ابراهيم رئيسي وشرعية النظام الإيراني.

ابراهيم رئيسي وشرعية النظام الإيراني.

يسعى النظام الايراني الى وضع أليات جديدة واستحداث هيئات مستقلة تساهم في تعزيز البنية السياسية للنظام الحاكم وتوسيع صلاحيات الرئاسة القادمة وتهيئة أرضية تساهم في ارساء دعائم الاستراتيجية السياسية والأمنية والاقتصادية التي ستكون أحدى الدعامات الرئيسية في تمكين الرئيس القادم (ابراهيم رئيسي) من تنفيذ رؤيته وأهدافه التي أعلن عنها في مؤتمره الانتخابي بتاريخ 27 أيار 2021 ، كما تعمل الأدوات الحاكمة من تيار المحافظين وقيادات الحرس الثوري الايراني على ايجاد المناخ المناسب لتعزيز قدرة الرئيس الجديد على ادارة دفة الحكم وتسير أمور الدولة الايرانية وفق المنهج السياسي الذي يتلائم وتوجهات المرشد الأعلى علي خامنئي ولهذا فقد عملت هذه القيادات السياسية والعسكرية على تشكيل لجنة جديدة بإسم ( لجنة تطبيق النص النهائي للإتفاق المحتمل ) والمقصود به النتائج التي ستخرج بها الحوارات القادمة في جولتها السابعة في العاصمة النمساوية (فيينا) ولم يقرر موعدها لحد الأن والهدف الأساسي من اللجنة هي هيمنة الحكومة الايرانية القادمة على الحوارات وصيغة القرارات والاتفاقيات المتداولة في المستقبل القريب .

تتألف اللجنة من ثلاثة أعضاء رئيسين هم :

1.علي حسيني -المساعد الاستراتيجي للمجلس الأعلى للأمن القومي الايراني .

2.علي باقري -المساعد السابق لأمانة المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني .

وهذان العضوان يمثلان الرئيس ابراهيم رئيسي ويرتبطان بعلاقة وثيقة معه .

3.أعضاء من (البرلمان الايراني والحكومة الحالية ومجلس الأمن القومي ) .

تعمل هذه اللجنة على مراجعة التوجيهات والحوارات التي جرت في منذ نيسان 2021 ولحد الأن ولم تثمر عن أي نتائج ايجابية والتأكيد على ثوابت الشروط الايرانية في رفع شامل للعقوبات الاقتصادية وحماية حقوق الدولة الايرانية وتقديم التعويضات المالية نتيجة الأضرار التي لحقت بالمنظومة الاقتصادية مع الأخذ بالاعتبار الأسس الأمنية والسياسية التي تتعلق بتوجيهات علي خامنئي وتبني قرارات البرلمان الايراني في عدم السماح بمناقشة برنامج الصواريخ الباليستية والنفوذ السياسي الايراني في الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط كونه يشكل أحد ثوابت الأمن القومي للبلاد وجميع أعمال هذه اللجنة تجري ضمن تعليمات المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني .

جاءت أعمال الجنة ضمن اطار واضح يحدد المعالم القادمة لإدارة الحوارات في جولتها السابعة ولكي يكون للحكومة القادمة الدور البارز في ادارتها وتحقيق الغايات الأساسية التي تسعف بقاء النظام وايجاد الحلول المناسبة لإخراجه من الأزمات الداخلية التي يعاني منها وهو ما يسعى اليه خامنئي والذي تحدث به يوم الجمعة الموافق 23 تموز 2021 ومنها  الأحداث التي سادت منطقة الأحواز العربية والمناطق المجاورة لها ولكي يجعل للرئيس القادم دورا أساسيا في تحديد الملامح القادمة للحوار والاتفاق النهائي على صيغة تكفل تعزيز الدور الايراني والعودة الى التأثير الدولي والاقليمي للنظام عبر التوقيع على بنود اتفاق جديد للبرنامج النووي الايراني ورسم الدور القيادي للرئيس (ابراهيم رئيسي) في تنفيذ توجهاته التي تحدث بها قبل الانتخابات الرئاسية بدعوته الى أن يجعل المفاوضات القادمة بين مجموعة (4+1) والولايات المتحدة الأمريكية شاملة وداعمة للشروط الايرانية مع التزام اللجنة المختصة بالتمسك بتوجيه المرشد الأعلى علي خامنئي الذي أعلنه يوم 7شباط 2021 بقوله( اذا أرادوا أن تعود ايران الى التزاماتها في اطار الاتفاق النووي يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن ترفع العقوبات كليا وليس بالكلمات أو على الورق بل عمليا ) وهذا الموقف تكرر عدة مرات أثناء الحوارات عبر الجولات السادسة الماضية .

