“كارثة بابل” تفضح المستور في السجون العراقية

“كارثة بابل” تفضح المستور في السجون العراقية


تعيش الأوساط الاجتماعية العراقية منذ يومين على وقع ما عُرف بـ”فضيحة بابل”، حيث اعترف أحد المتهمين بقتل زوجته وحرقها، عقب إبلاغه عن اختفائها، لكنها ظهرت لاحقاً على مسرح الأحداث، في مشهد صدم الجميع، فيما توعد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، المتسببين بالحادثة، وإنزال أقسى العقوبات بحقهم.

ولم يدر في خلد المحقق في الجريمة المُختلَقة العقيد أحمد هادي، بأن اعتراف الشاب علي سينقلب ضده، في حال ظهور الزوجة، وهو ما حصل بالفعل، حيث تلقى جهاز الأمن الوطني، بلاغاً آخر، بوجود المرأة في محافظة الديوانية، ليبدأ التحريات عنها، وتمكنت الأجهزة المختصة من العثور عليها وإخلاء سبيل الشاب علي وأسرته.

تحقيق فوري وعقوبات

وأصدر القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، الثلاثاء، توجيهاً بفتح تحقيق فوري بشأن القضية، فيما توعد المتسببين بها بأقسى العقوبات.

مستشار لرئيس الحكومة العراقية، قال إن “ما حصل يمثل تراجعاً ونكسة كبيرة في سجل عمل القوات الأمنية، وللأسف يحصل هذا، في وقت تسعى الحكومة الحالية، إلى تعزيز صورة العراق في محيطه العربي والإقليمي، كدولة تحترم حقوق الإنسان، وتعمل وفق السياقات المعمول بها في أغلب الدول العربية، والغربية، وهذا يعود إلى تأصل الفعل الإجرامي، لدى بعض عناصر المؤسسة العسكرية”.

ويضيف المستشار الذي طلب عدم الكشف عن هويته لـ”سكاي نيوز عربية” أن “عمر الحكومة الحالية شارف على الانتهاء، وهناك الكثير من الممارسات التي يجب أن تتوقف، حيث سعى رئيس الحكومة الحالية إلى تعزيز سلطة القانون، عبر إجراءات مختلفة”، مشيراً إلى أن “الحكومة الحالية ستضع إجراءات فعالة وسريعة التطبيق، تحد من تلك الأفعال، على أمل أن تُطبق بعد مجيء الحكومة المقبلة، أو تجديد الولاية للكاظمي”.

وتساءل عراقيون، عن كيفية الحصول على الاعترافات، وما إذا شاهد المحقق، موقع الجريمة، وآثار الحرق، فضلاً عن غياب بيانات الطب العدلي، والتعامل مع بقايا الجثة، وهي حلقات مفقودة في القضية.

وأثارت القضية ردود فعل مختلفة لدى المدونين في مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام، وسط مطالبات لوزير الداخلية بالاستقالة، وإقالة مدير شرطة بابل من منصبه.

تساؤلات في أذهان العراقيين

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، بشأن تفاصيل تلك الحادثة، وتداعياتها، خاصة بعد الاعترافات المصوّرة التي أدلى به الشاب علي لوسائل إعلام محلية، حيث تحدث عن تهديده بأخواته ونساء بيته.

كما سلطت تلك الواقعة المثيرة الضوء على ممارسات التعذيب في السجون، والانتهاكات الحاصلة ضد حقوق الإنسان.

الناشط في مجال حقوق الإنسان، وسام العبدالله أكد أن “تلك الواقعة وجّهت بوصلة العراقيين إلى ما وراء الجدران، حيث يقبع آلاف المعتقلين الأبرياء، منذ عدة سنوات، وهي قضية سياسية، بحاجة إلى جهد وطني كبير، مثل إقرار قانون العفو العام، للإفراج عنهم، وإحقاق الحق، وإنصاف المظلومين”.

وأضاف العبدالله في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” أن “صورة المؤسسة العسكرية العراقية اهتزت في نفوس الشعب، بسبب تلك الحوادث، وعدم اعتماد القوانين والممارسات اللائقة بالإنسان، حيث شكّل التعذيب على مدار السنوات الماضية، أسلوباً معترفاً به لدى السلطات القضائية”.

ولفت إلى “ضرورة فتح هذا الملف، بشكل يختلف جذرياً عن السياقات الروتينية، وقلب بروتوكول التحقيق رأساً على عقب، وإنهاء كل المظالم التي يعاني منها المعتقلون”.

ولم يعثر العراقيون لغاية الآن، ضمن نقاشاتهم، على السبب الحقيقي وراء انتزاع الاعتراف بالقوة، في ظل غياب الجريمة، إذ عادة تكون لدى السلطات، جريمة دون مجرم، وهو ما يتطلب اعتقال أبرياء لتلبيسهم تلك الجرائم.

وفي محاولة لفهم ما يجري، سبق أن قالت مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، “سارة ويتسن”، إن “متابعات المنظمة توصلت إلى أن عمليات التعذيب التي يقوم بها عناصر في القوات العراقية تجري غالباً من أجل المتعة وتعبيراً عن دوافع سادية وليس من أجل انتزاع معلومات”.

الشرق الاوسط / سكاي نيوز