بحثا عن لقمة العيش.. أفغان يبيعون أثاث منازلهم تحت ضغط الأزمة الاقتصادية

بحثا عن لقمة العيش.. أفغان يبيعون أثاث منازلهم تحت ضغط الأزمة الاقتصادية

كابل – في أعقاب وصول حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان اضطر كثيرون من أهالي العاصمة كابل وبقية المدن الرئيسية -مثل قندهار وهرات ومزار شريف وجلال آباد- إلى بيع أثاث منازلهم في سوق السلع المستعملة تحت وطأة الأزمة الاقتصادية، وشح الموارد المالية.

وتمتلئ هذه الأسواق التي أنشئت على الشوارع الرئيسية في كابل بالسلع التي يبيعها الأفغان الذين فقدوا وظائفهم أو أعمالهم بأسعار زهيدة من أجل كسب بعض المال لشراء طعامهم اليومي أو احتياجاتهم الأساسية.

وتدهورت الظروف المعيشية للأفغان في الأيام الأخيرة مع بدء الأزمة الاقتصادية في أفغانستان، وأصبحت الأثاث القديمة وأدوات المطبخ والسجاد والتلفزيونات بعضا من السلع التي يبيعها الأفغان لشراء الطعام.

ويقول نصيب أحمد زي تاجر السلع المستخدمة للجزيرة نت “أنشئ هذا السوق بعد وصول طالبان إلى كابل. الناس يبيعون فيه الأثاث المستخدم مثل السجاد، وأدوات المطبخ لأجل لقمة واحدة ومعظم الذين يرتادون السوق هم من الفئة الفقيرة في المجتمع وفقدوا أعمالهم”.

ويضيف “أنا يوميا أستقبل على الأقل 20 شخصا، نشتري منهم، ولكن بالكاد أجد من يشتري منا، لدي من القصص ما يتفطر لها قلب الإنسان. فهناك شخص متقاعد يبيعني أثاث منزله فقط لكي يشتري لعائلته الخبز”.

ويتابع “هناك 70% من الأفغان يقدمون على بيع أثاث منازلهم لأسباب مادية… وعدد قليل منهم يريدون التخلص من أثاث المنزل لأنه على وشك مغادرة البلد وطبعا هذا يختلف عن السابق”.

وتحت أشعة الشمس الشديدة، يحاول محمد كبير الذي خسر وظيفته في المستشفى العسكري في العاصمة كابل تسويق أدوات منزلية، ويقول للجزيرة نت “خسرت وظيفتي في الجيش الأفغاني وبعد تفكير بشأن توفير لقمة العيش لعائلتي المكونة من 7 أشخاص ودفع إيجار المنزل توجهت إلى هذا السوق وكل رأس مالي لا يتجاوز 100 دولار، اشتريت هذه البطانيات ولا أعرف هل أجد من يشتريها أم لا؟”.

يقول وكيل وزارة الاقتصاد المولوي حبيب الله خان “هناك من يبالغ في تدهور الوضع الاقتصادي بسبب وصول حركة طالبان إلى السلطة. السبب الرئيسي هو وضع تحذيرات على احتياطي البنك المركزي من قبل الولايات المتحدة

ما الأسباب؟
يقول الخبير الاقتصادي لطف الله لطف للجزيرة نت “إن السبب الرئيسي وراء إقبال الناس على بيع ممتلكاتها وأثاث منازلها هو تدهور الوضع الاقتصادي وتحذيرات مالية على احتياطي البنك المركزي وعدم تمكن الحكومة الجديدة من دفع الرواتب الشهرية”.

ويضيف “معظم الموظفين لم يحصلوا على رواتبهم الشهرية، وحسب علمي، فقد تمكنت الحكومة الجديدة من دفع راتب شهر للموظفين”.

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن “هناك من يريد التخلص من أثاث منزله بنية مغادرة البلاد وهذا لا يعني بالضرورة أنه يقوم بهذا الأمر لكي يشتري الخبز لأهله”.

وتقول السلطات في الحكومة الأفغانية الجديدة إنها دفعت رواتب لعدد كبير من الموظفين وإن العملية بدأت لكنها تحتاج بعض الوقت بعد تغيير النظام.

ويقول وكيل وزارة الاقتصاد المولوي حبيب الله خان للجزيرة نت “هناك من يبالغ في تدهور الوضع الاقتصادي بسبب وصول حركة طالبان إلى السلطة. السبب الرئيسي هو وضع تحذيرات على احتياطي البنك المركزي من قبل الولايات المتحدة”.

ويضيف هناك حديث متواصل وبطرق مباشرة وغير مباشرة مع الإدارة الأميركية لرفع هذه التحذيرات، وهناك توافق على تقديم المساعدات الإنسانية قبيل قدوم الشتاء، وفعلا قمنا بدفع راتب شهر لجميع الموظفين”.

أسواق عشوائية
وإذا كان فتح هذه الأسواق العشوائية التي أقيمت على الشوارع قد أثرت على السوق الرئيسي في العاصمة، إلا أنها وفرت فرصة عمل لعدد من الناس الذين يساعدون التجار في نقل الأثاث من المنازل، وفق متابعين.

ويقول عبد الكبير خان للجزيرة نت “في الماضي كنت أنقل خلال أسبوع واحد أثاث منزل أو منزلين، والآن يجب علي التنسيق المسبق بين من يريد نقل الأثاث إلى السوق والتاجر حيث يستقبل هذا المتجر يوميا 30 شخصا يعرض أثاث منزله للبيع”.

ويضيف خان “معظم الذين يشترون هذه الأثاث هم من قرروا البقاء في أفغانستان أو من يعيشون في ضواحي العاصمة، وغالبا ما يشترون أصنافا بأسعار زهيدة لأن كل سلعة فقدت قيمتها حوالي 75% وهم يعرفون ذلك ولكن يستغلون الوضع المعيشي للناس”.

بائع آخر طلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية يقول للجزيرة نت “عملت مدرسا في الجيش لمدة 13 عاما، لم يكن لدي خيار سوى أن أصبح بائعا للسلع المستعملة ولا أعرف هل الحكومة الجديدة ستوفر لي ولأمثالي فرصة استئناف العمل مرة أخرى”.

ويقول مصدر في الوزارة المالية للجزيرة نت “رغم الفساد وسوء الإدارة كانت الحكومة السابقة تدفع إلى نحو أكثر من 600 ألف موظف -إضافة إلى القوات العسكرية والأمنية- رواتب شهرية”.

وبحسب المتحدث ذاته يشير التقرير الأخير للأمم المتحدة إلى أن 97% من السكان قد يصبحون تحت خط الفقر بحلول منتصف العام المقبل 2022 ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية، في حين يعيش حاليا 72% من الأفغان تحت خط الفقر. لذلك على الحكومة الجديدة معالجة البطالة ودفع الرواتب الشهرية لجميع الموظفين لوضع حد لمعاناة الناس، وفق ما يؤكده المصدر ذاته.

المصدر : الجزيرة