وهنا تتأتى الخشية أن تعود جولات الحوار التي بدأت في نيسان 2021 الى مراحلها الأولية وأن تعمل الحكومة الايرانية القادمة الى اظهار سياسة التعنت والضغط  التي يتمسك بها التيار المحافظ المدعوم من القيادات الايرانية القريبة من خامنئي وبعض القيادات العسكرية والأمنية في الحرس الثوري وهذا ما يؤثر على موقف الحلفاء الأوربين وقد يؤدي الى بعض المواقف الميدانية التي لا تروق للنظام الايراني ومنها ماجاء على لسان الناطق الرسمي بأسم الخارجية الألمانية (فيتز برويل) بأن ايران طلبت وقتا للتشاور داخليا قبل استئناف الجولة القادمة ،وهذا يوضح حقيقة الموقف الايراني الذي لا يعي الموقف الدولي وفهم المعادلة الدولية والاقليمية في رفع العقوبات الاقتصادية الا بالموافقة الايرانية على المبادئ الرئيسية التي تناولتها المفاوضات وجولات الحوار والثوابت الأساسية في الحد من توجهات النظام الايراني وايقاف الدعم والاسناد الذي يقدمه للمليشيات المسلحة التي لا زالت تمارس ضغوطها الميدانية على الادارة الأمريكية باستهداف مصالحها ومواقعها العسكرية والأمنية في العراق ومستخدمة الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة في تنفيذ عملياتها التعرضية وعدم التصعيد والتهديد برفع سقف تخصيب معدن اليورانيوم كما تحدث به الرئيس حسن روحاني مهددا برفع سقف التخصيب الى 60% مما أدى الى قيام الادارة الأمريكية في 8 تموز 2021 بفرض عقوبات اقتصادية على (ثمان) شركات أمريكية أرسلت معدات للمساعدة في تطوير البرنامج العسكري الايراني .

أرسلت الادارة الأمريكية عدة رسائل الى المفاوضين الايرانيين عبر الحلفاء الأوربين بأنها جادة في فرض عقوبات أقتثصادية قادمة وتفعيل العقوبات بصورة أوسع وأعمق اذا لم يستجيب النظام للشروط الأمريكية ، وهي الرسائل التي تتماشى مع الرغبة الأوربية في عدم استخدام مبدأ المواجهة والتصعيد العسكري والإكتفاء بالتهديد الاقتصادي ، وأصبحت (لجنة تطبيق النص النهائي للإتفاق المحتمل ) أمام حقائق ميدانية وتوجهات أمريكية  لكيفية التعامل مع الملفات المتداولة في جولات الحوار وقناعات أوربية تسعى لإحتواء الخلافات بين طهران وواشنطن ، وعلى اللجنة أن تدرك أن الوقت يمضي سريعا والأوضاع الايرانية الداخلية تزداد سوءا بعد التدهور الحاصل في المنظومة الاقتصادية وضعف الاجراءات المتخذة لمعالجتها وتوسع الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية وتصاعد حدة الأصابات بجائحة كورونا وبوادر الانهيار في قطاع الصحة والخدمات العلاجية وانخفاض مستمر للعملة الوطنية الايرانية ، وأن عليها أن تحدد مسارات جديدة ورؤية واضحة وقرارات جدية للتوصل لإتفاق نهائي ينهي معاناة النظام الايراني ويساهم في الحفاظ على شرعيته واستمراره .

وحدة الدراسات الايرانية