أربيل تطالب بضمانات أمنية قبل انسحاب القوات القتالية الأميركية

أربيل تطالب بضمانات أمنية قبل انسحاب القوات القتالية الأميركية

كشف مسؤولان عراقيان في بغداد، أحدهما جنرال في قيادة العمليات المشتركة، لـ”العربي الجديد”، أن حكومة إقليم كردستان وعلى الرغم من ترحيبها بمخرجات جولة الحوار العراقية الأخيرة مع واشنطن، والتي تضمّنت الاتفاق على انسحاب القوات الأميركية القتالية من العراق مع نهاية العام الحالي، إلا أنها أبلغت أطرافاً عراقية وأميركية عدة خلال الأيام الماضية، بأنها تطالب بضمانات أمنية قبل إتمام الانسحاب، أبرزها تأمين حدود الإقليم بإبعاد الفصائل المسلحة التابعة لـ”الحشد الشعبي” عنها، وتولي الجيش العراقي المهمة حصراً هناك، وتعزيز قدرات قوات البشمركة في هذا الإطار.

يأتي ذلك مع ترقب وصول وفد عسكري أميركي إلى البلاد لبحث آلية تنفيذ الاتفاقات التي تمخضت عن جولة الحوار الاستراتيجي الرابعة والأخيرة بين بغداد وواشنطن، نهاية يوليو/تموز الماضي، والتي تتضمّن سحب القوات القتالية الأميركية من البلاد، وتحوّل مهمة الوجود العسكري الأميركي في العراق إلى استشاري وتدريبي فقط، بحلول 31 ديسمبر/كانون الأول المقبل. وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، صدر بيان مشترك عن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي والرئيس العراقي برهم صالح، إلى جانب قادة القوى السياسية الرئيسة في البلاد، رحبوا فيه بمخرجات الحوار الاستراتيجي مع واشنطن.

مسؤولون أكراد طالبوا حكومة الكاظمي بإنجاز تفاهمات سابقة، تتعلق بحدود الإقليم، قبيل نهاية العام الحالي

وقال جنرال عراقي في قيادة العمليات العراقية المشتركة في بغداد، طلب عدم ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”، إنّ “الجانب الكردي يطالب بضمانات أمنية قبل تنفيذ اتفاق سحب القوات القتالية”، موضحاً أنّ “مسؤولين في كردستان يضغطون لتسريع حسم ملف إبعاد الفصائل المسلحة عن حدود الإقليم، وتولي قوات الجيش مهمة الانتشار في تلك المناطق، وتحديداً محاور مخمور وزمار وسنجار وكركوك وخانقين، بسبب الهجمات الأخيرة التي استهدفت أربيل من تلك المناطق عبر طائرات مسيّرة وصواريخ”.

ولفت إلى سعي أربيل لـ”الحصول على دعم عسكري إضافي من التحالف الدولي لقوات البشمركة، تشمل أسلحة ومعدات دفاعية، لتعزيز أمن محافظات الإقليم والمناطق الحدودية المحاذية لكركوك ونينوى وديالى على وجه التحديد”، مبيناً أن “طروحات مسؤولي البشمركة في أربيل وشخصيات في حكومة نيجيرفان البارزاني، تركز منذ أيام على ورقة تمكين البشمركة وحل المشاكل المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها”.

وأكد عضو بارز في البرلمان العراقي رفض الكشف عن اسمه، تلك المعلومات، مبيناً في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، أن “أطرافاً كردية ستشارك من خلال ممثلين عنها، في مناقشة آلية الانسحاب الأميركي القتالي من العراق”. ولفت إلى أنّ “مسؤولين أكراداً طالبوا حكومة الكاظمي بإنجاز تفاهمات سابقة، تتعلق بحدود الإقليم، قبيل نهاية العام الحالي”.

السليمانية
تقارير عربية
احتدام الصراع داخل “الاتحاد الكردستاني”: استقرار السليمانية مهدّد
ويرى مراقبون ومختصون في الشأن الكردي، أنّ قاعدة حرير في أربيل التي تتواجد فيها القوات الأميركية، ستبقى محافظة على أهميتها العسكرية، بسبب ارتباطها بشكل مباشر بالقوات الأميركية الموجودة شرقي سورية، إذ تُعتبر القاعدة منطلقاً لعمليات الدعم والنقل البري والجوي للقوات الأميركية المنتشرة في نقاط عدة ضمن محافظتي الحسكة ودير الزور.

في السياق، وصف الخبير في الشأن الأمني العراقي، أحمد النعيمي، الارتباط بين قاعدة حرير والوجود الأميركي في سورية، بأنه “يجعل من القاعدة الواقعة شمالي أربيل، أكثر أهمية من قاعدة عين الأسد في الأنبار غربي البلاد”. وقال النعيمي في حديث مع “العربي الجديد”، إنّ “القيادات الكردية تحاول الحصول على مكاسب سياسية وأمنية في هذا الاتفاق، منها تعزيز ترسانة البشمركة تحت غطاء تمكينها لحماية الإقليم، وكذلك إبعاد الفصائل المسلحة عن محيطه بما لا يقل عن 20 كيلومتراً، كمدى متوقع للصواريخ”. ورأى أنّ “الحديث عن وجود تحفّظ أو مخاوف كردية من انسحاب القوات القتالية، جانب من نهج سياسي عام للإقليم لضمان استمرار الدعم الغربي له”.

برواري: حاجة العراق لوجود قوات التحالف الدولي مستمرة

من جهته، رأى عضو البرلمان العراقي، عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ديار برواري، في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ “ملف الوجود الأميركي في العراق، تحوّل إلى سياسي، بفعل ضغط قوى معينة على الحكومة، وهو ما سيضر بأمن البلاد”، معتبراً أنّ “الاستقرار الأمني غير متوفر، وحاجة العراق لوجود قوات التحالف الدولي مستمرة”. وأشار برواري إلى أنّ “قوات البشمركة المكلفة بحماية كردستان، ليست بالمستوى الذي يمكّنها من الاعتماد على نفسها بمواجهة التهديدات كافة، وهي تحتاج إلى تنسيق كامل مع التحالف الدولي، ومع الجيش العراقي. لهذا، كان لدينا تخوّف من قرار إخراج القوات القتالية من الإقليم”. وانتقد برواري “اتخاذ القرارات الأمنية بدوافع سياسية وجراء ضغوط، فالملف لم يكن ضمن أجندة الحكومة وبرنامجها السياسي، بل جاء نتيجة ضغوط تعرضت لها”، معبراً عن أسفه من أن “القرار جاء إرضاءً لقوى سياسية، وهو غير منسجم مع الواقع الأمني للبلاد”.

أما عبد الباري الزيباري، القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في مدينة السليمانية، ثاني كبرى مدن إقليم كردستان، فاعتبر أنّ “عدم وجود قوات التحالف الدولي في العراق عموماً، والإقليم خصوصاً، لن يكون جيداً في الوقت الحالي”، محذراً في تصريح لـ”العربي الجديد”، من أن “خروج القوات القتالية الأميركية فعلياً قد يجرّ البلاد إلى أزمات جديدة في مستوى الأمن، ومنها في إقليم كردستان”.

العربي الجديد