معجزة رواندا: يعجز العراق النفطي عن محاكاة اقتصادها الزراعي لتصبح من اقوى اقتصادات العالم ( ماذا حدث )

معجزة رواندا: يعجز العراق النفطي عن محاكاة اقتصادها الزراعي لتصبح من اقوى اقتصادات العالم ( ماذا حدث )

الباحثة شذى خليل*

عندما نسمع بأفريقيا، فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو الفقر والحاجة والمجاعة والحروب الأهلية لقد ترسخت في أذهاننا هذه الصور النمطية عن هذه القارة التي عاشت ويلات الاستعمار وما نتج عنه من دمار وتخريب لموارد دول هذه القارة الغنية بثروات طبيعية مهمة.
رواندا هي إحدى دول القارة الإفريقية التي لا تتمتع بواجهة بحرية، وتحدها من الشرق تنزانيا، ومن الشمال أوغندا، ومن الجنوب بوروندي، ومن الغرب جمهورية الكونغو الديمقراطية.
بدأ الاستعمار في هذه الدولة مع أواخر القرن الثامن عشر مع الألمان ليأتي بعده الاحتلال البلجيكي والذي ارتكزت سياسته على الفصل العنصري بين مكونات المجتمع الرواندي أي الهوتو والتوتسي حيث استخدم البلجيكيون التوتسي لقمع واستعباد الهوتو الذين عملوا كمزارعين لدى المحتل وهو ما أدى لتذمرهم على البلجيكيين والتوتسي أيضا جراء الأوضاع السيئة التي كانوا يعيشونها
عاشت البلد في حرب أهلية اغرقت أهلها في الموت والدمار خلال الفترة ما بين 1990 و1994، بين قبيلتي “الهوتو” و”التوتسي”، بسبب سياسة البلجيكيين عبر استغلال أغلبية الهوتو وعلى هذا الأساس بدأت في تحريضهم ضد التوتسي من خلال نشر مجموعة من الأفكار والأوصاف المسيئة للتوتسي كونهم إقطاعيين ولا يحملون أصول رواندية ومع نهاية الخمسينات اندلعت الثورة وتم الإطاحة بالتوتسي كطبقة حاكمة وخربت ممتلكاتهم وأتلفت ماشيتهم وفروا إلى المنفى لدول مجاورة، وقرابة المليون إنسان قتل في رواندا هذا غير أثارها المدمرة للاقتصاد و غياب الاستقرار السياسي ، لكن هذه الحرب و هذا النزاع ما هي إلا إحدى صور الإرث الاستعماري ، فالاستعمار في رواندا هو ما ساعد على ترسيخ الكراهية بين الهوتو و التوتسي إلى أن اندلعت تلك الحرب في رواندا و التي راح ضحيتها قرابة المليون إنسان
عاشت رواندا المعاناة بعد «الإبادة» حيث حطّمت مرافق الدولة وبنيتها الأساسية، ولم يعد هناك مستشفيات ولا كهرباء ولا مدارس أيضا، بل أصبح المعلمون أنفسهم ما بين قتيل وسجين وهارب من البلاد.
آمنت رواندا بأهمية التعليم ليقينها بأن العلم هو السلاح الذي ستواجه به التحديات والتطرف والعنصرية، فعمدت إلى تطوير منظومة تعليم حتى أضحت شديدة الصرامة فيما يتعلق بالانتماء، أن تكون رواندياً وفقط، دون أن تتفاخر باسم قبيلتك أو تنتمي إليها، وبصفة عامة أصبح التلفظ بكلمة عنصرية جريمة يعاقب عليها القانون.
لم تكن رواندا في ذلك الوقت بحاجة إلى إعادة بناء الدولة، أكثر من إعادة بناء الأطفال، نفسياً وفكرياً وعلمياً، كان لابد أن تعود المدارس لتفتح أبوابها مرة أخرى، لذا جاءت برامج مؤسسة دبي العطاء إحدى مبادرات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، مواكبة لتوجهاتها الرامية إلى بناء العقل المفكر المحاط بالرحمة وحب البشرية والرغبة في تطوير كل جوانب الحياة التي تتأثر بها .
نمو الاقتصاد
أصبحت رواندا صاحبة أحد أسرع الاقتصادات نموا في القارة السمراء منذ عام 2000، ويعتمد اقتصاد البلاد على الزراعة وتربية الحيوانات والتعدين والسياحة، ووفقا لإحصاءات المعهد الوطني للإحصاء في رواندا، حقق الاقتصاد الرواندي نموا بنسبة 5.9% عام 2016، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي 9 مليارات دولار.
ووصل حجم التجارة إلى 603.44 مليون دولار، فيما بلغت قيمة واردات البلاد في ذلك العام 439.30 مليون دولار، وقيمة الصادرات 164.14 مليون دولار، وتبلغ نسبة التجارة مع تركيا 10% من إجمالي تجارة رواندا الخارجية.
وتعد القهوة والشاي على قائمة الصادرات الرواندية خلال العام 2016، وجاء الذهب في المركز الثالث بين صادرات البلاد.

