الساسة اللبنانيون يستنفرون لمواجهة قرار رفع الدعم عن المحروقات

الساسة اللبنانيون يستنفرون لمواجهة قرار رفع الدعم عن المحروقات

بيروت – استنفر السياسيون اللبنانيون للوقوف في وجه قرار حاكم المصرف المركزي رياض سلامة رفعَ الدعم عن الوقود، في موقف يظهر انزعاجهم من هذه الخطوة التي ستجعلهم في مواجهة مباشرة مع الشارع اللبناني الغاضب.

وقالت أوساط سياسية لبنانية إن الخطوة التي أقدم عليها سلامة لم ينظر إليها المسؤولون على أنها ضرورة اقتصادية عاجلة وإنما اعتبروها موقفا سياسيا يهدد الطبقة السياسية ويضغط عليها للتحرك من أجل البحث عن حلول عاجلة لتوفير الدعم المالي الكافي لإعادة تحريك دواليب الاقتصاد المنهار.

وأضافت هذه الأوساط أن قرار سلامة فاجأ الجميع الذين كانوا يراهنون على بقاء الأوضاع على ما هي عليه، لكن الآن سيكون عليهم الإيفاء بالتزامات سياسية مطلوبة خارجيا من أجل الحصول على الأموال للخروج من هذه الورطة.

ولم تستبعد أن تكون الخطوة بإيعاز خارجي من أجل إجبار السياسيين على مناقشة ملف الحكومة بجدية والكف عن وضع العراقيل والشروط المسبقة أمامه وفتح الطريق أمام دخول المساعدات.

ورفضت الكتلة البرلمانية لحزب الله قرار رفع الدعم عن المحروقات، وقالت إنه يتعارض مع السياسات التي يطبقها البرلمان والحكومة.

ودعا نواب الكتلة في بيان، بعد اجتماعهم الأسبوعي، إلى توزيع بطاقات نقدية مدفوعة مسبقا على الفقراء قبل اتخاذ أي خطوة أخرى لرفع الدعم عن أي سلع أساسية أو تقليصه.

وحذّر الرئيس ميشال عون من أن القرار ستكون له تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة، وطالب حاكم مصرف لبنان بالتنسيق -عند اتخاذ أي قرار- مع السلطة الإجرائية التي ناط بها الدستورُ وضعَ السياسة العامة للدولة في جميع المجالات.

ووصف جبران باسيل -زعيم حزب التيار الوطني الحر الذي أسسه عون وصهره- التحرك بأنه مفاجئ و”أحادي” ويتعارض مع قرار الحكومة رفع الدعم تدريجيا.

وقال باسيل في تصريحات بثها التلفزيون “الحاكم هو حاكم البنك المركزي، هو منو حاكم الجمهورية اللبنانية ولا له وحده يتصرف بقرارات استراتيجية ومصيرية بتمس بأمن البلد وأمنه الاجتماعي”.

وكتب على تويتر واصفا التحرك بأنه “انقلاب جديد” ودعا حزبه والشعب إلى الاستعداد للاحتشاد.

ومساء الأربعاء أعلن المصرف توقفه كليا عن دعم استيراد الوقود، حيث سيقوم بداية من الخميس بتأمين الأموال اللازمة لاستيراده وفق سعر الدولار في السوق.

وقالت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية الخميس إن المصرف المركزي خالف القانون بإصدار قرار رفع الدعم، وإن الضرر الذي سيقع سيكون أكبر من منافع الحفاظ على الاحتياطي الإلزامي الذي يحاول البنك حمايته.

ودافع البنك المركزي عن قراره عرض تأمين الاعتمادات اللازمة لواردات المحروقات على أساس سعر السوق لليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي بدلا من سعر الصرف المدعم، قائلا إنه أبلغ الحكومة قبل عام بأنه سيحتاج إلى تشريع جديد لاستخدام الاحتياطي الإلزامي من العملة.

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إنه يعارض رفع الدعم قبل طرح بديل، وإنه يجري تحقيق تقدم صوب طرح البطاقات التمويلية للفقراء، وإن القرار كان يمكن أن ينتظر إلى حين الطرح.

وكتب على تويتر أن القرار “مخالف للقانون، وكذلك لا يراعي واقع الأزمة المعيشية والاجتماعية العميقة، وستكون تداعياته خطيرة جدا على البلد، وأضراره أكبر بكثير من منافع حماية التوظيفات الإلزامية في مصرف لبنان، لأنه يدخل البلد في المجهول الاجتماعي والمعيشي”.

وبرز السياسي الدرزي اللبناني وليد جنبلاط بإعلان وقوفه إلى جانب قرار المصرف المركزي.

وقال جنبلاط في مؤتمر صحافي بثه التلفزيون إنه لا مفر من رفع الدعم لأن الوقود يذهب إلى سوريا. وأضاف أنه لو استمر الدعم فلن يتبقى من الاحتياطي الإلزامي شيء وستكون هناك كارثة.

وفي ردة فعل غاضبة على قرار رفع الدعم أغلق محتجون عدة طرق في شمال وجنوب وشرق البلاد، من بينها الطريق السريع الذي يربط بيروت بجنوب البلاد.

كما وقفت مئات السيارات منذ الصباح أمام محطات الوقود، ويأمل أصحابها تعبئة خزانات سياراتهم قبل صدور لائحة الأسعار الجديدة التي من المتوقع أن ترتفع بنسبة تفوق 300 في المئة. وأقفلت العشرات من المحطات أبوابها في انتظار تحديد الأسعار الجديدة.

ومن المتوقع أن يزيد سعر البنزين 95 دون الدعم بأكثر من أربعة أمثال سعره السابق في جدول أوردته إحدى القنوات اللبنانية الأربعاء.

ورغم أن الارتفاع الحاد في الأسعار سيجعل الوقود أبعد من متناول الأعداد المتزايدة من فقراء لبنان يقول بعض الاقتصاديين إنه ينبغي التخفيف من النقص الشديد في الوقود لأولئك الذين يستطيعون الدفع عن طريق إزالة الحافز على التهريب والتخزين.

وفي الآونة الأخيرة بدأ المصرف إتاحة خطوط ائتمان للوقود بسعر 3900 ليرة للدولار، وهو أعلى من السعر الرسمي البالغ 1500 ليرة، لكنه ما زال منخفضا كثيرا عن سعر السوق الموازية الذي بلغ نحو 20 ألف ليرة الأربعاء.

العرب