أجرى وزير خارجية قطر محادثات في كابل مع رئيس الحكومة وكبار الفاعلين في المشهد السياسي، وعبرت طهران عن موقف جديد تجاه طالبان، وبالتزامن مع بدء تدفق المساعدات الإنسانية تستضيف الأمم المتحدة اليوم الاثنين مؤتمرا بجنيف لجمع 600 مليون دولار لأفغانستان، في حين سيرت الخطوط الجوية الباكستانية رحلة تجارية إلى مطار كابل الدولي هي الأولى من نوعها منذ سيطرة طالبان على مقاليد الحكم في البلاد.
وقد اختتم الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري زيارة رسمية لأفغانستان التقى خلالها رئيس الحكومة الملا محمد حسن آخوند، ورئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية عبد الله عبد الله، والرئيس السابق حامد كرزاي.
وقالت مصادر للجزيرة إن وزير الخارجية القطري شجع الأطراف الأفغانية على الانخراط في المصالحة الوطنية، ودعا الحكومة إلى ضمان حرية المرور والسفر للجميع، والالتزام بمكافحة الإرهاب.
من جهتها، أعربت طالبان في بيان عن شكرها لحكومة قطر على دعمها للشعب الأفغاني في وقت حرج.
وقالت الحركة في بيانها إن اتفاق الدوحة كان إنجازا محوريا على الجميع الالتزام به.
وذكرت أن المباحثات مع وزير الخارجية القطري تناولت العلاقات الثنائية والمساعدات الإنسانية والتنمية الاقتصادية.
وشكر رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية عبد الله عبد الله والرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزاي دولة قطر على مساعدتها الشاملة لأفغانستان، وأعربا عن تقديرهما تعاون البلدين في تسهيل محادثات السلام.
وقال مراسل الجزيرة عبد الرحمن مطر إن مباحثات الوزير القطري تركزت على ضرورة رأب الصدع وتشكيل حكومة وطنية موسعة تضم كافة أطياف الشعب الأفغاني، وهذه النقطة مثلت الجزئية الأهم في المشاورات السياسية والدبلوماسية التي أجراها ضيف أفغانستان أمس الأحد.
وتأتي هذه الزيارة بعد جولة للشيخ محمد بن عبد الرحمن قادته إلى عدة دول -وهي إيران وباكستان وتركيا وروسيا- وتركزت حول الملف الأفغاني.
نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري يجتمع مع مسؤولين في أفغانستان (مواقع التواصل الاجتماعي)
ما تريده إيران
وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن طهران ترفض التدخل الأجنبي في أفغانستان “وعلى كافة الدول الإقليمية وخارج هذه المنطقة أن تحترم هذه النقطة”.
وأضاف خطيب زاده أنه لا يمكن لحكومة الأقلية أن تنجح في أفغانستان، وأن “الحكومة التي تشمل الأطراف الأفغانية كافة تستطيع تحقيق الأمن والاستقرار”.
وأوضح “سياستنا تجاه طالبان وردنا على مطالبها يرتبطان بسلوكها تجاه طهران”.
وقال خطيب زاده إنه من “المبكر الحديث عن مشاركة إيران في مراسم تنصيب الحكومة التي شكلتها طالبان، لدينا اتصالات مع كافة الأطراف الأفغانية ونسعى باتجاه تحقيق مطالب الشعب الأفغاني، نرفض المسار الذي يؤدي إلى القتال الداخلي في أفغانستان، والحرب والعنف لا يمكن أن يكونا حلا، ويجب تسوية الأزمة في أفغانستان عبر السبل السلمية”.
من إسلام آباد إلى كابل
إلى ذلك، حطت طائرة باكستانية في مطار كابل اليوم الاثنين في أول رحلة تجارية أجنبية منذ سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية منتصف الشهر الماضي
وأفاد مراسل الجزيرة في أفغانستان بمغادرة الطائرة مطار كابل الدولي عائدة إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد، والطائرة الباكستانية من طراز “بوينغ 777” (Boeing 777)، وكان على متنها خلال عودتها قرابة 173 راكبا.
وعلم مراسل الجزيرة أن الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الباكستانية جواد ظفر وعددا من مسؤولي هيئة الطيران المدني في باكستان التقوا في مطار كابل مسؤولين في فريق الدعم الفني القطري، للتعرف منهم على تفاصيل عملية إعادة تأهيل كامل جوانب العمل في المطار.
وكان فريق من الخبراء القطريين تولى في الأيام الماضية مهمة إعادة تأهيل مطار كابل الدولي، وأعلن أنه بات جاهزا بنسبة 90%.
إنسانيا، وصلت إلى مطار كابل الدولي طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية تحمل 21 طنا من المساعدات الإغاثية والإمدادات الطبية والأدوية مقدمة من منظمة الصحة العالمية.
في هذه الأثناء، وصلت إلى مطار كابل 4 طائرات تابعة لبرنامج الغذاء العالمي تحمل فرقا تابعة للبرنامج عائدة إلى أفغانستان، وقالت مصادر في المنظمة الدولية للجزيرة إن البرنامج سيستأنف العمل في توزيع المساعدات الإنسانية بمدن عدة في أفغانستان.
وقال أندرو باترسون نائب مدير برنامج الغذاء العالمي في أفغانستان للجزيرة إن البرنامج سيفتتح جسرا جويا من وإلى كابل لتنسيق عمل 160 منظمة إنسانية تعمل في أفغانستان.
وتعد هذه الرحلات الأولى من نوعها التي تحمل فرقا تابعة للأمم المتحدة بعد انسحاب القوات الأميركية وإعادة تشغيل المطار من قبل فرق الدعم الفني القطرية.
ويأتي هبوط الطائرات الأربع لبرنامج الغذاء العالمي في مطار كابل في ظل أزمة إنسانية خانقة تعيشها أفغانستان، بالتزامن مع تجميد العديد من الدول والمؤسسات المانحة مساعداتها لكابل مع تصدر طالبان المشهد.
في الأثناء، أعلن عن وصول رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى كابل لتقييم الاحتياجات الإنسانية الملحة لأفغانستان.
وقال فرحان حق الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن العالم أنفق نحو 600 مليون دولار على الإغاثة في أفغانستان.
وفي مقابلة سابقة مع الجزيرة كشف حق أن المنظمة الدولية تعتزم توسيع المساعدات التي تقدمها انطلاقا من باكستان.
وتنظم الأمم المتحدة اليوم الاثنين مؤتمرا في جنيف لجمع أكثر من 600 مليون دولار لأفغانستان، محذرة من أزمة إنسانية في البلد بعد أسابيع من سيطرة حركة طالبان على الحكم.
مؤتمر أممي
ويحضر مؤتمر جنيف مسؤولون كبار في الأمم المتحدة، على رأسهم الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش، ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وعشرات من ممثلي الحكومات، ومنهم وزير الخارجية الألماني هايكو ماس.
وزادت الضغوط على برامج الأمم المتحدة نتيجة التوقف المفاجئ لمنح أجنبية بمليارات الدولارات عقب انهيار الحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب.
وحتى قبل سيطرة طالبان على كابل الشهر الماضي كان نصف السكان (18 مليون نسمة) يعتمدون على المساعدات.
المصدر : الجزيرة + وكالات