رغم أن ولاية بانشير لا تبعد كثيرا عن العاصمة الأفغانية كابل، التي تسيطر عليها حركة طالبان، إلا انها لا تزال في قبضة معارضي الحركة ، وهناك تتبلور حاليا جبهة عريضة لمواجهتها.
وبانشير تعني بلغة الداري”الأسود الخمسة”، لا تبعد عن كابل سوى 64 كيلومترا شمالا.
وفي هذه الولاية، دشنت مجموعة من القوى السياسية “لجان مقاومة” ضد سيطرة حركة طالبان على غالبية المناطق في أفغانستان، ومن بينها العاصمة كابل مكان ولادة أحمد شاه مسعود الذي اغتيل عام 2001، قبيل يومين من هجمات 11 سبتمبر، بحسب ما يقول ناشط أفغاني يقيم في مدينة مزار شريف شمالي البلاد.
وكان مسعود قائد ما يعرف بـ”جبهة المقاومة الوطنية” ضد السوفيت ثم حركة طالبان، خلال تسعينيات القرن الماضي.
“أرض المقاومة الأفغانية”
ويقول المحلل السياسي الأفغاني لموقع “سكاي نيوز عربية” إن ولاية بانشير معروفة بأنها “أرض المقاومة الأفغانية منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وفي فترات زمنية أخرى، حيث تتميز بتضاريسها الصعبة من الجبال والوديان، ولا يمكن لأي جيش دخولها بسهولة”.
ويردف: “الاتحاد السوفيتي حاول ومرارا دخولها لكنها محاولات جاءت بالفشل”، لافتا إلى أنه بعد سيطرة طالبان على أفغانستان اتجهت إليها “بعض العناصر من الجيش الأفغاني والكوماندوز المتبقيين الذين ذهبوا بأسلحتهم وعتادهم إلى بانشير تحت قيادة أحمد مسعود ابن أحمد شاه مسعود”.
ويشير إلى أن المقاومة التي تتبلور ضد حركة طالبان لا تعد أمرا جديدا، فهناك سوابق عديدة تاريخيا.
ويتابع: “منذ وصول الحركة (طالبان) إلى العاصمة بعد أن حاصرت المناطق المتاخمة لها، كانت تتألف في الوقت ذاته، لجان مقاومة في الشمال، وتهدف إلى خفض العنف والتصدي لاحتمالات النزاع الأهلي بين طالبان والقوات الأفغانية، بينما تحاول تقديم الدعم للأخيرة”.
ويردف: “ولاية بانشير الذي يشكل فيها مسعود حركة المقاومة ضد طالبان ظلت عصية على الحركة الإسلامية المسلحة منذ التسعينيات، وهو ما وفر غطاء سياسيا وشعبيا للحراك الحالي يجعلها مؤثرة في المعادلة السياسية إذ إنها المدينة الوحيدة حتى الآن التي لم يدخلها مسلحو طالبان”.
وكان شاه مسعود الابن قد طالب، الثلاثاء الماضي، بـالانضمام إلى المقاومة” وإظهار للعالم أن البلاد ليست مثل فيتنام، وقال: “علينا نحن الأفغان إثبات أن أفغانستان ليست فيتنام، وأن طالبان لا تشبه الفيتكونغ”.
وتابع: “خلافا للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لم نفقد روح النضال ونرى فرصا هائلة أمامنا”.
أمر متوقع
ومن جانبه، يرى الباحث المتخصص في الشأن الآسيوي، أحمد عبد الحكيم، أن شمال أفغانستان والمنطقة التي تتجمع فيها القوى المعارضة لطالبان أمر متوقع، وهذا سوف يفرض تأثيراته على الصراع، كما حدث في عقود سابقة.
وبحسب عبد الحكيم في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن مدينة مزار شريف، شمال أفغانستان، شهدت عدة اجتماعات بين قوى سياسية وشعبية، بقيادة الحاكم السابق للولاية عطور نور، وشاركت فيه القيادات الأمنية وعدد من ممثلي الأحزاب، بهدف إدارة اللجان الشعبية التي يجري تشكيلها ومواجهة عناصر ومسلحي الحركة من الناحية التكتيكية والأمنية الدفاعية وكذلك السياسية.
وفي حين لا يتوقع عبد الحكيم أن تكون هناك تغيرات ميدانية كبيرة مع صعود تلك التحركات المناهضة لسيطرة طالبان، لكنه يؤكد على أنه سوف يضغط على الأخيرة باتجاه عدم فرض “سلطة الأمر الواقع، والاتجاه عوضا عن ذلك نحو الحوار السياسي.
وقال إن هذه التحركات قد توسع من مشاركة مسؤولين بالحكومة السابقة والنساء والانخراط في مصالحة سياسية وتفادي الصدام والتنابذ السياسي بين الأطراف وبعضها.
الشرق الاوسط / سكاي نيوز