هزائم الإسلاميين في الحكم تضغط على أردوغان

هزائم الإسلاميين في الحكم تضغط على أردوغان

أنقرة – أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تفاؤلا مفرطا بالفوز في الانتخابات المرتقبة في البلاد 2023، وذلك كرد على التحاليل السياسية التي تتنبأ بهزيمة مدوية لأردوغان وحزبه العدالة والتنمية في سياق مزاج عام لدى شعوب المنطقة يلفظ الإسلاميين ويطيح بهم..

وفهم الرئيس التركي مخاطر خسارة حزب العدالة والتنمية المدوية في المغرب، وقال مطمئنا اجتماعا نسائيا لحزبه بأن العدالة والتنمية التركي سيفوز في انتخابات 2023.

وأكد على أنه ما زال هناك الكثير من الخدمات التي سيقدمها حزب العدالة والتنمية للشعب التركي.

وقال مراقبون أتراك إن النتائج المدوية لانتخابات المغرب والخسارة المذلة لحزب العدالة والتنمية الذي أخذ اسمه من الحزب الإسلامي التركي، جاءت بمثابة رسالة خاصة إلى الرئيس التركي مفادها أن النموذج الإسلامي المبني على الشعارات والوعود والذي يوظف الدين لجذب أصوات الناخبين لم يعد مغريا وبدأ الناس يلفظونه بحرية تامة عبر صناديق الاقتراع ومن خلال مواقفهم في الشارع.

وأشار هؤلاء المراقبون إلى أن الواقع الجديد يضغط على أردوغان داخليا وخارجيا، فهو قد يقود إلى هزيمة مدوية للحزب الحاكم في تركيا الذي يعيش أوضاعا صعبة بدوره شبيهة بالأوضاع التي قادت الحزب الإسلامي المغربي إلى الوضعية الصعبة التي يعيشها.

كما أنه، وهذا الأهم، قد يقود إلى هزيمة أردوغان خاصة أن الناس قد ملت من استمراره في الحكم لعقدين، وملت من شعاراته ومعاركه في الداخل والخارج، والأزمات التي أغرق فيها البلد بسبب طموحه إلى لعب دور السلطان العثماني الجديد.

وتجمع كل المؤشرات على أن حزب العدالة والتنمية في تركيا لم يعد ذلك الحزب الذي يجذب الناخبين ويبدو أنه استنفد كل ما لديه ودخل في منحى تنازلي خاصة في السنوات الأخيرة التي عزز فيها أردوغان قبضته على السلطة ومال كثيرا إلى التفرد بالقرار حتى داخل حزبه.

وقد تسببت سياساته بتصدعات وشروخ كثيرة في حزبه من أبرز علاماتها الانشقاقات التي حدثت في توقيتات حساسة بالنسبة إلى حزب بات رصيده ضعيفا سياسيا واقتصاديا ولا تفارقه النكسات منذ خسارته للانتخابات البلدية التي فاز فيها خصومه من حزب الشعب الجمهوري حزب المعارضة الرئيسي برئاسة أهم بلديتين: إسطنبول وأنقرة.

لكن التأثير الأكبر لهزيمة الإسلاميين بالنسبة إلى أردوغان سيكون التأثير على أحلامه الإقليمية، حيث كان يضع في حسابه التوسع في شمال أفريقيا خاصة تونس وليبيا، لكن تبدل المزاج الشعبي كليا ضد الإسلاميين يجعل كل خطط أنقرة تحت الضغط.

وما يزيد من مخاوف الرئيس التركي أن هزيمة العدالة والتنمية في المغرب والتراجع الكبير لحركة النهضة الإسلامية في تونس وخسارتها الحاضنة الشعبية، وعزلتها السياسية بعد إجراءات الخامس والعشرين من يوليو التي قادها الرئيس قيس سعيد، كل هذا يظهر رفضا شعبيا واسعا للإسلاميين وارتباطاتهم الخارجية وعلى رأسها تركيا.

ويحاول الإعلام التركي تقديم تفسيراته الخاصة للسقوط المتتابع للإسلاميين في العالم العربي بهدف التقليل منه والبحث له عن أسباب ترتبط بنظرية المؤامرة بدلا من النقد الذاتي الذي يربط هذه التراجعات بأداء الأحزاب ذات الخلفية الإخوانية التي حكمت في المغرب وتونس.

وفي مقال لها تحت عنوان “لماذا تعثرت تجربة الإسلاميين في الوصول إلى الحكم أو البقاء فيه؟” بحثت وكالة الأناضول التركية الرسمية عن الأسباب ووجدت أن أول تلك الأسباب هو “صراع العسكر والإسلاميين”، وهو عنصر لا ينطبق على حالتي تونس والمغرب، حيث ينحصر دور المؤسسة العسكرية في أداء دورها العادي، فيما وجد الإسلاميون قوى معارضة مثقفة ومدافعة عن الهوية الوطنية، وهو ما أعاق انتشار أفكار الإسلاميين ودفع بهم إلى التخلي عن فكرة تطبيق الشريعة أو الدعوة إليها.

والأمر نفسه بالنسبة إلى “تغول مؤسسة الرئاسة”، إذ نجح الإسلاميون في تونس في تهميشها وتقوية البرلمان والحكومة، وخلال عشر سنوات من الحكم، بات الشارع التونسي يتظاهر ضد أداء هذين المؤسستين بسبب ضعف الأداء وابتعاده عن مشاغل الناس، وهو ما يفسر الدعم الذي قابل به التونسيون إجراءات الخامس والعشرين من يوليو.

كما عزت الوكالة خسائر الإسلاميين إلى الدور الذي لعبته “الدولة العميقة المتجذرة داخل المؤسسة العسكرية والأمنية والإعلام والقضاء وطبقة رجال الأعمال”. وهذا سبب منطقي، لكنه يكشف أن الإسلاميين عجزوا عن أن يكونوا جزءا من هذه المنظومة التي تمثل نخبة البلاد المختلفة، وأنهم جسم غريب يأتي ليس لتحسين أوضاع الناس وتطوير أداء المؤسسات، ولكن ليستبدل “دولة عميقة” ويبني دولة أخرى على مزاجه ووفق مصالحه وارتباطاته الخارجية.

العرب