وتتفوق رواندا في نسبة النمو المسجلة 2019، على نسبة النمو المسجلة في اقتصادات مثل الصين والهند، مدفوعة بالتقدم المتسارع الذي تشهده قطاعات اقتصادية عدة.
وساهمت الزراعة بنسبة 28% في الناتج المحلي الإجمالي، بينما ساهم قطاع الخدمات بالنسبة الأعلى، عند 48% وفق أرقام المعهد الوطني للإحصاءات.
وتشير توقعات وزارة المالية في رواندا، إضافة إلى المعهد الوطني للإحصاءات في البلاد، إلى تسجيل نسبة نمو تتجاوز 8% خلال 2019، و8.2% خلال العام اللاحق 2020.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قال صندوق النقد الدولي، إن النمو الاقتصادي الرواندي مازال قويا في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تباطؤا، حيث ارتفع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 8.6% في النصف الأول 2018.
وجذبت الإصلاحات التجارية التي طبقتها الحكومة الرواندية خلال السنوات الـ 15 الماضية اهتمام العالم، كما اكتسبت إشادة البنك الدولي وغيره من المؤسسات الدولية.
وأصبح “مركز كيغالي للمؤتمرات” والفندق المجاور له بمثابة رمز لرواندا، وأنشأت شركة “صونما جروب” التركية للبناء، المركز الذي بلغت تكلفته حوالي 300 مليون دولار، ونجحت في إنهائه خلال عام واحد.
هكذا أبهرت رواندا العالم خلال السنوات القليلة الماضية عبر انطلاقة اقتصادية حولتها إلى قبلة للاستثمار في القارة الأفريقية والذي يتوقع له أن يسجل اكثر من 7.2%، بحسب المعهد الوطني للإحصاءات في رواندا.
المعجزة التي أدت إلى نهضة رواندا الاقتصادية تزامنت مع نهضة اجتماعية شملت جميع نواحي الحياة، فعلى سبيل المثال؛ حازت العاصمة كيغالي لقب أنظف عاصمة إفريقية، كما أن رواندا تعد واحدة من أكثر 10 وجهات سياحية أمانًا في العالم.
العراق
ماذا لو قارنا العراق وخيراته برواندا الزراعية هل يحتاج فعلا الى معجزة للخروج الظلام والموت والفساد وسوء الإدارة والتخلص من الطائفية والمحسوبية والولاءات المعادية للوطن كيف وعلى يد من ستصنع المعجزة، السلطة الحاكمة مشغولة بتفعيل قوانين مثل اجتثاث البعث او ما يسمى المسائلة والعدالة، متى يتجاوز من هم في السلطة بمنصب ديني او سياسي او حزبي باللعب على وتر اثارة الحقد والكراهية بين أبناء الشعب وترسيخ الفوارق .
روندا تجاوزت الحقد والكراهية والثارات وتفعيل القانون وصرت السلاح بيد الدولة ، ووضعت خطط إستراتيجية جاده و خطط إقتصادية مستقبلية و نفذها بالعمل الجاد و حصد ثمارها الشعب نموذج يجب ان تتبعه العراق لينهض باقتصاداته
اليس من الأولى توحيد كلمة العراق وتوحيد الصف الشعبي لإعادة بناء العراق لتكون راوندا مثالا يحتذى به ودرساً لمن هم في السلطة العراقية
العراق يمر بمرحلة تأزم في كل مجالات الحياة، السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والبيئية والصحية وغير ذلك الكثير.
العراق بحاجة الى خطاب واع وخطوات جبارة لتجاوز هذه المحنة العصيبةوازمات أصبحت تصنف من ضمن حياة يومية طبيعية ، مثل ازمة كهرباء وضعف انتاج الطاقة الكهربائية العراقية و استهداف أبراج وشبكات النقل والامداد الكهربائيين، والتوقف المتكرر في  تزويد الطاقة لشتى الاسباب ، العراق اليوم يعيش ازمات متداخلة ولا نهاية لها الا بالنهوض الحقيقي كما عملت راوندا ،  العراق بحاجة الى
تأسيس مراكز دراسات استراتيجية وغرف فكر ومشاورة من قبل العلماء والمفكرين الواعين والمخلصين في كل المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني من أجل تشخيص المشكلات التي يعاني منها البلد وطرق علاجها. وعرض النتائج على المدراء أصحاب القرار وعلى المرجعية الدينية العليا.
القضاء على الفساد، على الشعب والحكومة التعاون معا في القضاء على ظاهرة الفساد الإداري، لأنه مع وجود الفساد لا يمكن تحقيق أي مشروع إصلاحي في البلد، حصر السلاح بيد الدول ، توحيد الجيش القضاء على العصابات
بعد عقدين من الزمن تتحول راوندا من أرض الموت إلى عاصمة اقتصاد القارة السمراء
خلاصة القول إنّ الحكمة الكبيرة التي تتمتَّع بها الحكومة الرواندية مكَّنت من تحسين المستوى المعيشي لـلمواطنيها، فهل هذا صعب على من يحكم العراق خاصّة وأنّه يحتوي على إمكانات هائلة غير مستغلة وثروة نفطية وبشرية هائلة.

وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية