تجاوزت أسعار الغاز والعقود الآجلة في السوق الأوروبية 500 دولار لكل ألف متر مكعب، لتحطّم بذلك الرقم القياسي. وقد حققت أسعار التوصيل الفوري في هولندا أعلى مستوى لها على الإطلاق يوم 29 يوليو/تموز الماضي بعد أن وصل سعر ألف متر مكعب إلى 507 دولارات.
وفي تقريرها الذي نشرته صحيفة “إكسبرت” (expert) الروسية، قالت آنا كوروليفا إن الأسعار في صباح يوم 30 يوليو/تموز الماضي انخفضت بنسبة 2.05% لتستقر عند 501.22 دولارً لألف متر مكعب، لكنها حافظت على العلامة المهمة البالغة 500 دولار.
ووفقا لتقارير صادرة عن مجموعة “آر بي سي” (RBC)، وصلت أسعار العقود الآجلة إلى أعلى مستوياتها التاريخية بعد ارتفاع العقود الآجلة لشهر أغسطس/آب يوم 28 يوليو/تموز السابق بنسبة 5.3% ليبلغ سعر ألف متر مكعب من الغاز 491 دولارًا.
لعبت عوامل عدة، بما في ذلك الظروف الجوية في آسيا، دورا كبيرا في التغيرات التي شهدتها أسعار الغاز. ويتم إرسال جميع شحنات الغاز المتاحة إلى هذه المنطقة في ظل استمرار نمو الطلب الراجع إلى تزايد الطلب على الكهرباء لتكييف الهواء مع ارتفاع درجات الحرارة.
إلى جانب ذلك، يعتبر الانخفاض المحتمل في إمدادات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي عبر أوكرانيا أحد العوامل التي أحدثت قفزة في سعر الغاز، حيث رفضت شركة “غازبروم” (Gazprom) مرة أخرى حجز سعة عبور إضافية متوقفة عبر أوكرانيا.
وتقول تاتيانا كريلوفا نائبة الرئيس الأول ومدير فرع سانت بطرسبرغ في شركات مساهمة عامة، إن الزيادة في أسعار الغاز ترجع إلى عدة عوامل. من ناحية، تسبب الشتاء البارد والربيع في أوروبا في زيادة الاستهلاك واستنزاف الاحتياطات، ومن ناحية أخرى لم تحجز شركة غازبروم سعات عبور إضافية لنقل الغاز عبر أوكرانيا لعدة أشهر متتالية مما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
كما أجبر ارتفاع معدلات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في أوروبا المستهلكين على استبدال الفحم بالغاز لتوليد الطاقة، وهو ما أدى إلى زيادة الطلب على المواد الخام.
وترى كريلوفا أنه في ظل توجه كل الغاز الطبيعي المسال تقريبا إلى السوق الآسيوية، تظل مرافق التخزين الأوروبية فارغة تقريبا في حدود 55%، في حين ينبغي أن تتعدى هذه النسبة حوالي 80%.
ومن المتوقع استمرار الأسعار في الارتفاع في كل من آسيا وأوروبا. ولكن الأسعار تشهد بشكل عام ارتفاعا مطردا. في نهاية العام الجاري، يتوقع الخبراء أن تكون الأسعار ما بين 450 و480 دولارا لكل ألف متر مكعب في آسيا، مقابل ما بين 350 و400 دولار لكل ألف متر مكعب في أوروبا.
ونقلت الكاتبة عن مارك غويخمان، المحللة في شركة “تيلي ترايد”، أن أسباب الارتفاع الحاد في أسعار الغاز تعود إلى النمو الكبير المتزامن في الطلب مقابل انخفاض نسبي في العرض.
ولا يعزى تزايد الطلب على الغاز إلى تعافي النشاط التجاري في العالم بعد انحسار تهديد فيروس كورونا فحسب، بل أيضا إلى الظروف الجوية. وفي الوقت الحالي، يتم تطوير الحقول الأوروبية الغنية بالغاز في بحر الشمال بعد تعطل قسري في الإنتاج بسبب الوباء.
لا يستبعد الخبير إمكانية التخفيف من حدة هذه المشكلة في النصف الثاني من العام مع تراجع درجة الحرارة الشديدة بحلول الخريف وتعافي الإنتاج في المنصات الأوروبية تدريجيًا، لا سيما أن الموجة الجديدة من الوباء لم تلحق ضررا كبيرا بفضل انتهاج سياسة التطعيمات الجماعية.
في الوقت الحاضر، ترفض شركة غازبروم شراء سعات عبور إضافية لإمدادات الغاز عبر أوكرانيا بما يتجاوز التزاماتها بموجب العقود المبرمة. ولكن بحلول الخريف من المقرر الانتهاء من بناء خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” (Nord Stream 2) الذي طال أمده، مما يعني أنه لن تكون هناك حاجة لاستخدام نظام نقل الغاز في أوكرانيا، بالإضافة إلى دفع رسوم العبور.
ووفقًا لما توصل إليه غويخمان، قد يرتفع العرض في السوق الأوروبية مقابل انخفاض نسبي في ذروة الطلب. وهذا الأمر سيؤدي إلى انخفاض الأسعار الحالية.
المصدر : مواقع إلكترونية