جاء انخراط روسيا في العمليات الحربية في سورية تعبيراً عن استراتيجيتها تجاه الأزمة السورية، قضية موت أو حياة، ولعل وصف الكنيسة الروسية هذا التدخل بالحرب المقدسة يكشف عن المكنون الحقيقي لقرار موسكو وسياستها تجاه سورية، والشرق الأوسط عموماً، حيث تعتبر أنها المستهدفة الأولى من صعود الحركات الإسلامية المتطرفة في المنطقة، لأسباب وحساسيات تاريخية وجغرافية وسياسية واجتماعية.
ثمة أسباب كثيرة للتدخل الروسي، لعل في مقدمتها نجاحات المعارضة المسلحة، وسيطرتها على مناطق واسعة من الشمال السوري، أخيراً، جعلت موسكو تعتقد بإمكانية انهيار النظام، خصوصاً أنها لم تكن مرتاحة للاتفاق الأميركي – التركي، أخيراً، بشأن استخدام قاعدة أنجيرليك التركية، وربما كانت تعتقد، في العمق، أن مثل هذا الاتفاق قد يمهد لتكرار سيناريو ليبيا مع سورية، وإنْ بطريقة مختلفة، خصوصاً أنها تشعر أن واشنطن وحلف الأطلسي خدعاها في ليبيا. وتأسيساً على ما سبق، ترى موسكو أن خسارتها سورية تعني خروجها من المنطقة العربية بالكامل، وأن السيطرة على هذا البلد تعني السيطرة على الممر الأساسي للشرق الأوسط وأوراسيا وآسيا الوسطى، ما يعني حماية الداخل الروسي من التيارات الإسلامية المتطرفة، حيث تجربتها المريرة مع هذه التيارات في شمال القوقاز.
والثابت، أيضاً، أن التدخل الروسي لم يكن بعيداً عن مقاربة جديدة للسياسة الروسية تجاه واشنطن، بخصوص الأزمة السورية، تتراوح بين وجود تفاهم ضمني غير معلن بين الجانبين ووجود قناعة روسية بأن استراتيجية الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تجاه الأزمة باتت ضعيفة ومنهكة، وأن الوقت حان لتسجيل ضربة روسية في المرمى الأميركي من البوابة السورية، بعد الاشتباك بين الجانبين في أوكرانيا.
ومع أن عنوان التدخل الروسي هو محاربة إرهاب داعش، إلا أن اللافت هو استهداف المجموعات المسلحة في الداخل السوري، ما يشير، ربما، إلى أن ثمة جوانب خفية في الاستراتيجية الروسية. والسؤال الأساسي، هنا، ما هو الهدف الجوهري من هذا التدخل الروسي؟ هل هو لإنقاذ النظام السوري، أم تحقيق مدخل لتسوية سياسية، بعد أن تعثرت الأخيرة، على الرغم من عشرات المبادرات التي طرحت؟
يحتمل الجواب الأمرين، فالمؤكد أن موسكو ترى في النظام السوري حليفاً استراتيجياً لها، لا يمكن التفريط به، ولا سيما في هذه الظروف، لكن الثابت، أيضاً، أن روسيا تعرف أنها ليست اللاعبة الوحيدة على الساحة السورية، وأن اللاعبين الدوليين والإقليميين الآخرين، ولا سيما الولايات المتحدة والسعودية وتركيا وفرنسا وبريطانيا، لن يقبلوا بتلقي هزيمة مدوية بعد خمس سنوات من أزمةٍ باتت الأعقد في العالم. وعليه، يمكن فهم تصريحات بوتين أن على القيادة السورية أن تستعد لحل سياسي.
نقل التدخل العسكري الروسي الأزمة السورية إلى مرحلة جديدة، خصوصاً لجهة التعاطيين، الإقليمي والدولي، معها، ولعل نتائجه تتوقف على جملة من العوامل، منها كيفية تعاطي القوى الإقليمية المطالبة بإسقاط النظام مع هذا التدخل، وكيفية تعاطي المعارضة المسلحة على الأرض مع الوجود العسكري الروسي وانخراطه في العمليات الحربية، والأهم موقف واشنطن، وكيف ستقابل الخطوة الروسية. هل بتعاون عسكري تحت عنوان مكافحة الإرهاب، خطوةً لا بد منها للانطلاق نحو تسوية سياسية، أم باتباع استراتيجية تؤدي إلى إغراق روسيا في المستنقع السوري، على أمل تكرار تجربة أفغانستان معها من جديد؟
إذا كان مستبعداً حصول اشتباك أميركي روسي مباشر على الساحة السورية، لأسباب تتجاوز أبعاد هذه الأزمة إلى حسابات استراتيجية للبلدين، فإنه ينبغي التفكير بتسوية سياسيةٍ، تقوم على مرحلة انتقالية، على الرغم من صعوبات كثيرة تعترض التوصل إلى مثل هذه التسوية، أو التفكير بخيار إغراق روسيا في المستنقع السوري، وهو خيار يطرح أسئلةً لا عن مستقبل الوجود الروسي في سورية، بل عن مستقبل سورية نفسها.
