بغداد – لا يأمل العراقيون في أن تحمل الانتخابات المقررة ليوم غد الأحد التغيير الذي ينشدونه، وهو أمر يعترف به الكثير من المرشحين والناخبين الذين ينوون التصويت. ويعتقد هؤلاء أن التصويت يمكن أن يقود إلى برلمان مختلف ولو نسبيا، وأن منظومة الأحزاب الكبرى المستفيدة من الفساد ويأس الناس من التغيير ستسعى للسيطرة على البرلمان الجديد.
ورغم هذه القناعة يطلب بعض المرشحين من شباب العراق المحبطين أن يثقوا في عملية انتخابية شُوِّهت في الماضي بالتلاعب والتزوير، لكن اللامبالاة وانعدام الثقة منتشران على نطاق واسع. ويدعو بعض النشطاء المؤيدين للإصلاح، ممن شاركوا في احتجاجات أكتوبر 2019، إلى مقاطعة الانتخابات بعد سلسلة من عمليات القتل التي استهدفت نشطاء انتفاضة تشرين.
واعترف المرشح نورالدين نصار في البصرة بأن “الانتخابات لن تكون مثالية”، لكنه أضاف أنه حتى لو تحسنت بنسبة الثلث فقط عن السابق فسيكون ذلك “أفضل من النظام الحالي”.
رندة سليم: غياب البدائل الموثوقة قد يدفع الناخبين إلى مقاطعة التصويت
ويعلق النشطاء مثل نصار آمالهم على إعادة رسم خارطة الدوائر الانتخابية (وهذا تنازل للمحتجين) ويجادلون بأن التصويت هو السبيل الوحيد للتغيير. وقالت عواطف رشيد -وهي مرشحة مستقلة في البصرة- “لدينا جيل جديد ولد بعد 2001 ومؤهل للتصويت الآن. وأنا أعتمد على هذا الجيل”.
ويسمح عدد الدوائر المتزايد بتمثيل محلي أفضل ويمنح المستقلين فرصا متزايدة للفوز. بالإضافة إلى ذلك سيستخدم 70 في المئة من الناخبين المسجلين البطاقات البيومترية، مما يلغي التصويت المتعدد الذي اجتاح انتخابات 2018. وشهد ذلك الاقتراع إقبالا بنسبة 44 في المائة فقط من الناخبين المؤهلين، وهو مستوى منخفض بشكل قياسي منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لإسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين في 2003.
ولم تلب تغييرات قانون الانتخابات مطالب المتظاهرين، حيث كان النشطاء يريدون المزيد من الدوائر الأصغر. وبعد 11 شهرا من المحادثات وافق المشرعون على 83 مقعدا، بدل 18 مقعدا في السابق. كما رُسمت الخطوط لتسهيل حصة مشاركة النساء بنسبة 25 في المئة من 329 مقعدا في البرلمان.
وفي المقاطعات الصغيرة تسيطر العشائر والشخصيات الدينية، وقد أقامت الأحزاب الرئيسية تحالفات معها في الانتخابات.
ومع ذلك مهّد القانون الجديد الطريق لظهور أحزاب منبثقة عن الاحتجاجات، مثل حركة الامتداد التي من المتوقع أن تحقق نتائج جيدة في محافظة الناصرية الجنوبية، وهي مركز الاحتجاجات. وأحد مرشحيها هو وائل المكصوصي الذي يقول إنه يريد أن يقضي على المؤسسة السياسية الراسخة.
وقال المكصوصي في حملته الانتخابية إنه سيكافح بلا كلل من أجل حقوق سكان مدينته البصرة إذا تم انتخابه. وأجابه أحدهم “لقد رسمت مثل هذا الحلم الوردي لنا، لكنني لست مقتنعا بأنه يجب أن أصوت لك”.
لكن هذا القانون ساعد أيضا الأحزاب الدينية الأكثر تمويلا والأكثر خبرة، مثل التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشعبوي مقتدى الصدر الذي فاز حزبه بأكبر عدد من المقاعد في 2018، والذي يتوقع أعضاؤه بالفعل نتيجة إيجابية.
وقال محمد التميمي، المسؤول الصدري ونائب محافظ البصرة، إن “التيار الصدري سيحصل على الكثير من الناخبين لأن لدينا أنصارنا في مدينة البصرة بأكملها”.
ويراهن أنصار الأحزاب الكبيرة على أن داعمي الاحتجاجات والشباب الغاضبين لن يصوتوا بسبب يأسهم من التغيير في ظل شبكات المال الفاسد وغلبة التحالفات الطائفية والعرقية على البعد العراقي.
وقال عدنان -وهو مؤسس منصة تواصل اجتماعي أنشئت لمساعدة العاطلين عن العمل في البصرة- إن السياسيين “لم يجر أي منهم تغييرات من أجل الشعب، فلماذا نصوت لهم؟”. ويعدّ هذا رأيا شائعا في المدينة التي مازالت رغم ثروتها النفطية تعاني الفقر والبطالة والبنية التحتية المتداعية التي تضخ مياها ملوثة، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي المزمن.
وقالت رندة سليم -من معهد الشرق الأوسط الذي مقره واشنطن- لأسوشيتد برس “نظرا إلى غياب البدائل الموثوقة وشعور العراقيين بأن النظام محصن ضد الإصلاحات الداخلية، يمكن أن يكون اختيار عدم التصويت وسيلة الناخب الوحيدة للتعبير عن رفضه للوضع الراهن”.
وصدرت دعوات لمقاطعة الانتخابات، خاصة بعد مقتل الناشط البارز إيهاب الوزني في كربلاء هذا الصيف. وكانت هناك أصوات طالبت علنًا ببذل جهود جادة لوضع الأسلحة تحت سيطرة الدولة، وهي مهمة صعبة في بلد مليء بالميليشيات والأسلحة.
العرب