ثغرات اتفاق الرياض تفتح باب تدويل الخلاف بين الانتقالي وحكومة هادي

ثغرات اتفاق الرياض تفتح باب تدويل الخلاف بين الانتقالي وحكومة هادي

عدن – أعاد بيان صادر عن الفريق الحكومي لمتابعة تنفيذ “اتفاق الرياض” أجواء التوتر بين المجلس الانتقالي الجنوبي وأطراف في الشرعية اليمنية إلى واجهة المشهد السياسي اليمني، في ظل مؤشرات على تدويل ملف الخلاف بين الطرفين وغياب آليات دقيقة في الاتفاق تلزم الطرفين بتنفيذ تفاصيله.

وعبّر البيان الذي نشره الموقع الرسمي لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية الثلاثاء عن “أسفه لتراجع الانتقالي بشأن إيقاف إجراءات التصعيد وتأمين الحكومة ومقراتها”.

وترجح مصادر سياسية يمنية مطلعة ذهاب ملف الصراع بين الانتقالي الجنوبي والشرعية باتجاه التدويل في ظل المواقف التي أطلقتها دول دائمة العضوية في مجلس الأمن حول الاتفاق والتلويح بفرض عقوبات على الأطراف اليمنية التي تسعى لتأجيج الصراع وإفشال الاتفاق الذي كان يفترض أن يطوي مرحلة صراع سياسي وعسكري بين الشرعية والانتقالي الجنوبي.

كما تفيد الرسالة التي بعثها المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مجلس الأمن مباشرة باستعداد الانتقالي للتعامل مع المعطيات الجديدة المتعلقة بمؤشرات التدويل وما يترتب عليها من أعباء سياسية.

وامتدت الجهود التي قام بها المبعوثان الأممي السابق مارتن غريفيث والأميركي تيم ليندركينغ إلى اليمن لتشمل دعوة الأطراف الموقعة على اتفاق الرياض إلى المضي قدما في تنفيذه بعد أن ظلت كل تحركات المبعوثين تتركز حول إنجاح خطة وقف إطلاق النار بين الحكومة اليمنية والحوثيين.

ودعا ليندركينغ الثلاثاء إلى “وقف التصعيد في مأرب وتنفيذ اتفاق الرياض لضمان عودة الحكومة إلى عدن وتحسين حياة اليمنيين”، في إشارة واضحة إلى أن الأزمة بين الانتقالي وحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي باتت تلعب دورا معرقلا مثلها مثل الدور الحوثي.

ويقول مراقبون إن بحث طرفي الصراع عن حل خارج اتفاق الرياض يثبت أن المشكلة في الاتفاق نفسه الذي يتعامل معه الطرفان على أنه لن ينفذ أبدا، وكل جهة تؤوّله بما يخدم رؤيتها ومصلحتها حتى بات يوصف لدى أوساط يمنية بأنه تغطية على عدم التوافق.

وشدد البيان الحكومي على الالتزام “بالتفاهمات التي تم الاتفاق بشأنها مع فريق المجلس الانتقالي” برعاية سعودية، والتي تضمنت “وقف كافة أشكال التصعيد العسكري والأمني والسياسي والإعلامي والمتطلبات الأساسية لعودة الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن لممارسة مهامها بحرية واستقلالية”.

وشهدت الأيام القليلة الماضية حالة من التوتر السياسي في أعقاب شروع محافظ عدن أحمد حامد لملس المنتمي إلى المجلس الانتقالي في إصدار حزمة من القرارات تشمل تعيين مسؤولين في عدد من القطاعات الخدمية والاقتصادية في العاصمة المؤقتة عدن، ردا على ما دأب المجلس على وصفه بسياسة العقاب الجماعي التي تمارس من قبل بعض أطراف الشرعية على سكان المناطق الجنوبية المحررة، للضغط على المجلس إعلاميا وشعبيا وتحميله مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي الذي فاقم معاناة السكان المعيشية.

وسربت مواقع إعلامية مقربة من الحكومة اليمنية مذكرات حكومية صادرة عن رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك إلى محافظ عدن تطالبه بإبطال القرارات الصادرة في الفترة الماضية باعتبارها قرارات غير دستورية، في الوقت الذي يؤكد فيه المجلس على عدم التزام الشرعية باتفاق الرياض من خلال إصدار قرارات تعيين مدنية وعسكرية مخالفة لاتفاق الرياض.