ثمة أسباب كثيرة للتدخل الروسي، لعل في مقدمتها نجاحات المعارضة المسلحة، وسيطرتها على مناطق واسعة من الشمال السوري، أخيراً، جعلت موسكو تعتقد بإمكانية انهيار النظام، خصوصاً أنها لم تكن مرتاحة للاتفاق الأميركي – التركي، أخيراً، بشأن استخدام قاعدة أنجيرليك التركية، وربما كانت تعتقد، في العمق، أن مثل هذا الاتفاق قد يمهد لتكرار سيناريو ليبيا مع سورية، وإنْ بطريقة مختلفة، خصوصاً أنها تشعر أن واشنطن وحلف الأطلسي خدعاها في ليبيا. وتأسيساً على ما سبق، ترى موسكو أن خسارتها سورية تعني خروجها من المنطقة العربية بالكامل، وأن السيطرة على هذا البلد تعني السيطرة على الممر الأساسي للشرق الأوسط وأوراسيا وآسيا الوسطى، ما يعني حماية الداخل الروسي من التيارات الإسلامية المتطرفة، حيث تجربتها المريرة مع هذه التيارات في شمال القوقاز.
والثابت، أيضاً، أن التدخل الروسي لم يكن بعيداً عن مقاربة جديدة للسياسة الروسية تجاه واشنطن، بخصوص الأزمة السورية، تتراوح بين وجود تفاهم ضمني غير معلن بين الجانبين ووجود قناعة روسية بأن استراتيجية الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تجاه الأزمة باتت ضعيفة ومنهكة، وأن الوقت حان لتسجيل ضربة روسية في المرمى الأميركي من البوابة السورية، بعد الاشتباك بين الجانبين في أوكرانيا.
ومع أن عنوان التدخل الروسي هو محاربة إرهاب داعش، إلا أن اللافت هو استهداف المجموعات المسلحة في الداخل السوري، ما يشير، ربما، إلى أن ثمة جوانب خفية في الاستراتيجية الروسية. والسؤال الأساسي، هنا، ما هو الهدف الجوهري من هذا التدخل الروسي؟ هل هو لإنقاذ النظام السوري، أم تحقيق مدخل لتسوية سياسية، بعد أن تعثرت الأخيرة، على الرغم من عشرات المبادرات التي طرحت؟
يحتمل الجواب الأمرين، فالمؤكد أن موسكو ترى في النظام السوري حليفاً استراتيجياً لها، لا يمكن التفريط به، ولا سيما في هذه الظروف، لكن الثابت، أيضاً، أن روسيا تعرف أنها ليست اللاعبة الوحيدة على الساحة السورية، وأن اللاعبين الدوليين والإقليميين الآخرين، ولا سيما الولايات المتحدة والسعودية وتركيا وفرنسا وبريطانيا، لن يقبلوا بتلقي هزيمة مدوية بعد خمس سنوات من أزمةٍ باتت الأعقد في العالم. وعليه، يمكن فهم تصريحات بوتين أن على القيادة السورية أن تستعد لحل سياسي.
نقل التدخل العسكري الروسي الأزمة السورية إلى مرحلة جديدة، خصوصاً لجهة التعاطيين، الإقليمي والدولي، معها، ولعل نتائجه تتوقف على جملة من العوامل، منها كيفية تعاطي القوى الإقليمية المطالبة بإسقاط النظام مع هذا التدخل، وكيفية تعاطي المعارضة المسلحة على الأرض مع الوجود العسكري الروسي وانخراطه في العمليات الحربية، والأهم موقف واشنطن، وكيف ستقابل الخطوة الروسية. هل بتعاون عسكري تحت عنوان مكافحة الإرهاب، خطوةً لا بد منها للانطلاق نحو تسوية سياسية، أم باتباع استراتيجية تؤدي إلى إغراق روسيا في المستنقع السوري، على أمل تكرار تجربة أفغانستان معها من جديد؟
إذا كان مستبعداً حصول اشتباك أميركي روسي مباشر على الساحة السورية، لأسباب تتجاوز أبعاد هذه الأزمة إلى حسابات استراتيجية للبلدين، فإنه ينبغي التفكير بتسوية سياسيةٍ، تقوم على مرحلة انتقالية، على الرغم من صعوبات كثيرة تعترض التوصل إلى مثل هذه التسوية، أو التفكير بخيار إغراق روسيا في المستنقع السوري، وهو خيار يطرح أسئلةً لا عن مستقبل الوجود الروسي في سورية، بل عن مستقبل سورية نفسها.
خورشيد دلي
صحيفة العربي الجديد