نار عكار تحرق عون

نار عكار تحرق عون

بيروت – تحول الرئيس اللبناني ميشال عون إلى بؤرة تستقطب غضب اللبنانيين ومثّل الانفجار المروّع لصهريج وقود في بلدة التليل في منطقة عكار تجسيدا لعجز “العهد” عن حماية اللبنانيين وتأمين حياتهم ومنع الانهيار المروع للدولة اللبنانية بعد أن شل الصراع السياسي كل آلياتها وقاد إلى إفلاس مصرفي شامل وعجز في تشكيل الحكومة مستمر منذ عام في أعقاب تفجير مرفأ بيروت.

ووجه سياسيون لبنانيون ورجال دين انتقادات شديدة لعون ودعوه للاستقالة وإتاحة الفرصة لآخرين للعمل على إنقاذ لبنان، وذهب رئيس الوزراء السابق سعد الحريري للقول “لن تجد قريبا سفارة تؤويك” في إشارة للجوء عون مطلع تسعينات القرن العشرين إلى السفارة الفرنسية.

وقتل 28 شخصا على الأقل وجرح العشرات عندما انفجر خزان وقود في عكار كان الجيش قد وضع اليد عليه في أرض يملكها مهرب وقود معروف، بعد أن اكتشفه شبان في المنطقة.

وأعلن الجيش اللبناني وفاة اثنين من عناصره وإصابة 18 آخرين 11 منهم “حالاتهم حرجة”، فيما لا يزال هناك أربعة مفقودين.

وقال الحريري موجها كلامه إلى عون “عكار حرّكت أوجاع جميع اللبنانيين، ولم تتحرك فيها أدوات الفتنة، أنت ترى أوجاع الناس فتنة ونحن نراها صرخة تعلو في وجهك، ارحل يا فخامة الرئيس.. ارحل”.

وتساءل “كيف يجيز رئيس الجمهورية لنفسه أن يقفز فوق أوجاع الناس في عكار ليتحدث في اجتماع مجلس الدفاع عن أنشطة جماعات متشددة لخلق نوع من الفوضى والفلتان الأمني.. عكار ليست قندهار… عكار مظلومة منك ومن عهدك، والنار اشتعلت في قلبها قبل أن تشتعل في خزانات التهريب”.

وفي وقت سابق الأحد عقد عون اجتماعا “استثنائيا” مع المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا استعرض خلاله “أنشطة جماعات متشددة تستهدف خلق الفوضى والانفلات الأمني في الشمال”.

وكان ارتباك التيار العوني واضحا من تداعيات انفجار عكار حيث دعا صهر الرئيس ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل إلى إعلان عكار منطقة عسكرية لتأمين سكانها وحمايتهم.

وقال باسيل في تغريدة “نبهنا منذ أسبوعين أن عكار صارت وكأنها خارج الدولة، بسبب عصابات المحروقات التي تقفل الطرقات والمحطات والتي تخطف الصهاريج”.

ودعا باسيل إلى التراجع عن قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يسبّب “الفوضى ويولّد الفتنة”.

والأربعاء أعلن المصرف المركزي توقفه كليا عن دعم استيراد المحروقات، ممّا سيؤدّي إلى ارتفاع أسعارها في الأسواق اللبنانية نحو 5 أضعاف.

ومنذ السبت تشهد العديد من المناطق اللبنانية مداهمات أمنية لمحطات وخزانات وقود يقوم أصحابها بإخفاء المحروقات (بنزين ومازوت) بغية احتكارها وبيعها بأسعار مرتفعة أو تهريبها إلى سوريا التي تشهد أزمة محروقات منذ أشهر.

وقال مفتي بعلبك الهرمل الشيخ خالد الصلح “هذه الجريمة النكراء تهزّ العروش وعليه يجب أن تستقيلوا لإراحة البلاد والعباد إن كان قد بقي لدى أحدهم ذرة إنسانية أو ضمير”.

وأضاف “لا ثقة لنا اليوم بغير مؤسسة الجيش في كبح الاحتكار والانهيار التي ندعوها لتمسك الزمام في هذا الوطن، لعل وطأة المصاب تخفّ”.

وبسبب أزمة اقتصادية طاحنة يشهد لبنان منذ أشهر شحا في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى، بسبب عدم توفر النقد الأجنبي الذي كان يؤمّنه المصرف المركزي من أجل دعم استيراد تلك المواد.

وجراء الأزمة الاقتصادية الحادة -التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850- بات 78 في المئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.

ويحمّل لبنانيون الطبقة الحاكمة مسؤولية الانهيار الاقتصادي وما مرّ عليهم خلال العامين الماضيين من أزمات، على رأسها انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020، والذي تبين أنه ناتج عن احتراق كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم مخزنة لسبع سنوات في المرفأ بعلم مسؤولين سياسيين وأمنيين وعسكريين عديدين، إلا أنهم لم يحركوا ساكنا.

ومنذ استقالة حكومة حسان دياب بعد انفجار المرفأ تَحُولُ الخلافات بين القوى السياسية دون تشكيل حكومة يشترط المجتمع الدولي أن تنفذ إصلاحات جذرية مقابل تقديم الدعم المالي لإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية.

العرب