وقال الناطق الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي علي الكثيري إن البيان لا يمثل الحكومة التي قال إن المجلس يشارك فيها، ولكنه صادر عن “طرف في الشرعية”. وأضاف الكثيري، في تصريح لـ”العرب”، “المجلس الانتقالي جزء من الحكومة، لذلك لا نعتبرها طرفا، وتعليقنا على هذا البيان المنسوب إلى الحكومة تضمنته رسالة محمد الغيثي رئيس الإدارة العامة للشؤون الخارجية بالمجلس الانتقالي الجنوبي التي وجهها إلى رئيس مجلس الأمن وسفراء الدول الراعية”.

وجاءت رسالة الغيثي التي بعثها إلى نيكولا دي ريفيير، ممثل فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، وممثلي الدول الأعضاء بالمجلس وسفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن ردا على تصريحات أميركية وفرنسية وبريطانية تحذر من التصعيد في جنوب اليمن ومحاولة تأجيج التوترات السياسية على خلفية تعثر تنفيذ اتفاق الرياض.

ودافعت الرسالة عن موقف المجلس إزاء تنفيذ الاتفاق منذ التوقيع عليه في نوفمبر 2019، وعن اتخاذه “خطوات جادّة للوفاء بالالتزامات الواردة في الاتفاق”، واعتبرت أنه “حافظ على نهج بنّاء وإيجابي تجاه تنفيذ آلية تسريع الاتفاق (…) بما فيها تسهيل عودة حكومة المناصفة ودعمها”.

ونفى نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح وجود أي تصعيد من جهة المجلس، مشيرا إلى أن “الواقع يؤكد أنه لا توجد رغبة سياسية في عودة الحكومة، بل هناك رغبة وتوجه للمزيد من التعطيل والتنصل من الالتزامات وإلحاق الأذى بالمواطن تنفيذا لأجندة سياسية”.

واعتبر صالح في تصريح لـ”العرب” أن قرارات محافظ عدن تندرج ضمن صلاحياته، كما أنها تأتي “إنقاذا لمؤسسات الدولة التي تتعرض للتدمير الممنهج منذ ست سنوات وتصب في اتجاه إنقاذ المواطن وتقديم الخدمات له”.

وتساءل مستغربًا “لماذا تتذكر الحكومة اختصاصاتها وصلاحياتها حين يكون الأمر متعلقا بعدن وبتقديم الخدمات لأهلها، في حين تغمض عينيها إزاء القرارات ذاتها والمرافق نفسها والمؤسسات في شبوة ومأرب وتعز التي يتم فيها تمكين الإخوان من مؤسسات الدولة وتعيين عناصر تتبعهم دون مؤهلات؟”.

وحمّل الباحث السياسي ومدير المرصد الإعلامي في وزارة الإعلام اليمنية رماح الجبري المجلسَ الانتقالي مسؤولية التصعيد المتواصل، معتبرا أنه “مخاطرة كبيرة تضع مستقبل الانتقالي على المحك كونه يضع نفسه في مواجهة الإقليم والمجتمع الدولي، إضافة إلى ما يحمله هذا التصعيد من تعنت ورفض للنداءات السعودية التي تطالب بتنفيذ ما تبقى من اتفاق الرياض”.

ولفت الجبري في تصريح لـ”العرب” إلى أن “تصريح القائمة بأعمال السفير الأميركي لدى اليمن كاثرين ويستلي التي قالت إن تصرفات الانتقالي تعرضه للرد الدولي ومن ثم تصريحات سفيري فرنسا وبريطانيا التي طالبت بوقف التصعيد وتنفيذ اتفاق الرياض تؤكد أن مطالبة الانتقالي بالانفصال محال تحقيقها وأن لا رغبة دولية في دعم الانفصال”.

وقال الجبري إن “المجلس الانتقالي يبحث عن الاعتراف الدولي فيما تصرفاته حاليا تستفز المجتمع الدولي ويقدم نفسه كمجموعات مسلحة وورقة سياسية تُستخدم للمناورة”.

وأضاف “المعطيات السياسية تؤكد أنه ليس أمام المجلس الانتقالي من خيار إلا تنفيذ التزاماته التي وقع عليها ضمن بنود اتفاق الرياض أو التعرض للرد الدولي الذي قد يصل إلى فرض عقوبات متنوعة”.

العرب