستان بالبحث عن كبش فداء لتحميله المسؤولية من ذلك أن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي وجّه بإقالة مدير عام الشركة العامة لنقل الطاقة الكهربائية في الفرات الأوسط، فيما حمّل سياسيون آخرون العاملين بالقطاع مسؤولية الأزمة.
وفي طقس وصلت درجة الحرارة فيه إلى 52 درجة مئوية، يلجأ المسؤولون إلى تفسيرات تقنية مبسطة لتعليل الانقطاعات المتكررة في التزود بالكهرباء، أو يحيلون إلى أزمة التمويل التي تعيق تسديد ديون إيران التي تحظى بامتياز التحكم في هذا الخدمة الحيوية.
ويعيش العراق حاليا صيفا لاهبا أكثر من أيّ عام، ولم تجدد وزارة الكهرباء وحداتها وبينها شبكة توزيع الطاقة ما يعني ضياع 40 في المئة من الإنتاج.
ولم تتمكن وزارة النفط رغم محاولاتها المتواصلة، من استثمار الغاز الطبيعي المرافق لعمليات الاستخراج والذي يحترق من خلال مشاعل على مدار الساعة، لتحويله إلى وقود لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية.
وبات نقص الكهرباء موضوعا رئيسيا على شبكات التواصل الاجتماعي في العراق. وكتب الباحث سجاد جهاد في تغريدة أن وزارة “الكهرباء تقول إن السبب النفط والنفط تقول المالية والمالية تقول إيران وإيران تقول الحكومة العراقية والحكومة تقول الشعب والشعب يقول السياسيين والسياسيون يقولون هذا ما هو موجود”.
وكثيرا ما مثّلت أزمة الكهرباء المُزمنة في العراق وعجز حكوماته المتعاقبة منذ أكثر من عقد ونصف العقد من الزمن عن تجاوزها، رغم أنّ البلد من كبار منتجي النفط ومصدّريه في العالم، نموذجا عن الفشل في إدارة موارد الدولة وتجييرها لخدمة المجتمع وتلبية حاجاته الأساسية، وانعكاسا لمدى تغلغل الفساد في مؤسسات الدولة.
وأواخر العام الماضي توصلت لجنة تحقيق شكلها البرلمان إلى إنفاق 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ عام 2005، دون تحسن يذكر في الخدمة.
وأوقفت طهران التي تدين لها بغداد بستة مليارات دولار مقابل تصدير كهرباء وغاز إلى العراق عن تصدير الغاز الذي يعتمد عليه العراق لتشغيل محطاته الكهربائية.
كما لم يستطع العراق دفع ديونه لإيران بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على طهران وبسبب وضعه الاقتصادي الناتج من تراجع معدلات تصدير النفط الذي يمثل المورد الرئيسي لميزانية البلاد بسبب تداعيات انتشار كوفيد – 19.
زهرة البجاري: وزارة الكهرباء لم تضع خطة استراتيجية لتحسين الطاقة
إلى ذلك، تعاني السلطات من صعوبة جباية فواتير الكهرباء التي لا يدفعها إلا عدد قليل جداً من العراقيين، ناهيك عن تجاوزات في أغلب مدن البلاد من عامة الناس وحتى من المسؤولين.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء أحمد العبادي إنَّ “الوزارة تتحرك حاليا لاستحصال الديون التي بذمة المؤسسات الحكومية بعد أن تجاوزت ثلاثة تريليونات دينار، خصوصا الدوائر المستثناة من القطع كدوائر الصرف الصحي والمستشفيات”.
ومع كل صيف يبدأ المسؤولون العراقيون بالبحث عن حلول حينية لأزمة الكهرباء في الوقت الذي يفترض فيه أن تقدم الحكومة خطة استراتيجية تقوم على تعبئة الإمكانيات الذاتية وتنويع مصادر الاستيراد حتى لا تظل رهينة لضغوط المورّد الوحيد إيران.
وأعلن رئيس الوزراء الجمعة عن اتخاذ العديد من القرارات والتي وصفت بالهامة لمعالجة الأزمة الحالية كان أبرزها “تشكيل خلية أزمة لمواجهة النقص في ساعات تجهيز الكهرباء في بغداد والمحافظات”، في خطوة بدا أن الهدف منها محاولة امتصاص الغضب الشعبي.
وأرجعت عضو لجنة الطاقة النيابية زهرة البجاري مشكلة الكهرباء إلى العديد من الأمور بينها الاعتماد على الغاز المستورد من الجانب الإيراني واهمال المصافي واستهداف أبراج الطاقة وعدم استثمار المصادر الداخلية والاعتماد عليها.
وانتقدت البجاري وزارة الكهرباء لعدم وضعها خطة استراتيجية حقيقية تعمل على تحسين الطاقة، مع عدم وجود تنسيق وتعاون بين وزارتي الكهرباء والنفط بخصوص تزويد المحطات الكهربائية بالوقود.
ودعا عضو مجلس النواب رعد الدهلكي الحكومة ومجلس النواب إلى تشكيل خلية أزمة مشتركة لمعالجة مشكلة الكهرباء أمنيا واقتصاديا وسياسيا.
العرب