العراق يتمسك بإجراء الانتخابات في موعدها رغم التوتر الأمني

العراق يتمسك بإجراء الانتخابات في موعدها رغم التوتر الأمني

الهجمات المتصاعدة سواء تلك التي تنفذها الميليشيات الشيعية الموالية لإيران أو تنظيم داعش لا تثني العراق عن التشبث بإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر في العاشر من أكتوبر المقبل حيث تعهد كل من الرئيس برهم صالح ووزير الخارجية فؤاد حسين بتنظيم الاستحقاق المذكور في موعده بالتزامن مع تزايد الهجمات والتي كان آخرها هجوما شهده شمال بغداد ليل الجمعة وأودى بحياة سبعة أشخاص.

بغداد – يعكس تأكيد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مساء الجمعة أن العراق ماضية في إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر في العاشر من أكتوبر المقبل تشبثا من بغداد لتنظيم الاستحقاق المذكور رغم التوتر الأمني المتصاعد.

وجاء ذلك خلال لقاء جمع بين حسين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك ورئيس فريق الدعم الانتخابي في دائرة الشؤون السياسيَّة وبناء السلام في الأمانة العامة للأمم المتحدة كريغ جينيس، حسب بيان للخارجية العراقية.

وقال حسين إن الحكومة العراقية تتطلع إلى رؤية فريق أممي لمُراقبة سير الانتخابات البرلمانية في جميع المحافظات العراقيَّة لتعزيز الثقة العامة بالعملية الانتخابية.

وذكر وزير الخارجية أن الحكومة دعت عددا كبيرا من الدول والمنظمات الإقليميّة لغرض إرسال فرق لمُراقبة سير الانتخابات المقبلة وأنّ الحكومة تبذل جُهُودا كبيرة لتأمين الانتخابات.

وأكد أن الحكومة تعمل على توفير كل المتطلبات والأجواء الآمنة لإجراء انتخابات نزيهة تلبّي المعايير الدوليّة، وأن الوضع الأمنيّ في العراق أفضل بكثير ممّا كان عليه قبل عدة سنوات في ظل الجُهُود الكبيرة التي تبذلها الأجهزة الأمنيّة لمُكافحة الإرهاب.

من جانبه قال كريغ جينيس رئيس فريق الدعم الانتخابي إن فريق الدعم الانتخابي نجح في تأمين التمويل الضروري لممارسة فريق الأمم المتحدة المعني بالمُراقبة الانتخابية في العراق من خلال المنح التي قدمتها بعض الدول ومن بينها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وهولندا والدنمارك.

وأضاف أن الأمم المتحدة ستوظف 150 خبيرا أمميا لتعزيز جُهُود الدعم الانتخابي المقدمة إلى العراق، وهم يعملون كفريق تحضيري لعملية المُراقبة، وسيتم توزيعهم على أربعة مراكز رئيسة في العراق، كما سيتم إرسال 100 خبير أممي في منتصف سبتمبر المقبل ستكون مهمتهم الرئيسة مُراقبة الانتخابات.

وبحسب البيان تم خلال اللقاء استعراض جُهُود الأمم المتحدة التي تتوزع على محورين في مجال الدعم الانتخابي والمُساعدة الفنية والمُراقبة الانتخابية، لتكون البعثة الأممية للمساعدة الانتخابية في العراق هي الأكبر للأمم المتحدة.

كما جرى بحث التحضيرات اللازمة لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد.

ويأتي ذلك في وقت يتصاعد فيه التوتر الأمني الذي يبدو أنه لا يثني السلطات العراقية على المضي قدما في تنظيم الانتخابات حيث كثف تنظيم داعش من هجماته، فيما لا تكاد تتوقف الميليشيات الشيعية الموالية لإيران على مهاجمة القوات الأميركية.

وتعهد الرئيس العراقي برهم صالح السبت بإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها مشددا في لقاء مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على أن “”توفير مستلزمات إجراء الانتخابات بمعايير النزاهة والعدالة في مختلف مراحلها، بما يحقق الإرادة الحقيقية للناخبين في اختيار ممثليهم بعيدا عن التزوير والتلاعب”.

ويأتي ذلك بالرغم من لجوء العديد من التيارات السياسية إلى مقاطعة الانتخابات ما أثار مخاوف من احتمال تأجيلها خاصة في ظل الظروف الأمنية المعقدة.

ومن أبرز هذه الأطياف السياسية التيار الصدري الذي خرج زعميه الشيعي المعروف بمواقفه المتقلّبة وقراراته المزاجية مقتدى الصدر بقرار مفاجئ بمقاطعة الانتخابات وعدم دعم الحكومة التي ستنبثق عنها دون أن يوضّح أسباب ذلك القرار.

وجاء ذلك في أوج استعدادات التيار لخوض السباق الانتخابي بهدف واضح وهو السيطرة على البرلمان المقبل المؤلف من 329 نائبا وكذلك تشكيل الحكومة العراقية.

وإلى جانب التيار الصدري يقاطع هذا الاستحقاق تحالف “المنبر العراقي” (علماني)، والذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي، وكذلك تحالف البيت الوطني وهو يمثل الحراك الشعبي الذي انطلق في العام 2019.

كما تقاطع العديد من الأحزاب الاستحقاق المذكور الذي يُشارك فيه 257 حزبا و41 تحالفا انتخابيا.

ورغم اتساع دائرة المقاطعين لهذه الانتخابات إلا أن ما كان يشغل المتابعين للشأن السياسي في العراق هو غياب ظروف أمنية ملائمة لإجرائه على وقع تصاعد الهجمات سواء لتنظيم داعش أو للميليشيات الشيعية.

وقُتل سبعة أشخاص، بينهم عنصران أمنيان، وأصيب 11 بجروح في هجوم مسلح ليل الجمعة على خيمة عزاء في منطقة يثرب في محافظة صلاح الدين الواقعة شمال بغداد، في هجوم نُسب إلى تنظيم داعش، كما أفاد مصدر أمني.

وقال المصدر إن الهجوم نفذّه ثلاثة أشخاص على الأقلّ على خيمة عزاء لشاب توفي غرقاً قبل يومين وهو قريب قاضٍ في محكمة التمييز الاتحادية.

وروى لؤي سلمان علي، قريب الضحايا والذي وقع الهجوم في منزله لفرانس برس أنه نحو “الساعة التاسعة ليلاً وقع الهجوم علينا أثناء العزاء. كان إطلاق النار قوياً فقام أولاد عمي لرؤية ما حصل وانضمّ إليهم عناصر من الشرطة أمام المنزل لصدّ الهجوم. وهنا تمّ إطلاق النار عليهم وقتلوا”.

وغداة الهجوم، قام وفد أمني ترأسه نائب قائد العمليات المشتركة بزيارة موقع الحادث السبت “للإشراف على التحقيق ومعرفة مجريات الحادث”، كما قال المتحدّث باسم قيادة العمليات المشتركة تحسين الخفاجي لفرانس برس من المكان.

ووصف الهجوم بـ”الاعتداء الأثيم من قبل تنظيمات إرهابية.. أدى إلى استشهاد عدد من المواطنين وإصابة عدد منهم”.

وأكّدت السلطات في بيان لخلية الإعلام الأمني التابعة لوزارة الداخلية الهجوم الذي وصفته بـ”الاعتداء الإرهابي” دون أن تعلن عن عدد الضحايا.

وترجّح السلطات الأمنية أن يكون تنظيم داعش خلف هذا النوع من الهجمات التي تكررت في الآونة الأخيرة في المنطقة، على الرغم من أنها منطقة مؤمّنة وتحيط بها قواعد عسكرية عراقية وقواعد للحشد الشعبي، وهو تحالف يجمع فصائل شيعية أدمجت مع القوات الأمنية.

وهذا الهجوم هو الأكثر دموية منذ نحو خمسة أشهر، ففي الثالث عشر من مارس الماضي قتل ثمانية عراقيين على أيدي جهاديين اتهموهم بـ”التجسس” لصالح الحشد الشعبي، في منطقة قريبة في محافظة صلاح الدين مترامية الأطراف والتي تحاذي خمس محافظات عراقية.

وأعلن العراق أواخر العام 2017 انتصاره على تنظيم داعش بعد طرد الجهاديين من كل المدن الرئيسية التي سيطروا عليها في العام 2014. وتراجعت مذاك هجمات التنظيم في المدن بشكل كبير، لكن القوات العراقية لا تزال تلاحق خلايا نائمة في مناطق جبلية وصحراوية.

وتمكّن التنظيم في يوليو من شنّ هجوم انتحاري في العاصمة بغداد عشية عيد الأضحى، قتل فيه 30 شخصاً وأصيب نحو 50 بجروح، غالبيتهم من الأطفال.

ويهاجم جهاديون أحياناً عسكريين أو مدنيين، لاسيما خلال الليل وفي المناطق النائية.

العرب